بقدر ما كان شريط «خيل الله» لمخرجه نبيل عيوش بمستوى فني يحمل جمالية الصورة وتقنية التصوير وحبكة السيناريو المقتبس من رواية «نجوم سيدي مومن» للكاتب ماحي بين بين، والتي اشترى حقوقها المخرج. كما يتمثل ذلك في إدارة الممثلين الذي أبانوا على تلقائية عالية في الأداء، والذين استطاعوا إيصال العوالم الدفينة للشخصيات، فضلا عن أن الفيلم يسلط الضوء على حدث مؤلم عاشه جميع المغاربة والمتمثل في العمليات الإرهابية في 16 ماي 2003، بحيث حاول المخرج أن يعيد شريط الأحداث وكيف وصل أولائك الشبان إلى أن يفجروا أنفسهم، انتقاما لأوضاعهم المعيشية المزرية و لانسياقهم وراء تفسيرات خاطئة للإسلام وللجهاد (المشار إليه في العنوان) . بقدر ما كان ذلك، بقدر ما جاءت بعض اللقطات صادمة بكل المقاييس، لأنها تتعلق بالأطفال وتشكل خطرا على شخصيتهم. ففي الشريط يقوم طفل بممارسة الجنس على طفل آخر في مشهد مقزز (المغتصب وهو يصدر صوت الانتقام والرغبة الجنسية) و مهين للطفل الذي مورس عليه الجنس، فرغم أن العملية الجنسية لم تظهر للمشاهد، لكن كون الطفل ينهض ويرتدي سرواله من جديد فيه تجني على الأطفال الذين قاموا بالدور قبل التجني على عموم الأطفال. وهذا ضد حقوق الطفل المتفق عليها دوليا. والمخرج نبيل عيوش الذي يحمل الجنسية الفرنسية على علم بالقانون الفرنسي لحماية القاصرين (الممثلين) في السينما( 1990-1992/2009)، والذي نجد له قوانين مماثلة في أوروبا. وهذه اللقطات الصادمة لا نراها في أفلام أوروبية أو أمريكية إضافة إلى ذلك فبعض الأطفال في الفيلم يدخنون ويشربون الخمر ويستعملون لغة ساقطة ومنحطة. وهنا أتذكر كيف أن فيلم «افاتار» أثار جدلا واسعا لدى الجمهور لكونه يتضمن مشهدا تدخن فيه إحدى الشخصيات. فكيف يسمح المخرج لنفسه أن يقوم بهذه الجناية في الوقت الذي لا يجرؤ على ذلك في بلد أوربي؟ إن ما قام به المخرج يعطي الانطباع لدى المشاهد أنه يكرس صورة نمطية للفئات المهمشة والفقيرة كما يستغل أوضاعها (كما في شريطه علي زاوا) في فيلمه لإضفاء صفة الواقعية عليه. وبالتالي فالمخرج في هذا الشريط لم يراعي أولا نفسية الأطفال القاصرين الذين مثلوا في الفيلم، ولا نفسية الأطفال عموما سواء مغاربة أو غير مغاربة. على مستوى آخر، إذا كان الفيلم مغربيا واستفاد من الدعم، فالقانون المنظم للإنتاج السينمائي بالمغرب وبالضبط في الباب المخصص للاستغلال التجاري للأفلام أو التوزيع والذي تسهر عليه لجنة خاصة من طرف المركز السينمائي المغربي والتي تعطي التأشيرة، فان المادة الثامنة تنص على أن التأشيرة لا تمنح لشريط مضمونه يخل بالأخلاق العامة أو ضار للشباب. وهذا الفيلم ضار للشباب و للأطفال. فعلى من تقع المسؤولية؟ أم أن المخرج فوق أي اعتبار قانوني أو أخلاقي أو سياسي؟ وفي الأخير، صحيح أن هناك رسالة سياسية قوية لمن يهمه الآمر في ما يخص الفقر والتهميش اللذان يطالان شريحة اجتماعية واسعة، وصحيح أن هناك رؤية فنية للمخرج تحصر الأحداث في حي سيدي مومن، لكن الفيلم قدم صورة قاتمة وسيئة عن المغرب، وكأنه مصدر إرهاب ووكر للجماعات المتطرفة التي حسب الفيلم تنشط في الأحياء الفقيرة. مغيبا كل ما هو ايجابي و جميل في هذا البلد. قد يكون هذا هو ثمن الحصول على دعم خارجي بإظهار الاكلشيهات التي يحب المنتج الأوربي أن يراها أو يقدمها للمشاهد الغربي عن المجتمعات المغاربية. وعليه فان اعجابنا بالفيلم لم يخلو من طعم الصدمة التي تنضاف إلى صدمة التفجيرات الإرهابية التي لن ينساها المغاربة أبدا.