يسعى فيلم "يا خيل الله" للمخرج المغربي، نبيل عيوش، الذي توج في شتنبر الماضي بالجائزة الكبرى لمهرجان بروكسيل للسينما المتوسطية، للظفر بإحدى جوائز المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بعد دخوله غمار المسابقة الرسمية لهذه التظاهرة السينمائية. (سوري) وشهدت قاعة الوزراء بقصر المؤتمرات بمراكش، صباح أول أمس الأحد، توافد أعداد كبيرة من عشاق السينما، لمتابعة فيلم "يا خيل الله"، الذي كان٬ برأي الحاضرين، من جمهور وسينمائيين ونقاد٬ متميزا ومتكاملا ومنسجما من حيث السيناريو والحوار والصورة والصوت والإخراج، إذ خلق المتعة السينمائية المنشودة التي يصبو إليها عشاق الفن السابع٬ خاصة أن أبطاله أطفال وشباب، لم يسبق لهم أن وقفوا أمام الكاميرا. ويحاول عيوش في فيلمه البحث عن بذور التطرف في بيئة التهميش والفقر والحرمان في أحياء الفقر أو الصفيح على هامش مدينة الدارالبيضاء، في حي سيدي مومن الذي خرج منه منفذو التفجيرات والهجمات الإرهابية في 16 ماي 2003. وحصل الفيلم على تمويل فرنسي وبلجيكي لإنتاجه، إذ اشتركت في إنتاجه شركات "لو فيلم دو نوفو موند"، و"علي ان برودكشن"، و"ستون إنجيلز"، و"واي سي اليغاتور"، و"أرتميس برودكشن". وأجمع عدد من المتتبعين على أن فيلم "يا خيل الله" حقق التميز عن باقي الأفلام المشاركة في المهرجان، لأنه كان جريئا في طرح واقع معيش بعيد عن الكيلشيات٬ وأثار مجددا النقاش حول علاقة الفقر والهشاشة بالتطرف. وأكد هؤلاء، في تصريحات ل"المغربية"، أن هذا الفيلم ينقل المتتبع إلى حوادث من الإرهاب الدولي٬ إذ لم يصور نبيل عيوش قصة ميلودرامية٬ بل سلط الضوء على الأسباب التي تؤدي إلى جعل الشباب يلجأون إلى التطرف، وفي آخر المطاف إلى الإرهاب. ويرصد الفيلم، الذي صور سنة 2011، والمستوحى من رواية "نجوم سيدي مومن" للكاتب والفنان التشكيلي المغربي ماحي بينبين، على مدى ساعة ونصف الساعة٬ مسار شقيقين ورفاقهما٬ من خلال تتبع تفاصيل وضعهم الاجتماعي والمعيشي البئيس في الحي الصفيحي "سيدي مومن" بالدارالبيضاء، حيث تسود أشكال من الحرمان والعنف والضياع٬ والتهميش الاجتماعي، سرعان ما تدفع بشباب لا تتسع لهم الحياة إلى التطرف والموت. وحسب عدد من النقاد السينمائيين، فإن فيلم "يا خيل الله"٬ يقترب في نهجه وأسلوبه السينمائي وطبيعة الموضوع الذي يعالجه، من عمل عيوش السابق "علي زاوا" (2000)، الذي أكسبه شهرة واسعة٬ وتناول واقع التهميش في قلب الدارالبيضاء، من خلال معايشة بعض أطفال الشوارع في المدينة. ويربط الكثير من الباحثين واقع الفقر والتهميش والجهل وغياب التعليم بولادة التعصب والتطرف بشتى أشكاله وبشكل خاص التطرف الديني. وظل نبيل عيوش، المزداد سنة 1969، بالعاصمة الفرنسية باريس، مخرجا مثيرا للجدل في سياق السينما المغربية، فبعد فيلمه الروائي الأول "مكتوب" سنة 1997 أحد أنجح أفلامه، الذي نال عنه عددا من الجوائز، منها جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (مناصفة)، أخرج سنة 2000 فيلمه الثاني "علي زاوا" عن حياة أطفال الشوارع بالدارالبيضاء معتمدا الأسلوب ذاته في اختيار أناس عاديين وليس ممثلين محترفين لتجسيد أدوار فيلمه، كما صور مشاهد منه في حي سيدي مومن ذاته، واستفاد من تجربته في هذا الفيلم في تنفيذ فيلمه الأخير "يا خيل الله". وخلال سنة 2002، أثار فيلمه "لحظة ظلام" انتقادات كبيرة للمشاهد الجنسية فيه والمثلية الجنسية، ولم يعرض الفيلم في القاعات السينمائية، بعد رفض المخرج حذف هذه المشاهد من فيلمه، ويتناول حيرة شرطي شاب يحقق في جريمة مخدرات بين صديقته المتحولة جنسيا والمشتبه الرئيسي فيه بهذه القضية، كما أخرج فيلما وثائقيا سنة 2011 يحمل عنوان "أرضي"، تضمن مقابلات أجراها في الأراضي الفلسطينية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.