قال فؤاد الدويري وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، في إطار تنويع مصادر الطاقة ببلادنا، «إن المغرب بصدد دراسة جميع الإمكانيات المتاحة من أجل تعزيز مساهمة الغاز الطبيعي في الميزان الطاقي الوطني إذ من المرتقب، حسب السيناريو الذي سيتم اعتماده، أن يتم اللجوء إلى الغاز الطبيعي في قطاع إنتاج الكهرباء والصناعة وهو ما سيتطلب إنجاز بنيات تحتية لاستقبال ونقل وتوزيع الغاز الطبيعي». وفي ما يلي نص الحوار: ● وقعتم مؤخرا على ميثاق الطاقة، ما هي القيمة المضافة التي ستقدمها هذه الخطوة لسياسة الاقتصاد الطاقي في المغرب؟ ❍ ميثاق الطاقة خارطة طريق في غاية الأهمية بالنسبة للتعاون في مجال الطاقة، و ينطوي على منافع متعدّدة الجوانب والأوجه، إذ يحدّد بشكل تفصيلي الأهداف والمبادئ الرئيسة للتعاون في مجال الطاقة بين الأطراف الموقعة عليه. ويغطّي ميثاق الطاقة بشكل شامل المصادر الأساسية للطاقة، ومن ضمن ذلك الطاقات المتجدّدةً، بالإضافة أنه يقدّم أيضا إطاراً واضحاً لمجالات التعاون المحتمل، مشجعا الأطراف الموقعة عليه على تنسيق سياسات الطاقة المحلية والإقليمية والدولية الخاصّة بها. وتجدر الإشارة إلى أن ميثاق الطاقة يعتبر الوثيقة الدولية الوحيدة التي تتناول قضايا الطاقة بذات القدر من الشمولية و من البراغماتية العملية. بالإضافة إلى أنه يمهّد السبيل أمام نشوء وارتقاء تحالفات سياسية واقتصادية بين دول ذات خلفيات ثقافية واقتصادية وقانونية مختلفة، وبالخصوص التي تتقاسم التزاماً مشتركاً في تحقيق أهداف الميثاق وتنفيذ مبادئه. أما بالنسبة للمغرب الذي يواجه تحديات متعددة تتمثل بالأساس في التقليص من التبعية الطاقية التي تقدر ب 95،5 %، توفير الأمن الطاقي لبلادنا في ظروف تتميز بندرة الموارد الطاقية الأحفورية التقليدية، تلبية الحاجيات المتزايدة من الطاقة (5% كمعدل لنمو الطاقة الأولية في السنة) وتعبئة الاستثمارات اللازمة (ما يقارب 130 مليار درهم بالنسبة للخمس السنوات المقبلة)، فإنه من الأهمية بإمكان جذب المستثمرين الخواص وإعطاء الضمانات الكافية فيما يتعلق بتوضيح الرؤية بالنسبة لهؤلاء وضمان استقرار الإطار القانوني في هذا المجال. من هنا تأتي مصلحة المغرب في توقيع إعلان ميثاق الطاقة، إذ يمكن التعاون الدولي من جعل بعض المشاريع ذات جدوى اقتصادية بالنظر لحجم الاستثمار الذي يوفره، وذلك عبر ضمان الحجم المناسب على الصعيد الجهوي عوض الاقتصار على الصعيد الوطني لبلد واحد، وكذا المساهمة في تطوير الصناعة والتكوين والبحث. ويعد ميثاق الطاقة بمثابة اتفاق متعدد الأطراف فريد من نوعه لأنه يجمع بين الدول المستوردة والمصدرة وكذا دول العبور الطاقي حول المبادئ القوية، وهي: فتح الأسواق والمساواة بين الفاعلين وضمان الاستثمار واحترام السيادات الوطنية للدول والأخذ بعين الاعتبار مبدأ التنمية المستدامة. وكما تعلمون فقد بلور المغرب استراتيجية طاقية طموحة تتطلب، من أجل دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية ببلادنا، استثمارات كبيرة جدا تقدر بحوالي 130 مليار درهم بالنسبة لقطاع الكهرباء فقط، خلال الخمس سنوات المقبلة. وقد اخترنا أن يتم إنجاز معظم هذه الاستثمارات في إطار الإنتاج التعاقدي بمشاركة القطاع الخاص و في إطار التعاون الدولي كذلك. وبالتالي فإن مشاركتنا في إعلان ميثاق الطاقة تعطي لبلادنا، بالإضافة إلى تقوية التعاون الدولي في ميدان الطاقة، الرؤية المستقبلية الواضحة من أجل جلب المستثمرين الدوليين، كما تشكل بالنسبة للمغرب الإطار الملائم للتعريف بالظروف الجد محفزة الاستثمار الدولي، وبالتالي التقليص من نسبة المخاطر ة المرتبطة بالاستثمار الخارجي. ● ما هي الإكراهات التي قد تواجهها إستراتيجية وزارتكم هذا الإطار؟ ❍ إن ميثاق الطاقة هو بمثابة إعلان سياسي. يتماشي مع رؤيتنا الإستراتيجية لتطوير التعاون الدولي، وهو ما يحثنا ويستوجب منا المضي قدما وبخطوات ثابتة نحو فتح وتحرير أسواقنا الطاقية. فميثاق الطاقة يحدّد أهدافاً ومعايير واضحة للتعاون في قطاع الطاقة بين الدول، بغرض تنسيق سياسات الطاقة المحلية، والإقليمية، والدولية. ويعتبر الميثاق أيضاً مرجعية لمواصلة الحوار على قدم المساواة» بين منتجي الطاقة ومستهلكيها و دول العبور. ولكن بالرغم من كون هذا الميثاق وثيقة سياسية ذات أهمية، إلا أنه ليس اتفاقية أو معاهدة ملزمة قانونياً، بمعنى أنه لا يضفي بذاته على الموقعين عليه حقوقاً وواجبات قانونية.. ● كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن خطة إنتاج الطاقة الكهربائية، ما هي أهم الأهداف التي سطرتها الوزارة في هذه الخطة؟ وبكم يقدر حجم استثمارات الدولة في هذا المجال؟ ❍ من أجل مواكبة التزايد المرتقب على الطلب الكهربائي خلال السنوات المقبلة، تمت بلورة مخطط التجهيز الكهربائي للفترة الممتدة ما بين 2012 و2016 يخص الرفع من قدرات الإنتاج وفقا للإستراتيجية الطاقية الوطنية التي تضع تأمين تزويد البلاد بالطاقة الكهربائية وتطوير الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية على رأس أولوياتها. ويشمل هذا المخطط إنجاز قدرة إضافية تفوق 4900 ميكاواط خلال الفترة الممتدة ما بين 2013 و 2016 تمثل مصادر الطاقات المتجددة فيها أزيد من 50%. ويتضمن البرنامج الاستثماري لهذه الفترة إنجاز منشآت لنقل وتوزيع الكهرباء بغلاف مالي يقارب 24 مليار درهم. وبذلك سيبلغ الاستثمار الإجمالي لهذه المنشآت ما يقارب 130 مليار درهم، يتم إنجاز أكثر من ثلثي هذه الاستثمارات في إطار الإنتاج التعاقدي بمشاركة القطاع الخاص. وهكذا، عرفت سنة 2012، انتقاء الشركة المنفذة للشطر الأول من المحطة الشمسية لورززات بقدرة 160 ميكاواط كمرحلة أولى من المخطط الشمسي المغربي الذي تبلغ قدرته المنشأة 2000 ميكاواط، بعد إجراء مناقصة دولية, و سيتم تشغيل هذه المحطة بكاملها في أفق 2015. كما أسند كذلك، لمجموعة دولية بناء الحقل الريحي لتازة بقدرة 150 ميكاواط، والذي سيتم إنجازه سنة 2014، وهو أول حقل سينجز في إطار البرنامج الريحي المندمج ضمن قدرة إجمالية تصل إلى 1000 ميكاواط بشراكة بين القطاع الخاص والعام. وسيتم إدراج 850 ميكاواط دفعة واحدة بالنسبة للمشروع المغربي المندمج للطاقة الريحية، في طلب عروض خاص وذلك قصد توضيح الرؤية لدى المستثمرين لتحفيزهم على تطوير تصنيع مكونات تجهيزات الطاقة الريحية في المغرب. وفي مجال الطاقة الكهرومائية، فإن وسائل الإنتاج ستتعزز بمشروعين كهرومائيين يهمان مركب المنزل - مدز ومحطة الضخ لعبد المومن بقدرة إجمالية تصل إلى 520 ميكاواط. واللذان يوجدان في طور الإعداد التقني والمالي. ومع الانتهاء من إنجاز هذه البرامج، سنحصل على 42% من القدرة الكهربائية المنشأة الإجمالية التي ستكون من مصادر طاقية متجددة في أفق 2020.وفي إطار تنويع مصادر الطاقة، فإن المغرب بصدد دراسة جميع الإمكانيات المتاحة من أجل تعزيز مساهمة الغاز الطبيعي في الميزان الطاقي الوطني. وهكذا، فإنه من المرتقب، حسب السيناريو الذي سيتم اعتماده، أن يتم اللجوء إلى الغاز الطبيعي في قطاع إنتاج الكهرباء والصناعة وهو ما سيتطلب إنجاز بنيات تحتية لاستقبال ونقل وتوزيع الغاز الطبيعي. ● من خلال العلاقات الدولية التي انخرطت فيها وزارتكم في مجال الطاقة والطاقات المتجددة أساسا، على ماذا تراهنون في جلب الاستثمارات الكبرى وضمان تطورها، وماذا أعدت الوزارة في هذا الجانب؟ ❍ تشكل المشاريع الطاقية التي يقوم المغرب بتطويرها في الوقت الراهن، بما في ذلك المشروعان المندمجان للطاقة الشمسية والريحية، فرصا حقيقية عديدة لإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص، وتنطوي على انخراط أكبر للقطاع الخاص وجميع الفاعلين المعنيين بتطوير قطاع الطاقة ببلادنا، سواء على مستوى التنمية الصناعية والابتكار التكنولوجي وتنمية المهارات أو غير ذلك. وسيتم إنجاز مشاريع المخطط الشمسي المغربي وغالبية المشاريع التي تدخل ضمن البرنامج المندمج للطاقة الريحية، في إطار الإنتاج التعاقدي للكهرباء باللجوء إلى مسطرة طلبات العروض الدولية من أجل ضمان التنافسية الضرورية لمثل هذه المشاريع إلى جانب تعبئة جميع آليات التمويل الممكنة. ويبقى الهاجس الأكبر هو السعي لتوفير التمويل الأمثل لهذه المشاريع (قروض ميسرة، تصدير جزء من الطاقة الخضراء المنتجة، إذا لزم الأمر). وفي هذا الصدد، أود أن أشير إلى الاهتمام الكبير الذي توليه معظم المؤسسات المالية الرئيسية الوطنية أو الدولية لهذه المشاريع. وفي سياق هذه الشراكات بين القطاعين العام والخاص، من المتوقع إنشاء شركات لإنجاز واستغلال المشاريع المعنية بمساهمة صندوق الحسن الثاني وشركة الاستثمارات الطاقية والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب أو الوكالة المغربية للطاقة الشمسية وكذلك بساهمة الشركاء الاستراتيجيين الذين سيسند إليهم إنجاز هذه المشاريع. ويبقى الهدف الأسمى هو الاستفادة من خبرات كل طرف: فنيا واقتصاديا وماليا مع تعبئة جميع فرص التمويل. وكما لا يخفى عليكم، لن يتأتى لهذه المشاريع جذب المستثمرين إلا إذا تم اعتماد إطار مؤسسي ملائم مع ارتهان هذه الجاذبية لحجم الاستثمار والربحية والمردودية المحتملة. ففي واقع الأمر، للمغرب تجربة هامة وتاريخ حافل بالمشاريع الناجحة المنجزة في إطار الإنتاج التعاقدي للكهرباء. فهذا من شأنه، إلى جانب الأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية المعتمدة، أن يمكن من تطوير وتنفيذ هذه المشاريع الجديدة في ظروف مواتية وإعطاء المزيد من الضمانات للمستثمرين. فعلى سبيل المثال، بالنسبة لمشروع المحطة الشمسية لورزازات، فقد تم اختيار كونسورسيوم تقوده الشركة الدولية لمشاريع الطاقة والمياه (أكوا) السعودية الذي فاز بعقد لبناء الشطر الأول من هذه المحطة بقدرة 160 ميكاواط. وتم هذا الاختيار على أساس مدى احترام دفاتر التحملات والشروط التقنية والمالية والاقتصادية للمشروع. ويعكس مستوى السعر المعروض وضوح المسطرة المتبعة ونوعية هيكلة المشروع وحسن تدبير المخاطر المالية وغيرها التي تحيط به. ● هل ستساهم مشاريع الحقول الشمسية والهوائية في تلبية حاجيات الأسر المغربية من الطاقة التي ستنتجها، أم أنها ستوجه إلى الخارج؟ ❍ إن مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة التي يقوم المغرب بتطويرها أو إنجازها في الوقت الراهن هي موجهة بالأساس لتلبية حاجيات السوق الوطنية من الطاقة الكهربائية. إذ أن مخطط التجهيز الكهربائي لوسائل الإنتاج خلال السنوات المقبلة يأخذ بعين الاعتبار جل هذه المنشآت سواء منها الريحية أو الشمسية أو الكهرومائية. ومع ذلك فهذا لا يمنع إمكانية تصدير الطاقة الكهربائية المنتجة انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة في حال توفر الظروف التقنية والاقتصادية المواتية والمجدية. وهذا يحيلنا على مقتضيات القانون المتعلق بالطاقات المتجددة التي تنص على أنه يجوز لمستغل منشأة تنتج الطاقة الكهربائية انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة، الموصولة بالشبكة الكهربائية الوطنية ذات الجهد المتوسط أو الجهد العالي أو الجهد جد العالي، تصدير الكهرباء المنتجة بعد الاستشارة التقنية لمسير الشبكة الكهربائية الوطنية للنقل. ● لماذا ظل المغرب يستورد الكهرباء في الوقت الذي ينتجه من خلال الشبكة الواسعة من السدود التي يتوفر عليها؟ ❍ بلغ الطلب على الطاقة الكهربائية سنة 2011 ما مجموعه 28.750 جيكاواط ساعة وتمت تلبيته بواسطة الكهرباء الحرارية ومحطات الطاقات المتجددة بما فيما ذلك الطاقة الكهرومائية بالإضافة إلى اللجوء إلى الاستيراد، ولم تساهم الطاقة الكهرمائية، التي تنتجها شبكة السدود التي يتوفر عليها المغرب، في تغطية هذا الطلب إلا بنسبة لا تتجاوز 7 بالمائة. وعليه، فهذا ما يفسر اللجوء إلى وسائل الإنتاج الأخرى مع استيراد الطاقة الكهربائية من الدول المجاورة (اسبانيا أساسا). إلا أن اللجوء إلى الاستيراد يتم في إطار اقتصادي يجري فيه التحكيم بين تشغيل بعض محطات الإنتاج أو استيراد الطاقة الكهربائية من اسبانيا في حالة إذا ما كان سعر الاقتناء أجدى وأفضل من تكلفة الكهرباء المنتجة من طرف هذه المحطات. قطاع الماء ● في ظل الطلب المتزايد على الماء، كيف تواجه الحكومة الحالية ندرة المياه بعد سنوات الجفاف التي عاشتها مختلف جهات المغرب؟ ❍ شهدت بلادنا خلال العقود الثلاثة الأخيرة 20 سنة تميزت بخصاص شديد في الماء، تخللتها ثلاث فترات جافة دامت كل واحدة منها أربع سنوات. غير أن بلادنا بفضل تبنيها، منذ نهاية الستينيات من القرن الماضي، سياسة مائية استباقية، استطاعت الانخراط بشكل حكيم، في مسلسل التحكم في الموارد المائية عن طريق إنجاز منشآت مائية كبرى لتعبئة المياه السطحية المتاحة في السنوات الممطرة لاستعمالها خلال السنوات الجافة، وكذا إنجاز آلاف الآبار والأثقاب لاستخراج المياه الجوفية. وقد ساهمت هذه المنجزات بشكل كبير في تنمية العرض من الموارد المائية من أجل تلبية الحاجيات المتزايدة للبلاد من الماء سواء الشروب أو الصناعي وكذا تنمية قطاع الري على نطاق واسع، بالإضافة إلى إنتاج الطاقة الكهرمائية وحماية السكان والممتلكات من أخطار الفيضانات. وبالموازاة مع هذه المكتسبات تم وضع برنامج عمل يهدف إلى حماية الموارد المائية والتأقلم مع التغيرات المناخية،إضافة إلى متابعة إصلاح الإطار التشريعي والقانوني ودعم البحث العلمي. ● هل يتوفر المغرب على خريطة مائية تشمل جميع الأقاليم؟ وهل المغرب مهدد بندرة الماء من جراء الجفاف والتغيرات المناخية؟ ❍ يتوفر المغرب على خرائط مائية تغطي جميع أقاليم المملكة منها خرائط المياه الجوفية وخرائط المياه السطحية و الشبكات الهيدرغرافية و كذا خرائط جودة المياه. هذه الخرائط يتم إعدادها انطلاقا من المعطيات الطبيعية، كالطبوغرافيا والجيولوجيا، ومعطيات شبكات قياس وتتبع الموارد المائية، ويتغير شكلها بتغير هذه المعطيات. ويقدر معدل الموارد المائية ببلادنا ب 22 مليار متر مكعب في السنة، أي ما يعادل حوالي 700 متر مكعب للفرد في السنة. و قد كانت هذه النسبة تقدر سنة 1960 ب 2560 متر مكعب للفرد في السنة، ومن المرتقب أن تصل إلى 580 متر مكعب للفرد في السنة في أفق 2030، ما يعني أن حصة الفرد في انخفاض مستمر. وهذا الوضع راجع بالأساس إلى كون المغرب، علاوة على مناخه الشبه جاف ذو التساقطات المطرية غير المنتظمة في الزمان والمكان، يقع في أشد المناطق تأثرا بالتغيرات المناخية، الشيء الذي ينذر بانخفاض كميات هذه التساقطات، خاصة مع تزايد حدة الظواهر القصوى، التي تترتب عنها فترات جفاف طويلة نسبيا تتخللها فترات ممطرة قصيرة وحادة قد تؤدي إلى فيضانات كارثية. وتدعيما للامركزية في تدبير الموارد المائية على صعيد التراب الوطني، تم خلق 9 وكالات للأحواض المائية تجسد المقاربة التشاركية والتشاورية بينها وبين مختلف المتدخلين في ميدان الماء. ولحماية هذه الموارد المائية من التلوث والاستنزاف ولضمان الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب على الماء، خاصة مع التطور الإقتصاي والإجتماعي التي تشهده بلادنا، قامت الوزارة سنة 2009، وبتعاون مع جميع المتدخلين، بإعداد الإستراتيجية الوطنية للماء لأفق 2030، والتي حددت عدة مخططات للعمل و تدابير من شأنها التحكم في الطلب على الماء عبر برامج طموحة لإقتصاده وتثمينه من جهة و تدبير وتنمية العرض منه، بمواصلة تعبئة المياه السطحية واللجوء إلى الموارد المائية غير التقليدية كتحلية مياه البحر، وكذا إعادة استعمال المياه العادمة بعد تنقيتها في سقي المناطق الخضراء وري المزروعات القابلة لذلك من جهة أخرى. ● ما هي الاجراءات التي اتخذتها الوزارة للحد من قذف مياه الصرف الصحي بالبحر في العديد من المدن المغربية؟ ❍ يقدر حجم المياه العادمة الملقاة في الوسط الطبيعي ببلادنا ب 820 مليون م3 سنويا، 64 % منها ترمى في البحر، إضافة إلى المقذوفات الصناعية، مما يعرض الساكنة المجاورة وكذا المستعملين للشواطئ إلى أخطار صحية و بيئية. وهذا القطاع كان يعرف إلى حدود سنة 2005 تأخرا واضحا مقارنة مع الماء الشروب، حيث كان معدل المياه المعالجة لا يتعدى 8% آنذاك. ولتدارك التأخر الحاصل والعمل على تحسين الوضعية فان السلطات العمومية وضعت سنة 2005 برنامجا وطنيا للتطهير السائل يهدف الرفع من نسبة الربط بشبكة التطهير السائل إلى 75% ثم 100% على التوالي في أفق 2016 و2030، وكذا الرفع من نسبة معالجة المياه العادمة إلى 40% ثم 100% على التوالي في أفق 2016 و2030. وبفضل هذا البرنامج، فإن عدد محطات المعالجة في تزايد مستمر حيث يبلغ حاليا 62 محطة (14 منها توجد على الساحل) و من المرتقب أن يرتفع عددها إلى 200 محطة سنة 2016 و250 سنة 2020. كما أن نسبتي الربط بالشبكة ومعالجة المياه العادمة قد بلغتا على التوالي حوالي 72% و 25%. وتم تجهيز بعض المدن الشاطئية من طرف الفاعلين المعنيين بقنوات لقذف المياه العادمة داخل البحر بعد المعالجة القبلية، الشيء الذي سيحسن من جودة الشواطئ كما هو الحال بالنسبة لمدينتي الرباط وطنجة. وفي ظل ندرة المياه، تقوم الوزارة حاليا بدراسة استراتيجية إعادة استعمال المياه العادمة بعد معالجتها بإشراك جميع المتدخلين للاستفادة من هذا المورد المائي المهم الذي تمثله المياه العادمة المقذوفة في البحر . ● أصبحت الفيضانات خلال السنوات الاخيرة تهدد مجموعة من المناطق في مختلف جهات الغرب، كيف تدبر الوزارة هذه المخاطر؟ ❍ تكاثرت ظاهرة الفيضانات خلال السنوات الأخيرة، مخلفة عدة خسائر كالفيضانات الاستثنائية التي عرفها سهل الغرب خلال سنوات 2008 الى 2010. وتتفاقم حدة هذه الفيضانات بسبب عدة عوامل كالبناء في المناطق الأكثر حساسية وعرضة للفيضانات بما فيها الملك العام المائي، عدم صيانة مجاري المياه وضعف تصريف بعض القنوات و المنشآت الفنية. ووعيا بخطورة الفيضانات وعواقبها السلبية، ومن أجل معالجة جذرية لها، تم خلال سنة 2002 دراسة المخطط الوطني للحماية من الفيضانات، الذي مكن من جرد 400 موقع مهدد بالفيضانات و تصنيفها حسب مختلف المشاكل والأخطار على الصعيد الوطني، حيث تبين أن حوالي 50 موقعا تتميز بخطورة عالية، وتم وضع برنامج عمل على المدى المتوسط والبعيد وتقييم الاستثمارات الضرورية للإنجاز ووضع آليات التمويل الملائمة بتكلفة تبلغ 25 مليار درهم. شرعت الوزارة ابتداء من سنة 2003 في تفعيل هذا المخطط بشراكة مع وزارة الداخلية وعدد من المتدخلين المعنيين، وذلك بإنجاز مجموعة من العمليات المهيكلة لحماية المناطق المهددة بالفيضانات حيث تم انجاز أشغال الحماية ب 100 موقعا مهددا. وتقوم حاليا الوزارة بتحيين دراسة المخطط الوطني للحماية من الفيضانات بإشراك جميع المتدخلين وذلك للأخذ بعين الاعتبار النقط السوداء الجديدة. ونظرا للدور الذي تلعبه السدود في التقليص من أضرار الفيضانات عن طريق تصفيح الحمولات، تقوم مصالح الوزارة باتخاذ إجراءات استباقية، حيث يتم تخصيص أحجام فارغة للحمولات قصد حماية المناطق الواقعة بالسافلة من الفيضانات. كما تقوم الوزارة بتعزيز قدرات الانذار المبكر والاشعار بالحمولات وذلك عن طريق تطوير وتدعيم برامج توقعات الأرصاد الجوية وكذلك الأدوات التقنية لاتخاذ القرار من أنظمة لتوقع الحمولات وسيلانها وذلك بالتنسيق مع السلطات المعنية لاتخاذ الإجراءات الضرورية لاجتناب أو التقليص من الخسائر.