إن الاستقلالية التنظيمية لا تمنع من تبني المشروع المجتمعي للحركة، والانطلاق من مرجعيتها الإسلامية، وإقامة علاقة تشاركية أو تعاقدية سواء مع الحركة أو مع مشاريع مجتمعية. فالارتباط بالمشروع المجتمعي، وتحديد الرؤية مسألة حيوية في أي عمل استراتيجي وفي إقامة البناء المجتمعي، وتحديد الرؤية مسألة حيوية في أي عمل استراتيجي، وفي إقامة البناء المجتمعي العام. وهذا لا ينطبق على العمل المدني للحركة فقط، بل هو ينطبق على كثير من الهيئات العاملة في المجتمع. ومن ثم ينبغي تحقيق مبدأي التكامل والاندماج في بناء المشروع الإسلامي. فالجمعيات والتخصصات الطفولية والنسائية والتنموية وغيرها، تتكامل في أعمالها داخل المشروع و تندمج فيه (عمل مندمج في المشروع) دون حاجة إلى تبعية تنظيمية. فهيئاتها لها كامل الاستقلالية في التسيير والتخطيط والتدبير. وإن اختيار هذه التخصصات والجمعيات لمشروع مجتمعي ما يجعلها «تسهم في بناء وإيجاد دينامية قوية في الفعل المجتمعي العام، وتترك الفرصة أمام اختيارات متعددة. وهذا هو جوهر الديموقراطية التمثيلية، التي تجعل رهانات الفاعلية في الإنجاز. وفي نفس الوقت تسمح للمجتمع باختيار الأصلح من بين المشاريع المجتمعية المتدافعة. وهذا يعني أن من حق مؤسسات المجتمع المدني أن تختار مرجعيتها، وتعلن عن طبيعة مشروعها الاجتماعي الذي تندمج فيه، وتتخذه أساسا ومنطلقا للتنافس والتدافع في عملها الإصلاحي، فالله عز وجل يقول: ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين»سورة البقرة 249، إن المصابرة والفاعلية في التدافع هي في العمق عامل نماء وارتقاء وتوسيع وتحصين. فبالتدافع يتوسع المجال الحيوي وتتحقق الأهداف. وبالإضافة إلى ما سبق؛ فإن الاستقلالية في المجتمع المدني التي غالبا ما تفهم بوصفها استقلالية عن الدولة أو السلطة، لا تعني بالضرورة أن تكون العلاقة علاقة رفض ومعارضة ومواجهة، بل «إن العلاقة النموذجية التي ينبغي أن تكون بين المجتمع المدني والهيئات الحكومية هي علاقة التعاون والتكامل؛ إذ إن تحقيق النهضة الشاملة يتطلب تعاون الجميع في إبداع الأفكار وخلق المبادرات وتحقيق الإنجازات. وحيث إنه من الضروري وجود دولة قوية تقوم على مؤسسات دستورية ذات تمثيلية حقيقية، وتصون سيادة الوطن فإنه من الضروري أيضا وجود مجتمع مدني حيوي وفعال ومنتج، وحامل لمشاريع مجتمعية متنوعة تساهم في خلق التنافس الإيجابي والتدافع الفكري. وإن مساندة حركة التوحيد والإصلاح لأي مؤسسة سواء كانت رسمية تابعة للدولة أو غير رسمية، فذلك ينبع من كون المشروع المجتمعي الذي تتبناه أوسع من التنظيم، وهو مشروع إقامة الدين وإصلاح المجتمع بل إنها تعتبر الانتماء للمشروع مقدما على الانتماء للتنظيم. وهذا يؤدي إلى تعدد دوائر الانتماء في إطار وحدة المشروع. فلما ينخرط العضو أو المتعاطف أو غيرهما في مجال من مجالات المشروع، يكون حسب استعداداته ومؤهلاته فيتسع المجال الحيوي للتدين داخل المجتمع بكل أفراده وفئاته ومؤسساته، فتترسخ البدائل في المجتمع وتتفتح القدرات الإبداعية، وهنا تتعزز قوة المبادرة والانخراط الذاتي بعد الاستيعاب الواعي للمشروع والالتزام به، وتأسيس المسؤولية على المحفزات الإيمانية والسننية، مع الاعتماد على التأهيل والتكوين المستمر. بعض المراجع: الرسالية في العمل الإسلامي، لمحمد الحمداوي