استعرض رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي، السبت الماضي في نيويورك، دينامية تطور الإصلاحات الديمقراطية التي اعتمدها المغرب منذ نهاية التسعينات. وقال اليزمي، في اجتماع حول موضوع «الربيع العربي والدسترة في الشرق الأوسط»، إن «المغرب اختار منذ نهاية التسعينات تكريس مسلسل توطيد دولة الحق والقانون والمؤسسات، وهو ما توج باعتماد دستور متقدم عن طريق الاستفتاء عام 2011». ونظم هذا اللقاء، الذي يستمر يومين، من قبل كلية الحقوق فوردهام بنيويورك والمعهد الأوروبي العربي، الذي يوجد مقره في غرناطة، بدعم من الجامعة الأميركية في نيو إنغلاند. وأبرز اليزمي، الذي كان يتحدث في إطار مناقشة حول « البنية الدستورية «، الدينامية التي أحاطت بالإصلاح الدستوري في المغرب، والخطوات المختلفة التي اتخذتها المغرب قبل اعتماد الدستور الجديد. واستشهد في هذا الصدد بإصلاح مدونة الأسرة، التي تعتبر نتاج نقاش طويل على المستوى الوطني، والاعتراف بالتعددية الإثنية الثقافية من خلال إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وهيئة الإنصاف والمصالحة. وذكر اليزمي أن هذه المبادرات الرئيسية الثلاث من الإصلاحات السياسية بدأت عام 1999، وكان هدفها الأساسي تكريس « المساواة والتعددية والحقوق المدنية والسياسية». وأبرز أنه في سياق التغييرات المسجلة في المملكة يمكن الإشارة أيضا إلى إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي تحول إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مشيرا في هذا الصدد إلى الإنجازات التي تعتبر مؤشرات لالتزام المغرب بخياراته، خصوصا من خلال إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تعتبر مشروعا يهدف إلى تطوير تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالمملكة إضافة إلى فتح حوار وطني حول الجهوية. وذكر أن المغرب أنشأ أيضا المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي دشن آلية تضطلع بدور حماية ودعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمغاربة، مبرزا أن كل هذه التدابير سبقت الربيع العربي، وهيأت الطريق لإصلاح الدستور. وقال في هذا الصدد إن « عام 2011 شهد الإسراع في وتيرة الإصلاحات» التي توجت باعتماد الدستور الجديد الذي يشكل « ميثاقا حقيقيا للحريات والحقوق الأساسية». وأوضح أن هناك « ما لا يقل عن 60 مادة مكرسة لحقوق الإنسان» من بين ال180 التي يتضمنها الدستور الجديد، الذي يعتبر نتاج نقاش وطني واسع في سياق الديمقراطية التشاركية. وأبرز اليزمي أن « النقاش المكثف خلال عملية صياغة الدستور أدت إلى إعداد أكثر من 200 مذكرة « صادرة من الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني. وأكد أن المغرب يتمتع حاليا بالاستقرار السياسي ويتطور بعزم على طريق الديمقراطية، مشيرا مع ذلك إلى أن التحدي الرئيسي الذي يواجهه هو « التنفيذ المواطن لأحكام الدستور». وعقد هذا اللقاء، الذي حضرته شخصيات سياسية من العالم العربي، وخبراء وأكاديميين، في إطار الدينامية التي يشهدها العالم العربي والجهود المبذولة لتعزيز التطور الديمقراطي، خاصة في بلدان تونس ومصر وليبيا التي بدأت عملية لمراجعة دساتيرها.