ذكرت بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن و المرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وهي تستحضر الظرفية التي يناقش فيها موضوع تدبير الميزانية العامة واحتياجات النساء على هامش اللقاء الدراسي الذي نظمته منظمة "نساء العدالة والتنمية" أول أمس الأحد بالرباط، على أن ميزانية سنة 2012 جاءت في ظروف خاصة جدا، إذ إن المدة الزمنية المالية الضرورية لم تكن كافية لتنزيل مضمون هذه الميزانية، موضحة بأن الحكومة لم تبدأ الاشتغال فعليا انطلاقا من قانون المالية للسنة التي ستباشر فيه أعمالها إلا ما بعد شهر مارس الماضي، وبعده مباشرة بدأت في تهيئ ميزانية السنة الحالية، وهذا كله كان ضاغطا على الحكومة لكي تهيأ الميزانية بالمواصفات التي تريد -حسب الحقاوي-. وقياسا على القطاع الذي تتحمل فيه الوزيرة المسؤولية، واعتبارا لهذه المعطيات، أضافت بالقول "الميزانية السابقة نتحمل فيها مسؤولية جزئية جدا، أما الميزانية الجديدة فنتحمل فيها المسؤولية ولكنها لا تترجم كل طموحاتنا". مشيرة إلى أن الوزارة بذلت مجهودا استثنائيا لكي تنجز ميزانية تترجم محاور الاستراتيجية. رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية، أكدت في افتتاحها للقاء الدراسي حول "تدبير الميزانية العامة واحتياجات النساء"، على أن دافع تناول هذا الموضوع يأتي من كون النظر في الميزانية بالبعد الذي يعني احتياجات المرأة له أهميته خصوصا بالنسبة للنساء، مشيرة إلى أن طرح هذا الموضوع يعني النظر في الفوارق بين النساء والرجال، وفي التهميش الذي تعانيه المرأة، وكذا في لاديمقراطية الأنظمة المالية، والموقع الحقيقي للمرأة في الميزانية، لأنه لا يمكن التجند لتحقيق الإنصاف والمساواة، إذا لم تكن هناك ميزانية مسخرة لهذا الموضوع. والدستور جاء لكي يكرس هذه القيم ويدفعنا لمأسستها –تضيف الحقاوي-، مشيرة إلى أن "الديمقراطية لا يمكن أن تنتعش أو تتطور في ظل الفساد ولا في ظل الهدر المالي وهدر الجهود البشرية والوقت ولا في ظل عدم الوضوح، وفي أعقاب ذلك قالت "لذلك فالعمل على تأسيس مناخ جديد تحكمه الحكامة والشفافية والوضوح هو الذي يمكن من تنزيل هذه القيم التي جاء بها الدستور، التي تعتبر محفزا لكي نناقش موضوع "جندرة" الميزانية وأن نخلق المناخ الذي يمكن من تحقيق الديمقراطية والتي ستستفيد في ظله جميع الفئات المهمشة". من جانبه، قدم توفيق بوقوس عضو فريق إعداد ميزانية النوع الاجتماعي بوزارة المالية والاقتصاد، عرضا عن تجربة المغرب في إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في الميزانية من أجل ضمان نجاح السياسات العمومية. وتناول من جهة أخرى طرق إعداد وتنفيذ وتقييم هذه الميزانية التي قال بأنها تحرص على الاستجابة بشكل منصف للحاجيات الآنية، كما تسعى للتخفيف من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الموجودة بين مختلف الفئات الاجتماعية وتفعيل الإنصاف والعدالة الاجتماعية. من جهة أخرى، تناول محمد كريم الأستاذ الجامعي، والخبير المالي، "آليات وآفاق تطوير تجربة المغرب في تدبير ميزانية مستجيبة لاحتياجات النساء"، وفي تفاصيل الموضوع شدد على أن النظام الموازناتي والمحاسباتي بالمغرب من الناحية الشكلية يحتوي جميع مكونات النظام العصري، لكن للدخول إلى تفاصيله يلزم التخصص. قبل أن يؤكد على ضرورة تقوية قدرات جميع أطر وزارة المالية والقطاعات المعنية التي ينبغي تطوير خبراتها لكي تستوعب الكم الهائل من الإصلاحات الموازناتية القادمة من المؤسسات ومن المنظمات الحكومية الدولية ووكالات التنمية الدولية. وعن مقاربة النوع وهو العنوان الكبير لمداخلته، لاحظ محمد كريم أنه رغم التقدم الشكلي الحاصل في الموضوع، إلا أن مقاربة النوع تظل خارج تغطية النظام المحاسباتي والموازناتي، وفي جميع المراحل (إعداد القانون المالي، التصويت والتنفيذ)، لا توجد مقاربة النوع إلا في ذلك التقرير عن النوع الذي يتم إصداره بمناسبة مناقشة مشروع الميزانية وبمؤشرات معزولة. كما سجل بأنه لا ذكر للنوع الاجتماعي في تبويب الميزانية بكل أنواعه (تبويب إداري–تبويب وظيفي– تبويب اقتصادي). ومن جهة أخرى دعا الأستاذ الجامعي إلى ضرورة إخراج القانون التنظيمي للمالية إلى حيز الوجود. في محور التجارب الدولية المتقدمة، أعطت بابا أحمد فاطمة الزهراء ممثلة وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، المتفق عليه دوليا في كل مرحلة كإجراءات وكروح للميزانية المستجيبة للنوع، وفي نفس الوقت وقفت عند أمثلة استثنائية نموذجية توجه في مسار الاشتغال. وبعد طرحها لأهم الأسئلة التي تطرح في التقييم، ختمت مداخلتها بخلاصات بصدد العوامل المساهمة في إنجاح ميزانية مستجيبة للنوع الاجتماعي.