في سياق التفاعل مع مشروع القانون المالي لسنة 2013، الذي قدم نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، خطوطه العريضة أمام البرلمان، قبل حوالي أسبوعين، نظمت "مجموعة العمل من أجل ميزانية مستجيبة للنوع الاجتماعي"، يوم الثلاثاء المنصرم، لقاء وطنيا، قدمت خلاله ملاحظاتها بشأن المشروع. وسجلت خديجة الرباح، باسم مجموعة العمل من أجل ميزانية مستجيبة للنوع الاجتماعي، في مداخلة لها، عدم استعمال اللغة التي تشير إلى النساء والرجال كما وردت في صياغة الدستور، وأيضا عدم استعمال لغة المساواة ومناهضة التمييز، إلى جانب محاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية، وعدم استعمال لغة حقوقية غير قابلة للتجزئة كما وردت في الدستور، مثل المشاركة والمساواة ومنع التمييز، وغياب مؤشرات واضحة. وقالت الفاعلة الجمعوية في اللقاء، الذي نظم تحت شعار "نحن نساهم في مراكمة الثروة ولسنا مسؤولات عن الأزمة والعجز والمديونية"، إن "المذكرة التقديمية للمشروع جرى تصديرها بمدخل عام يوضح التوجهات الأساسية في إعداد المشروع، والمتجلية في التوجهات الملكية والبرنامج الحكومي، كما وضحت المذكرة الهدف من مشروع قانون المالية، والمتمثل في تقوية وتجديد النموذج الاقتصادي والاجتماعي". واعتبرت الرباح "غياب الإشارة إلى مواكبة وتثمين الإصلاحات التي عرفتها الميزانية الوطنية منذ 2002، والمتمثلة في الاعتماد على التدبير المتمركز على النتائج والمستجيب للنوع الاجتماعي، معطى أساسيا، وقع تغييبه أو نسيانه في مذكرة تقديم مشروع قانون المالية ل 2013". وواصلت الرباح مشيرة إلى "إغفال أهم التوجهات العامة والمتجلية في إعمال الدستور والقانون التنظيمي للمالية، الذي هو قيد الإصلاح، وصيرورة إصلاح الميزانية وتقليص الفجوات بين الرجال والنساء". وقالت الرباح "وقع التركيز على توضيح مجموعة من المعطيات المتعلقة بالميزانية العامة (النفقات – الموارد) والحسابات الخصوصية للخزينة، وجرى تناول هذه المعطيات مقارنة مع معطيات قانون المالية لسنة 2012"، وأضافت أن "مصاريف الميزانية العامة عرفت تقدما، مقارنة مع توزيع مصاريف السنة الماضية، إلا أن ميزانية التسيير تستأثر بأكثر من ثلثي الميزانية العامة، بنسبة 67 في المائة، أما نفقات الاستثمار فقد تراجعت عن السنة الماضية وبلغت 19.8 في المائة، بينما خصصت 13.2 في المائة من مجموع النفقات لتسديد الديون القابلة للاستهلاك والدين.."، وسجلت في السياق ذاته أنه جرى إغفال بأن الميزانية العامة لها أثر مختلف بالنسبة للرجال والنساء، ولعل أثرها المباشر يتبين من خلال توزيع النفقات وتحصيل الموارد". كما سجلت أن "مجموع مداخيل الميزانية العامة المرتبط بالمداخل الجبائية، سواء المباشرة أو غير المباشرة، لا تفرق بين الغني والفقير ولا بين الرجال والنساء، خاصة الضريبة على القيمة المضافة، التي لا تراعي التراكم والثروة الناتجة عن اقتصاد النذرة ومجموع الدور الإنجابي". وسجلت مجموعة العمل من أجل ميزانية مستجيبة للنوع الاجتماعي أن "تقليص الفجوات النوعية بين النساء والرجال واستحضار المساواة، ليست مسألة أولوية وغير حاضرة في صلب المعادلة المالية، لأن مشروع قانون المالية لم يعتمد، أثناء تحضيره، على تقييم أثر النفقات والموارد على كل من الرجال والنساء، والأخذ بعين الاعتبار طبيعة العلاقات الموجودة بين الرجال والنساء استحضار الأدوار وغياب التكافؤ بين الأدوار، التي يقوم بها كل الرجال والنساء،. واعتبرت أن هناك أسئلة أساسية كان يفترض أن يجيب عليها مشروع قانون المالية، حددتها في "هل ستستفيد النساء والرجال وبالشكل نفسه من الاقتصاد الوطني التنافسي والمنتج للثروة ولفرص الشغل، وهل جرى الاعتماد على تدابير التمييز الإيجابي في هذا المجال لتقليص التفاوتات الموجودة في القطاعات المرتبطة به، وهل يجري استحضار المساواة ومنع التمييز وكافة أشكال العنف، وبشكل عرضاني، كما وردت في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والبروتوكول الاختياري التابع لها، في محور تنمية الرأسمال البشري، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وهل سيحصل إدماج مقاربة النوع الاجتماعي، وكل القضايا المرتبطة بالمساواة بين الرجال والنساء، في مختلف القوانين والقوانين التنظيمية المرتبطة بالتحديث المؤسساتي والإصلاحات الهيكلية المرتبطة بتحسين آليات الحكامة ومن أجل عدالة جبائية، وهل سيجري استحضار العدالة الاجتماعية والمساواة والنوع الاجتماعي، إلى جانب التوازنات الماكرو اقتصادية". من جهته، اعتبر نجيب أقصبي، أستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، والخبير الاقتصادي، أن أهم رقم في الاقتصاد المغربي هو مستوى المحصول الزراعي، وقال "في بلد مثل المغرب، لا يتوفر على بترول، أو ريع إيجابي، وتتحدد مداخيله أساسا من الضرائب، الاقتراض يصبح هيكليا"، واعتبر أن الاقتصاد المغربي مبني على الهشاشة، مشددا على أن معدل النمو المحدد في 5،4 في المائة غير مضمون، لكن معدل النفقات مضمونة، موضحا أن الاقتصاد الوطني مرتبط، إلى جانب المحصول الزراعي، بسعر البترول ومدى استقرار صرف العملة. وذهبت غيثة الحاتمي، مستشارة قانونية واقتصادية، في السياق الذي سارت فيه خديجة الرباح، مبرزة أن مشروع القانون المالي لم يأت بأي جديد، وأنه بعيد عن تبني ميزانية مستجيبة للنوع الاجتماعي. يشار إلى أن مجموعة العمل من أجل ميزانية مستجيبة للنوع الاجتماعي تأسست سنة 2008، وتضم سكرتاريتها حركة بدائل مواطنة، والجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، والنسيج الجمعوي للتنمية، وجمعية مبادرات لحماية حقوق النساء، والجمعية المغربية للتضامن والتنمية، والألفية الثالثة للتنمية وحماية الطفولة، ولجنة دعم تمدرس الفتيات القرويات.