قالت دراسة حديثة لمركز الدراسات والأبحاث الجنائية، الذي تشرف عليه مديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل والحريات، أن أي إصلاح للعدالة الجنائية بالمغرب، "يفترض بالضرورة وجود اختلالات وعيوب ونواقص في أجهزتها ومساطرها"، وتوقف المركز عند 14 مكمنا من مكامن الخلل، التي تشتكي منها العدالة الجنائية. وحسب الدراسة التي تتوفر "التجديد" على نسخة منها، فإن الاختلالات ال14 المرصودة هي، "التضخم والاكتظاظ"، و"البطء وتدني الجودة"، و"انعدام الأمن القضائي"، و"تعقد المساطر"، و"نقص الشفافية"، و"الرشوة والمحسوبية"، و"ضعف التأطير"، و"التعامل الآلي مع النصوص القانونية"، و"ضعف وقدم الإدراة القضائية"، و"قدم المنظومة القضائية"، و"ضعف تواصل أجهزة العدالة مع المتقاضين والرأي العام"، و"نقص الإمكانات"، و"ضعف تأهيل مهن العدالة الجنائية"، و"إشكالات التبليغٌ والتنفيذ". وقالت الدراسة بأن "الاجتهاد القضائي يتميز بالتباين بالنسبة لنفس النوع من القضايا، مما يؤثر على الأمن القضائي للمواطن والمتقاضي، ويفقدهم الثقة المفترضة في النظام القضائي"، تقول الدراسة، التي أقرت أيضا بأن "المحاكم المغربية ترزح تحت وطأة التضخم"، وبلغ المعدل السنوي للقضايا الزجرية المسجلة بالمحاكم خلال العشر سنوات الأخيرة، حوالي مليون و428 ألف و619 قضية سنوية، بما يمثل 55 بالمائة من مجموع القضايا المسجلة بالمحاكم. ورأت الدراسة أن "الرشوة والمحسوبية تعتبر من أخطر المشاكل والأمراض التي يعاني منها جهاز العدالة الجنائية"، وهي من بين "العوامل الأساسية التي تؤدي إلى انعدام الثقة في نظام العدالة". وعلاقة بإشكالات تنفيذ الأحكام القضائية، أفادت دراسة أعدها نفس المركز بالتعاون مع مديرية الميزانية والمراقبة، بأن الغرامات المنفذة خلال العشرين سنة الماضية، (أي منذ تأسيس صندوق الغرامات سنة 1993 وإلى حدود يونيو 2012)، بلغت حوالي مليارين و31 مليون درهم، بما يمثل 33 بالمائة من مجموع الغرامات المتحملة المقدرة بنحو ستة ملايير و23 مليون درهم. من جهة أخرى، أفادت معطيات مديرية الشؤون الجنائية والعفو التي قدمت الجمعة الماضية بفاس، خلال الندوة الجهوية الخامسة حول إصلاح منظومة العدالة، بأنه "رغم الطابع الاستثنائي لتدبير الاعتقال الاحتياطي، فإن الواقع يعكس اللجوء المفرط إليه على مستوى الممارسة القضائية"، وأفادت بأن عدد المعتقلين الاحتياطيين بلغ نهاية سنة 2011، 27 ألف و470 من أصل مجموع السجناء الذي يصل إلى 64 ألف و833، (42 بالمائة من مجموع السجناء)، مشيرا إلى وجود حوالي 2000 معتقل احتياطي تصدر في حقهم البراءة، وتسائلت دراسة "الاعتقال الاحتياطي"، عن وضعية هؤلاء المعتقلين لتخلص إلى القول بأن "الأمر يقتضي من المشرع مراجعة موقفه من الإفراط في الاعتماد على الحلول الزجرية لمشاكل اجتماعية، كان يمكن حلها بطرق أخرى إدارية أو اجتماعية".