أصدرت جمعية «عدالة»، الأسبوع الماضي، التقرير الأول حول العدالة بالمغرب، والذي أعدته في إطار الشراكة التي تجمع جمعية عدالة والإتحاد الأوروبي وتعاون مؤسسة فريدريك إيبرت، والجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، والجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء. وشارك في إعداد التقرير، كل من عبد العزيز النويضي رئيس جمعية عدالة، والنقيب عبد الرحيم الجامعي، وعبد اللطيف الحاتمي، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، إضافة إلى كل من محمد بنحساين ويوسف الفلاح وجميلة السيوري وعبد الإله بنعبد السلام. ويتضمن التقرير ثلاث أقسام، يتحدث الأول عن «واقع العدالة بالمغرب»، ويقدم لمحة عن التنظيم القضائي بالمغرب، من محاكم عادية ومحاكم استثنائية ومحاكم أخرى، كما يتطرق إلى الوسائل المادية والبشرية للنظام القضائي، ويستعرض أيضا الخريطة القضائية بالمغرب، والرسوم والمساعدة القضائية، وبرامج تبسيط المساطر القضائية، وتحليل استطلاع رأي المتقاضين. أما القسم الثاني، فيتوقف عند الفاعلين الأساسيين في النظام القضائي، والتكوين في مجال المهن القضائية والقانونية. وأخيرا، خصص القسم الثالث، « لاستقلال القضاء، وواقعه من منظور التقارير الوطنية والدولية»، إذ أبرز أهم المحاكمات التي تجلى فيها انعدام القضاء، ثم استعرض ما تضمنته التقارير الوطنية والدولية حول واقع العدالة بالمغرب، وملاحظات هيئات الأممالمتحدة حول ذلك. «التجديد» تنشر هذا الملف حول أهم ما جاء في التقرير المذكور، وفق أربع محاور، «الأداء القضائي للمحاكم»، «التكوين القضائي والقانوني»، «المحاكمات واستقلال القضاء»، ثم «التقارير الوطنية والدولية». الأداء القضائي..تباين بين المحاكم وغياب نسبة تنفيذ الأحكام توقف تقرير العدالة بالمغرب، عند الأداء القضائي للمحاكم العادية، وهكذا أبرز التقرير أن عدد القضايا المسجلة بالمجلس الأعلى سنة 2009 بلغت حوالي 29 ألف قضية، بينما سجل سنة 2008، نحو 36 ألف قضية، أما المعطيات المتعلقة بالأداء القضائي لمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، فتبين أنه تم تسجيل نحو مليونين و700 ألف قضية سنة 2008، مقابل مليونين و500 ألف سنة 2007، بالمقابل تم الحكم سنة 2008 في مليونين و600 ألف، مقابل مليونين و500 ألف سنة 2007، بينما بلغ عدم القضايا المخلفة، «غير المحكومة»، 715 ألف قضية سنة 2008، مقابل 705 ألف قضية سنة 2007، ليخلص التقرير أن عدد القضايا المسجلة ارتفع ب6 في المائة، في حين لم يرتفع عدد القضايا المحكومة إلا ب1.3 في المائة. ومن الخلاصات أيضا التي خلص إليها التقرير، وجود تباين في مستوى نشاط محاكم الاستئناف، حيث سجلت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء نحو 42600 قضية، وهو ما يمثل قرابة 17 في المائة من مجموع القضايا المسجلة بمحاكم الاستئناف على الصعيد الوطني، ويوازي عدد القضايا المسجلة باستئنافية البيضاء، أكثر من 20 مرة عدد القضايا بالراشيدية. فيما يتعلق بالمحاكم الابتدائية، سجل التقرير أيضا تطورا غير متكافئ بين القضايا المسجلة والقضايا المحكومة، بينما سجل نفس التباين بالمحاكم الابتدائية من حيث الأداء القضائي، حيث وبمقارنة نشاط أكبر محكمة ابتدائية ونشاط أصغر محكمة، من حيث عدد القضايا المسجلة، يتبين أن عدد القضايا المسجلة بالدار البيضاء، يوازي أكثر من 145 مرة عدد القضايا المسجلة بالمحكمة الابتدائية السمارة. وبخصوص الحصة المتوسطة السنوية المخصصة لكل قاضي على صعيد محاكم الاستئناف، والمتعلقة بالقضايا المحكومة، فبلغت سنة 2008، 308 قضية مقابل 321 سنة 2007، بينما بلغت نفس النسبة بخصوص المحاكم الابتدائية، 1228 قضية سنة 2008، مقابل 1291 قضية سنة 2007. تقرير العدالة بالمغرب، توقف أيضا عند الأداء القضائي للمحاكم الإدارية والتجارية، ومحاكم الاستئناف الإدارية والتجارية، وسجل نفس الملاحظات المتعلقة بالتباين من حيث الأداء القضائي، ثم بالتطور غير المتكافئ بين القضايا المسجلة والقضايا المحكومة. وتظل أهم خلاصة التي خلص إليها التقرير بالنسبة للأداء القضائي، كون «نسبة تنفيذ الأحكام النهائية والمدة الفاصلة بين صدور الحكم أو القرار»، يشكلان المقياس الحقيقي لتقييم فعالية ونجاعة الجهاز القضائي، ومع ذلك، يشير التقرير، «فإن الإحصائيات والمعلومات المتعلقة بنسبة تنفيذ القضايا بالمغرب، غير منشورة ومحاطة بالكتمان»، ليتسائل معدوا التقرير، عن السبب الحقيقي وراء انعدام هاته المعطيات، بين احتمال أن تكون صعوبات تقنية أو تنظيمية على مستوى الإدارة القضائية، «وهو ما يشكل مؤشرا على عدم الفعالية»، وبين أن يكون السبب «متعلق بالرغبة في التستر على هذه المعلومات، لأنها فعلا غير جيدة». التقارير الوطنية والدولية..قلق وكشف للمستور للمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية ظلت «العدالة المغربية» خلال السنوات الأخيرة، موضع تقارير ورصد عدة هيئات، سواء على مستوى المنظمات الوطنية أو الحكومية أو الدولية، وهكذا تضمنت البيانات الصادرة عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، موقفها من العدالة، خاصة بمناسبة محاكمات الصحف، حيث استنكرت الأحكام القضائية القاضية بالتضييق على الصحفيين، كما وقفت الجمعية عند غياب شروط المحاكمة العادلة في قضية بلعيرج، وخلصت الجمعية إلى أن «الوضع المتردي والخطير الذي يعيشه القضاء المغربي، بسبب عدم استقلاله ونزاهته، بالإضافة إلى تورطه في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لا يمكن رفعه سوى بقضاء مستقل لبناء دولة القانون ومجتمع المواطنة». نفس الموقف تقريبا، اتخذته المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، حيث أصدرت في دجنبر 2009 وثيقة بعنوان، «عشر تعليقات أساسية في شان قرار متعلق بمعتقلين»، خلصت فيها المنظمة إلى جرد الخروقات التي شابت محاكمة المعتقلين الستة في ملف بلعيرج، كما عبرت المنظمة عن مواقفها من محاكمة ثلاث صحفيين مغاربة في قضية تتعلق بكرامة رئيس دولة، «القذافي»، حيث لاحظت احتكام القضاء إلى عناصر ذات صلة بالعلاقات السياسية بين الدول، «عوض الاعتماد على النصوص القانونية الجاري بها العمل»،.. أما جمعية عدالة، فعبرت عن موقفها من العدالة في المغرب بمناسبة عدة قضايا، منها قضية طلبة مراكش، وقضية شكيب الخياري، ثم محمد الراجي وإبراهيم سبع الليل، حيث سجلت عدة ثغرات تعتري العمل القضائي، تتمثل في خرق مبدأ قرينة البراءة، وعدم احترام مدة الحراسة النظرية، والاعتماد على محاضر الضابطة القضائية كأساس للإدانة.. ومن المواقف التي ذكرها التقرير أيضا، الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، والمركز المغربي لحقوق الإنسان، وجمعية هيآت المحامين بالمغرب، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، ومنتدى الكرامة لحقوق الإنسان، هذا الأخير، أعلن عن موقفه من العدالة بالمغرب، من خلل المحاكمات المتعلقة بقضايا الإرهاب، حيث سجل غياب شروط المحاكمة العادلة، من خلال رفض القضاء لكل طلبات الدفاع، ورفض إحضار الشهود، كما قدم المنتدى مساهمة مكتوبة في إطار الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان، بتاريخ 20 نونبر 2007، انصبت على القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب، وعلى الاعتقال السري والتعذيب والقيود على حريات التجمع.. أما بخصوص المنظمات غير الحكومية الدولية، فقد سجلت منظمة العفو الدولية، بمناسبة محاكمة بعض الناشطين الحقوقيين، «عدم احترام المعايير الدولية للمحاكمات العادلة، من خلال الحرمان من الحق في الاتصال بمحام، واعتماد بعض الأدلة استنادا إلى مزاعم بالتعرض للتعذيب، ومنع المتهمين من استدعاء شهود الدفاع»، كما نشرت المنظمة سنة 2010، تقريرا نقديا شديد الصرامة، حول حدود نتائج هيئة الإنصاف والمصالحة، وحول «التلكؤ في تنفيذ توصياته». بدورها هيومن رايس ووتش، لاحظت «انتفاء شروط المحاكمة العادلة، واعتبرت أن القضاء المغربي لا يقيم وزنا لحرية التعبير كحق يكفله الدستور»، وفي نفس الاتجاه، ذهبت ملاحظات كل من الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، واللجنة العربية لحقوق الإنسان، ولجنة حماية الصحفيين. بالمقابل، أشار التقرير الأمريكي لسنة 2008، إلى «تأثير السياسة والفساد وعدم الكفاءة على السلطة القضائية»، ثم «احتجاز السجناء السياسيين والمجرمون غير السياسيين في نفس المرافق»، و»غياب الرعاية الصحية في السجون»، «وعدم احترام مبدأ المحاكمة العلنية»، و»عدم استقلال القضاء».. أما الاتحاد الأوروبي، فتضمنت خطة عمله مع المغرب مجموعة من التدابير ذات الصلة بالعدالة، منها «التوقيع على الاتفاقيات الدولية الأساسية وتفعيلها»، ثم «تقوية التعاون في مجال قانون الأسرة»، وكذا المساهمة في تفعيل مشروع أوروميد للتكوين القضائي لفائدة القضاة والمحامين وكتاب الضبط»، بالإضافة إلى «تبني حلول ملموسة لتفادي وحل النزاعات حول المسؤولية الأبوية خاصة ما يتعلق باختطاف الأطفال». التكوين القضائي والقانوني..اختلالات في التكوين المستمر ومناهج جامعية لا تراعي احتياجات المنظومة القضائية أسندت مهمة التكوين في مجال المهن القانونية والقضائية إلى جهتين رئيسيتين، وهما كليات الحقوق والمعهد العالي للقضاء، إذ تتولى كليات الحقوق إلى جانب بعض الكليات المتعددة الاختصاصات، تقديم تكوين قضائي يخول الحصول على شهادة الإجازة في الحقوق، ويعتبر تقرير «العدالة»، أن هذا التكوين، «يثير التساؤل حول مدى تطابق المناهج الجامعية والتخصصات المتوفرة مع احتياجات المنظومة القضائية، يقول التقرير، «من يتابع نتائج المباريات لولوج المهن القضائية والقانونية، -المحاماة والقضاء وغيرهما-، سيسمع لا محالة اضطرار اللجان المشرفة على قبول مرشحين لا يحصلون على المعدل المطلوب»، ويلاحظ التقرير قلة الدبلومات المخصصة لمجال المهن القضائية في التعليم الجامعي، وغياب التعاون بين وزارة العدل التي تشرف على المباريات والمعهد العالي للقضاء من جهة، وكليات الحقوق من جهة ثانية، وكذا غياب أساتذة كلية الحقوق عن تأطير الدروس بالمعهد، مع وجود «استثناءات قليلة»، علما أن المجلس الإداري للمعهد يضم من بين أعضائه عميدين لكليتي الحقوق والشريعة، بإمكانهما من خلال هذا المنبر للدفع بالتكوين القضائي للانفتاح على الكليات والعكس صحيح. أما بخصوص التكوين بالمعهد العالي للقضاء، فيستعرض التقرير حيثيات إحداثه، حيث انطلاقا من عملية تشخيص كلفت بها مكاتب دراسات دولية، وبتمويل من مؤسسة مالية دولية، تم الاقتناع بأنه لا يمكن أن يبقى التكوين مجرد جزء من المهام الروتينية الملقاة على عاتق الإدارة المركزية لوزارة العدل، وأن الإصلاح يمر حتما عبر فصل مهمة التكوين عن وظائف الإدارة المركزية، وهو ما تجسد سنة 2008، عندما تم تحويل المعهد الوطني للدراسات القضائية، بصفته جزء من الإدارة المركزية للوزارة، إلى مؤسسة عمومية تحمل اسم المعهد العالي للقضاء، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري. وتحدث التقرير أيضا المستحدثات الجديدة، منها مأسسة التكوين المستمر وإعادة التأهيل، ليصبحا شبه إلزاميين لكافة الأطر العاملة بالمحاكم، «قضاة وموظفين». من جهة أخرى، يستعرض التقرير عدة ملاحظات، منها أنه رغم صدور النصوص المنظمة للمعهد في صيغته الجديدة سنة 2002، ف»الإحصائيات والتقارير التي ينشرها المعهد والوزارة، تبين أن بعض المستجدات التي أتى بها القانون في مجال التكوين، لم تفعل إلا ابتداء من سنة 2005، كما هو الشأن مثلا بالنسبة لبرنامج التكوين المستمر لفائدة القضاة أو كتاب الضبط». بينما، وبعد مرور خمس سنوات على اشتغال المعهد في حلته الجديدة، يقول التقرير، «ليست هناك وثائق أو دراسات تبين وجود تقييم مرحلي لعمله خلال هذه المدة، أو تقدم ولو مؤشرات أولية لقياس مدى تفوق المسار التكويني في تجاوز سلبيات النظام القديم». ويشير التقرير إلى أن عدد الساعات غير منتظم بالنسبة للتكوين الأساسي لفائدة الملحقين القضائيين، بحيث «يتقلص من معدل ثلاث ساعات إلى ساعتين ونصف عندما يرتفع عدد المتدربين»، لدرجة أنه يمكن التناوب على استعمال القاعات نظرا لقلة الأساتذة المؤطرين. وتوقف التقرير عند اختلالات أخرى تتعلق بالتكوين المستمر، وعدم كفاية الساعات المخصصة له، ومعوقات تتعلق بتحمل المصاريف من طرف المشاركين، وانعدام ظروف الاستقبال والراحة، مما ينجم عنه غياب عن الحلقات التكوينية. وأخيرا، يشير التقرير إلى مكامن ضعف المعهد في صيغته الجديدة، منها «عدم توفره على الموارد الكافية والمتخصصة في مجال تدبير مؤسسة تكوينية»، حيث يبلغ عدد الأطر العاملة بمختلف المستويات، 40 قاضيا وموظفا، وتشكل الأطر الصغرى ما يتجاوز النصف. المحاكمات واستقلال القضاء..ملف بلعيرج وأصحاب «رسالة إلى التاريخ»وملفات الإرهاب ومحاكمات الصحافة.. تكشف انعدام استقلالية القضاء استعرض تقرير واقع العدالة بالمغرب، أهم القضايا التي تجلى فيها انعدام استقلال القضاء المغربي، وتوقف التقرير عند أهم المحاكمات ذات البعد السياسي، وذكر منها قضية بلعيرج ومختلف قضايا الإرهاب وقضايا الصحافة والمدونين المغاربة والصحافة الإلكترونية، وتحدث التقرير عن ملف المعتقلين السياسيين الستة في ملف بلعيرج، حيث أشار إلى خروقات على مستوى المرحلة التمهيدية، وخروقات أخرى على مستوى مرحلة التحقيق. واعتبر التقرير أن العشر سنوات الأخيرة، شهدت تطورات كبيرة على مستويين اثنين، وهما «الانفتاح على حرية التعبير والإنتاج الصحفي على وجه الخصوص، تجلى في تعدد الصحف اليومية والأسبوعية باللغتين العربية والفرنسية، والمستوى الثاني، ما شهده العالم بعد أحداث 11 شتنبر2001، والمغرب خصوصا بعد 16 ماي 2003، وما ترتب عن ذلك من تجاوزات وقلاقل، وضعت القضاء المغربي على محك الفلسفة التي قامت عليها هيئة الإنصاف والمصالحة، ومدى وجود إرادة سياسية حقيقية تهدف إلى القطع مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان»، يقول التقرير، «التي لم تقتصر على تجاوزات السلطات الأمنية، بل ساهم القضاء بدوره في تزكيتها بأحكامه الجاهزة، التي غضت الطرف من جهة عن ممارسات الضابطة القضائية الخارجة عن القانون، وتجاهلت من جهة أخرى حقوق الدفاع، والمبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة». وعند استعراضه لأهم القضايا التي استأثرت باهتمام الرأي العام، ذكر التقرير أولا قضية بلعيرج، والتي واكب تطوراتها سبعة عشر ناشطا من ثمان منظمات لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى المنظمات الحقوقية الوطنية، وتعرض التقرير للإختلالات المسطرية التي تدفع إلى التأكيد على انعدام استقلال القضاء في هذه القضية، من «ظروف اعتقال المتهمين الستة واعتقالهم، وانتزاع التصريحات منهم تحت الضغط والإكراه، وتعرضهم للعنف والمعاملة اللإنسانية، وغير اللائقة في المرحلة التمهيدية، والتزوير والحرمان من حقوق الدفاع في مراحل التحقيق، وانعدام استقلال القضاء، وغياب شروط المحاكمة العادلة في مرحلة الحكم». وتوقف التقرير بتفصيل عند الخروقات التي شهدتها المحاكمة على مستوى المرحلة التمهيدية ومرحلة التحقيق وأخيرا مرحلة الحكم، يشير التقرير أخيرا إلى أن المعتقلين السياسيين الخمس، تمتعوا في أبريل 2011 بعفو ملكي، اعتبره «ناقصا»، حيث لم يتمتع باقي المعتقلين في الملف بالعفو، رغم أنهم توبعوا في إطار جماعي، ورغم أنهم لم يتمتعوا بمحاكمة عادلة». ثاني القضايا التي يثيرها التقرير، تتعلق بقضية المحامين أصحاب «رسالة إلى التاريخ»، حيث وجه خمسة محامين ينتمون إلى هيأة تطوان، رسالة بتاريخ 28 يونيو 2006، وهي عبارة عن «شكاية بشأن الوضع القضائي بالمغرب»، وما أعقب ذلك من قرارات للنيابة العامة، وغرفة المشورة بمحكمة الاستئناف، انتهت بتوقيف ثلاث محامين عن ممارسة مهنة المحاماة لمدة سنتين، وتوقف التقرير عند خروقات وتجاوزات «غابت عنها شروط المحاكمة العادلة»، للمحامين الثلاثة أمام غرفة المشورة، حيث قدم الدفاع الحجج التي اعتبرها تؤكد وجود فساد في المؤسسة القضائية بتطوان، وهي الحجج التي لم تتخذ بعين الاعتبار، بل يضيف التقرير، «تأثرت غرفة المشورة بتصريحات وزير العدل آنذاك في برنامج تلفزي، وقاموا في 27 فبراير بإلغاء مقرر الحفظ الضمني، وقضوا بالتشطيب على ثلاث محامين من الموقعين على الرسالة المذكورة، وبالتوقيف عن ممارسة المهنة في حق اثنين، «وأعطى بذلك القضاء الدليل على تبعية السلطة التنفيذية وانعدام استقلاله». ومن القضايا التي توقف عندها التقرير أيضا، «قضايا الإرهاب التي شهدها المغرب منذ 16 ماي»، مبرزا أهم الملفات التي راجت أمام القضاء، واعتبر التقرير أن معالجة مختلف هاته الملفات، «اتسمت بالرغبة في الإسراع في طيها قبل فاتح أكتوبر 2003، لتفادي دخول قانون المسطرة الجنائية الجديد حيز التنفيذ، لما يتضمنه، ولأول مرة، من الحق في استئناف القرارات الجنائية، وذلك «رغبة في حرمان المتهمين في إطار قضايا الإرهاب من هذا الحق»، يقول التقرير، الذي خلص إلى أن «الأغلبية الساحقة من المتهمين، أدينوا من خلال محاكمات تخلفت فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة، وبعقوبات قاسية جدا». من جهة أخرى، تضمن التقرير، جل المحاكمات التي توبع فيها الصحفيون والمدونون، وتوقف عند كل واحدة على حدة، منها قضية قناة الجزيرة، والتي اعتبر التقرير بخصوصها، أن «هناك إخلال بالضمانات المسطرية، منها سوء تطبيق المادة 67 من قانون الصحافة، واعتبار حسن الراشدي، هو مدير النشر قياسا على الصحافة المكتوبة، بينما القناة تتوفر على مدير نشر واحد متواجد بالدوحة»، وخلص التقرير بالقول أنه «لم يثبت أن ما جاءت به الجزيرة حول أحداث سيدي إيفني، كان سببا في خلق الفزع بين الناس، والأصل أنه لا تقوم المتابعة ولا الإدانة إلا بإثبات قيامهما بالحجة والدليل»، واستعرض التقرير القضايا ال27 التي تخص الصحافة، وأفاد بأنه منذ «تولي محمد السادس العرش، قبل عشر سنوات، صدرت أحكام في حق الصحفيين المغاربة بلغت حوالي 28 سنة، وغرامات مالية قاربت مليوني أورو».