شخص مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، وضعية العدالة بالمغرب في وجود "تحديات آنية ومشاكل بنيوية، تتمثل في التضخم في عدد الوحدات القضائية، وقلة عدد القضاة، والبطء في البت في القضايا". وأوضح الوزير خلال تشخيصه لواقع العدالة بالمغرب، في كلمة أمام أعضاء هيئة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، أول أمس الاثنين، بالرباط، (أوضح) أن المغرب يشهد تضخما في عدد الوحدات القضائية، في إطار المشاكل البنيوية، التي يتعين معالجتها على مستوى التنظيم القضائي والخريطة القضائية، إذ توجد 110 محاكم موضوع، و178 مركزا للقضاة المقيمين نصفها غير مشغل، يتعين إعدادها لتفعيل قضاء القرب، بالإضافة إلى 241 محكمة للجماعات جرى حذفها، ويتعين توفير خدمات قضاء القرب بها. وتابع الرميد قائلا إن "هذا المجال يتعين عقلنته، بما لذلك من أثر على ترشيد الموارد المادية والبشرية، إذ يلاحظ التمركز الإداري على مختلف مستويات الإدارة القضائية، مع ضعف في هيكلة كتابة الضبط، واستمرار العمل بنصوص تنظيمية وإجرائية غير ملائمة". وكشف وجود 43 في المائة من السجناء رهن الاعتقال الاحتياطي، إذ بلغ عددهم 28 ألفا و500 من أصل 65 ألفا و200 نزيل، مضيفا أن عدم ترشيد الاعتقال الاحتياطي، مع نقص في تفعيل الآليات البديلة للاعتقال، يشكلان أهم المعوقات من حيث فعالية العدالة الجنائية، التي تستوجب جعل النيابة العامة آلية أساسية لتوفير الحماية، وضمان احترام ممارسة الحقوق والحريات. وبخصوص النجاعة القضائية، أبرز الوزير أن المتقاضين يعانون بطء البت في القضايا، مشيرا إلى تزايد عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم إلى 3 ملايين و372 ألفا و54 قضية سنة 2011، في حين لم يبلغ عدد القضايا المحكومة سوى مليونين و456 ألفا و469 قضية أي (بنسبة 72,85 في المائة)، وتخلف أمام محاكم الموضوع ما مجموعه 915 ألفا و305 قضايا (27,15 في المائة من القضايا الرائجة)، وظلت 20 في المائة من الأحكام دون تنفيذ، ما يوضح أن هناك تطورا غير متكافئ بين القضايا المسجلة والقضايا المحكومة وكذا الأحكام المنفذة، حسب وزير العدل. أما بخصوص تدبير الموارد البشرية، فأكد الرميد وجود 3749 قاضيا (بمعدل 12 قاضيا لكل 100 ألف نسمة) ما يشكل خصاصا في عدد القضاة، كما أن توزيعهم غير مناسب، منهم 2879 قاضيا للحكم، و870 قاضيا للنيابة العامة، بالإضافة إلى خصاص في الموارد البشرية (14588 موظفا)، ما نتج عنه انخفاض في معدل نسبة القضايا المحكومة من القضايا الرائجة. واعتبر الوزير أن ضعف الميزانية المخصصة لقطاع العدل، يؤثر سلبيا على جهود ومبادرات الإصلاح، إذ بلغت الميزانية القطاعية للوزارة سنة 2011 ما مجموعه 3 ملايير و164 مليونا و60 درهما، بما في ذلك نفقات الموظفين أي ما يشكل 1.88 في المائة من الميزانية العامة للدولة برسم سنة 2011، علما أن نفقات موظفي الوزارة تبلغ مليارين و261 مليونا و60 درهما، بينما تبلغ نفقات المعدات والنفقات المختلفة 311 مليون درهم، وميزانية الاستثمار 574 مليون درهم. وفي ما يخص البنية التحتية للعديد من المحاكم، كشف الرميد أن القصور يزيد من معاناة العاملين في القطاع وكذا المتقاضين، إذ هناك ضعف في الطاقة الاستيعابية لبنايات المحاكم (وضعية 30 محكمة على الأقل في حاجة عاجلة للمعالجة)، وخصاص في البنية التحتية المعلوماتية (50 محكمة تنتظر التحديث)، بالإضافة إلى قلة السيارات المخصصة للجلسات التنقلية، والتفتيش، والزيارات التفقدية لمخافر الضابطة القضائية والمؤسسات السجنية. واعتبر الرميد أن هذه "التحديات الآنية تتطلب الإسراع بتنزيل مقتضيات الدستور بشأن السلطة القضائية المستقلة، من خلال إعداد القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي للنظام الأساسي للقضاة، والإسراع بتحديث المنظومة القانونية".