في ظل اشتداد المواجهات بين الثوار الاحرار والقوات النظامية الأسدية، واستمرار قوات بشار في ارتكاب مجازر وتنفيذ عمليات إرهابية في حق الشعب السوري البطل، وتوالي سقوط شهداء بالمئات وجرحى بالآلاف، استجاب وفد طبي مغربي يضم 12 طبيبا من تخصصات مختلفة لنداء الإغاثة التي يوجهها السوريون إلى أحرار العالم، وأعلن الائتلاف المغربي لنصرة الشعب السوري عن توجه أولى الوفود الطبية إلى الحدود التركية السورية قبل الدخول إلى خطوط التماس، حيث تندلع مواجهات «الحسم» وتقصف مناطق العزل. ومن المفترض أن ينزل الأطباء المغاربة -الذين غادروا أرض الوطن أول أمس- في اسطنبول قبل التوجه إلى أنطاكيا حيث توجد مخيمات اللاجئين، ومن تم اختراق الحدود نحو الداخل السوري لإغاثة المرضى والجرحى. «التجديد» رافقت الوفد الطبي ساعات قبل إقلاع الطائرة نحو تركيا، وتنشر تفاصيل العد العكسي للرحلة، وترصد آخر الاستعدادات لأولى الوفود الطبية غير الرسمية المتجهة إلى أكثر مناطق العالم إراقة للدم في الوقت الراهن. اليوم الجمعة، أربع ساعات قبل إقلاع الطائرة المتجهة إلى تركيا، تجمع إثنا عشر طبيبا حاملين وزراتهم بين أيديهم وأدواتهم الطبية وكميات من الأدوية والمعدات، وعلى أكتافهم دون أن يلمسوا ذلك نعوشهم.. خلفوا ورائهم كل شيء وبدؤوا يرتبون أغراضهم انتظارا للموعد الذي طالما انتظروه منذ بداية «الجحيم». على ملامح كل واحد منهم رسمت ابتسامة عريضة، تزينها نظرات بقوة المقاتلين الشجعان، يحملون في قلوبهم رسالة الإنقاذ ويتطلعون إلى مهمة الدفاع عن الحق في الحياة، ليس لمرضى وطنهم هذه المرة بل لجرحى ومعطوبي حرب الحرية والكرامة. يعلمون جميعا، أنهم رشحوا أنفسهم بين الآلاف ليقوموا بمهمة نصرة شعب بأكمله، يحتاج إلى كل شخص قادر أن يمد يد العون بأي شكل من الأشكال، خاصة إن كانت يد طبيب ماهرة تنقذه من بين يدي الموت وتخفف عنه أي ألم، وتطمئنه أن كل عزيز على قلبه بين أيد أمينة.. كي يستمر شامخا في مسيرة «النصر». ينتمي الأطباء المتطوعون إلى تخصصات طبية مختلفة، أغلبهم جراحون وأساتذة بكليات الطب، كرسوا حياتهم من أجل مهنة تتطلب الكثير من التضحيات، وبعضهم كان ضمن من أغاثوا غزة أيام العدوان الصهيوني قبل أربع سنوات، وبالتالي لهم خبرة تطبيب جرحى «القصف». يقول أيمن بوبوح المختص في الجراحة الباطنية بمستشفى ابن سينا بالرباط، وواحد من الذي زاروا قطاع غزة أيام العدوان عليها، إن للطبيب رسالة مقدسة تتمثل في التقدم نحو «الخطر» بلا خوف ودون اكتراث لما قد ينجم عن ذلك، لأن هناك أناسا في حاجة إليه وينتظرون قدومه. وأكد شاروف الطبيب الإحيائي، أن الواجب الإنساني جعله يترك ورائه أسرته الصغيرة في انتظار عودته، كي يقدم يد العون إلى السوريين الأبطال «فمن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا». في خدمة السوريين.. ! وضع الأطباء المغاربة الأدوية والمعدات الطبية في أكياس كارطونية ثم وضع كل واحد منهم علم الثورة السورية في عنقه وجلسوا حول طاولة يرسمون طريق الرحلة المحفوفة بالخطر. تناول رضى شروف منسق الوفد الكلمة، ليذكر بالهدف الرئيسي من وراء الرحلة، والمتمثل في التخفيف من معاناة الشعب السوري وبذل قصارى الجهد من أجل مساعدة الطاقم الطبي المتواجد في خطوط التماس في إسعاف الجرحى، وأكد على أن الوفد سيكون تحت تصرف السوريين والثوار الذين يسيطرون على مناطق شاسعة من البلاد. يغادر الوفد الطبي أرض الوطن دون أن يحسموا في مسألة الدخول إلى الأراضي السورية من عدمه، لكن المؤكد أنهم سيحلون بالمخيمات الموجودة على الحدود من جهة الشمال في انتظار «دليل». وأبدى المشاركون في حديث ل»التجديد»، عن استعدادهم للوصول إلى حلب وحمص وريف دمشق ودير الزور وكل المناطق التي تشهد مواجهات، مؤكدين أن تحقيق الهدف يرتبط بالوضع على الحدود. إقلاع الطائرة.. التقط المشاركون صورة جماعية للذكرى، وحملوا أمتعتهم في اتجاه مطار الدارالبيضاء. الساعة تشير إلى الثانية عشرة زوالا، والحركة لا تكف عن التوقف، نساء ورجال وأطفال يتحركن في كل الزوايا، عمال وموظفين يسارعن الخطى لتأمين السفريات، إنه مطار محمد الخامس الكبير. تجمع الأطباء ب«كوفيتهم» المميزة في بهو المحطة الثانية بالمطار، ليصبحوا محط متابعة ورصد من لدن كل المسافرين، وكأن الكل يتسائل عن هويتهم، فالمغاربة لا يرون العلم الجديد لسوريا إلا وراء الشاشة عندما تلتقط الكاميرات حركات الجيش السوري الحر أو تحركات المدنيين. بالتأكيد إنهم سوريون غير موالين للنظام، يقول رجل في الأربعين من العمر. بدا من خلال حديثهم الذي يتعالى بين الفينة والأخرى، أن الوقفين أقرب للجنود بنظراتهم التي تحمل الكثير من الجراة، رغم أن كلا منهم يعرف في قرارات نفسه أنها قد تكون المرة الأخيرة التي يقف فيها بالمكان، وبابتسامتهم العريضة التي رسمت على محياهم أعلنوا للمسافرين أن لا خوف في قلوبهم، لأن الموت من أجل هدف نبيل لا يهز «شعرة» الكبار.. وقبل دقائق من إقلاع الطائرة، اصطف المتطوعون مرة أخرى أمام الكاميرا لالتقاط الصورة الأخيرة قبل إقلاع الطائرة، غير أن بعض المسافرين تسللوا إلى جانب الصحفيين للالتقاط صورة أيضا. بعدها لوحوا بأيديهم للعموم، ثم غادروا صوب الطائرة التي أقلعت على الساعة الواحدة والنصف لتبدأ رحلتهم الطويلة نحو منطقة «الموت». 22 ألف لاجئ سوري استفادوا من خدماته أقامت القوات المسلحة الملكية منذ العاشر من غشت الماضي، مستشفى ميدانيا بمخيم «الزعتري» للاجئين السوريين في محافظة المفرق الأردنية (شمال شرق البلاد)، وشرع المستشفى في تقديم خدمات طبية إلى الآلاف من اللاجئين، وبلغ عدد اللاجئين الذين استفادوا من خدمات المستشفى الميداني الطبي الجراحي المغربي إلى حدود يوم الجمعة الماضي، حوالي 22 ألف و136 لاجئا، وقال رئيس المستشفى البروفسور مولاي الحسن الطاهري في تصريح صحفي، إن عدد الخدمات التي قدمتها أطقم المستشفى للاجئين المقيمين في المخيم، وصلت إلى 34 ألفا و791 خدمة، شملت مختلف أنواع الفحوصات والعلاجات والعمليات الجراحية وعمليات الولادة، إضافة إلى توزيع كميات من الأدوية على المرضى والمصابين. وأوضح المتحدث، أن هذه الخدمات استفاد منها 10 آلاف و105 أطفال و6244 امرأة و5787 رجلا، مشيرا إلى أن 641 لاجئا سوريا استفادوا من خدمات الدعم السيكولوجي التي يقدمها المستشفى. وأضاف أن عدد العمليات الجراحية التي أجريت لجرحى الحرب، ارتفعت لتصل إلى 75 من أصل 116 عملية أجرتها أطقم المستشفى إلى غاية يوم أمس، وأن عدد حالات الولادة التي تمت بالمستشفى ارتفعت بدورها إلى 26 حالة، تسعة منها أجريت بعمليات قيصرية. يذكر، أن الطاقة الاستيعابية للمستشفى تصل إلى 60 سريرا، ويتكون من 75 إطارا موزعين على 28 طبيبا من 20 تخصصا و26 ممرضا وكذا 32 إطار متخصصا في الصيانة الطبية. المغرب أول دولة عربية تطرد السفير السوري طالب المغرب من السفير السوري في الرباط مغادرة أراضيها منذ منتصف شهر يوليوز الماضي، ليكون أول دولة عربية تقوم بهذه الخطوة، وجاء في بيان وزارة الخارجية التي يديرها سعد الدين العثماني، أن السفير نبيه اسماعيل أصبح «شخصا غير مرغوب فيه»، وزاد البيان، أن الوضع في سوريا لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه، معللا خطوة الطرد بفشل الجهود المبذولة لتسوية الأزمة السورية، وازدياد المجازر المروعة التي أوقعت الآلاف من الضحايا المدنيين العزل ومنهم مئات الأطفال الأبرياء. وذكر بلاغ الوزارة، أن «المملكة المغربية، التي انخرطت بجدية وديناميكية في جميع القرارات والمبادرات العربية والدولية الهادفة إلى تسوية الأزمة السورية والتي حرصت، من خلال ذلك، على إعطاء جميع الفرص لوقف العنف، تؤكد أن الوضع في سورية لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه، وتقرر مطالبة السفير السوري المعتمد لدى المملكة المغربية بمغادرة المملكة باعتباره شخصا غير مرغوب فيه». وخلف قرار الرباط طرد السفير السوري ارتياحا لدى مختلف الفعاليات المدنية والشعبية والسياسية التي كانت تنتظر مثل هذا القرار. «خلايا يقظة» لمتابعة وضعية المغاربة في سوريا شكلت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون «خلايا يقظة» بتنسيق مع الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالمغاربة بالمقيمين بالخارج، تتابع عن كثب وضعية المغاربة وما يجري في الميدان طيلة 24 ساعة، ورصدت الوزارة ميزانية لتنظيم عملية عودة المغاربة الراغبين في العودة اختيارا إلى أرض الوطن. وتمكن العشرات من المغاربة من مغادرة سوريا في اتجاه دول الجوار خاصة تركيا، واختار البعض العودة إلى المغرب على نفقته الخاصة، ويتراوح عدد أفراد الجالية المغربية المقيمة في سوريا بين 3000 و3500 مقيم.