بعد أصلي القرآن والسنة، نورد الأصول التالية، وهي: ثالثا: الإجماع الإجماع في اصطلاح العلماء هو: اتفاق العلماء المجتهدين من هذه الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على حكم شرعي في أي عصر، سواء كان في عصر الصحابة أم في غيره من العصور. والمقصود بالمجتهدين من بلغوا درجة الاجتهاد في الشريعة، سواء كانوا مجتهدين مطلقين كمالك والشافعي ومن على شاكلتهما، أو كانوا أقل من تلك الدرجة كمجتهدي المذهب ومجتهدي الفتوى. ولا يعتبر فيه وفاق العوام مع المجتهدين. كما أنه لا ينعقد إجماع مع مخالفة إمام معتبر، كابن عباس من الصحابة، والزهري من التابعين، والأوزاعي من تابعي التابعين. والإجماع المعتبر في الشريعة دليلاً، هو ما كان له مستند من كتاب، أو سنة، أو قياس. وهو ينقسم إلى قسمين: نطقي وسكوتي. فالنطقي هو أن يكون اجتماع المجتهدين على الحكم بالنطق به من كل واحد منهم. وهو على نوعين: قطعي وهو: المشاهد أو المنقول بالتواتر. وهذا هو الذي يمنع خرقه لإحداث قول زائد. وظني، وهو المنقول بخبر الآحاد وحجته ظنية. أما القسم الثاني من الإجماع فهو الإجماع السكوتي وهو: أن ينطق به بعضهم ويسكت الباقون، وهو لا يكون إلا ظنياً. - رابعاً: القياس القياس هو: حمل معلوم على معلوم لمساواته في علة الحكم عند الحامل. وهو من أهم الأصول والأدلة الإجمالية عند الأصوليين والفقهاء، ولم ينكر حجيته إلا الظاهرية، ولا اعتبار بقولهم. بل إنه يقدم على خبر الواحد عند مالك. كما أنه يجري عنده في الكفارات والمقادير والحدود كما يجري في سائر الأحكام الشرعية. ولا يجري عنده في الرخص والأسباب والشروط والموانع. وللقياس أربعة أركان لا يصح إلا بها، وهي: - الأصل: أو المقيس عليه، وهو محل الحكم المشبه به كالبُرِّ (القمح) مثلاً. - الحكم: أي حكم الأصل، كتحريم الربا في البر. - الفرع: أو المقيس، وهو محل الحكم المشبه، وهو كالأرز مثلا في قياسه على البر. - العلة: وهو الوصف الجامع بين المقيس والمقيس عليه، كالاقتيات والادخار في قياس الأرز على البر. - خامساً: عمل أهل المدينة عمل أهل المدينة أصل تفرد به المالكية دون غيرهم. والمراد به عندهم عمل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أجمع عليه الصحابة والتابعون الذين استقروا بها. لكن بشرط أن يكون في ما لا مجال للرأي فيه من الأحكام الشرعية. وقيل إن عملهم حجة مطلقاً ولو كان في حكم اجتهادي. ولا شك أن القول الأول أقوى حجيةً من القول الثاني، لأنه يصبح إجماع أهل المدينة حينئذٍ من التواتر العملي لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وإجماع أهل المدينة حجة عند المالكية لكون أهلها من الصحابة والتابعين أعرف بالوحي من غيرهم لسكناهم بمحله. وهو مقدم عندهم على خبر الآحاد، من مثل عدم عملهم بمقتضى ظاهر حديث: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"(البخاري). لمخالفة أهل المدينة له، وتأويلهم له بأن المراد افتراق الأقوال لا افتراق الأبدان. - سادساً: قول الصحابي مذهب الصحابي في مسألة حجة شرعية عند مالك. والمراد بقول الصحابي أو مذهبه: رأيه الصادر عن اجتهاده. ويشترط فيه عند مالك أن يكون منتشراً ولم يظهر له مخالف من الصحابة. لأن الصحابي ليس حجة على صحابي آخر. وقول الصحابي الذي لم يظهر له مخالف حجة على التابعي وما دونه. - سابعاً: الاستحسان الاستحسان هو: الأخذ بالمصلحة الجزئية الكائنة في مقابلة دليل كلي. أو هو: تخصيص الدليل العام بالعادة لمصلحة الناس في ذلك. وهو حجة عند مالك وأبي حنيفة وبعض الحنابلة. وأنكره الشافعي. ومثاله بالنسبة للقائلين به: استحسان جواز دخول الحمام من غير تعيين بزمن المكث وقدر الماء، مع أن الدليل الشرعي العام يمنع ذلك، لأن فيه غرراً وجهلا بالمثمن، وهو الماء ومقدار المكث. ومثاله أيضاً القول بجواز شراء الشرب من القربة من غير تعيين قدره لأنه قدر يسير معفو عنه استحساناً. (المرجع: إيصال السالك في أصول الإمام مالك. للعلامة محمد يحيى الولاتي)