يوجد مسجد القصابين بساحة جامع الفنا الشهيرة في الطريق إلى مدخل المدينة القديمة من جهة درب ضباشي، وسمي بذلك بمجاورته لسوق القصابين الذي تحول إلى سوف لتجارة الملابس والأحذية ولم يعد تزاول به مهنة القصب . ويشتهر هذا المسجد باسم «جامع خربوش» نسبة إلى أحد المحسنين الذي قام بتوسيعه وترميمه وكان يعمل أمين حنطة الزرع. ولم نجد في المراجع التاريخية المعتمدة أي ذكر لهذا المسجد بهذين الإسمين بالرغم من أنه الوحيد بالساحة الذي يبدو مشيدا على الطريقة التقليدية، وفي مقابل وجدنا في هذه المراجع مسجد يسمى «مسجد الهنا» والذي لم نجد له أثرا في لائحة المساجد لدى وزارة الأوقاف. وقد جاء في كتاب تاريخ السودان المطبوع بباريس سنة 1898 م صفحة 205 لصاحبه عبد الرحمن بن عبدالله السعدى ( 1596-1655 م ) المولود بمدينه تمبكتو. «وقد أدركت أن الأمير السلطان مولاي أحمد (الذهبي) أنشأ بناء الجامع ووضعه وضعا عجيبا، فسمي بذلك جامع الهناء، ثم انشغل عنه بترادف تلك المحن ولم يكمله حتى توفي فسمي جامع الفناء». وجاء في كتاب السياسة والمجتمع في العصر السعدي ما يلي «بدأ بناؤه في عهد احمد المنصور الذهبي، ولما تسلط الوباء على اهل المغرب..أطلق على المسجد اسم جامع الفنا(الهلاك)، ثم سميت الرحبة المجاورة له أيضا بنفس الإسم. ولا نعلم اي علاقة بين مسجد القصابين ومسجد الهنا. لمسجد القصابين ثلاث أبواب واحد يطل على السوق والثاني على الساحة وبجانبه باب الإمام ، وقد طمست بعض معالمه ، حيث زيد صحنه إلى قاعة الصلاة واختفت خصته والقرمود المحيط بالصحن الذي سقف. وحسب الروايات الشفوية لم تقم فيه صلاة الجمعة الا ابتداء من سنة 1985، ويتوفر على سبع بلاطات وخمس أساكيب، وخشب عنزته حول بعد دمج قاعة الصلاة والصحن إلى الجهة الشمالية لتشكل حاجزا بصريا بمدخل باب السوق. أما الباب الثاني فقد ارجع قليلا بعد التوسيع إلى الوراء وينزل منه إلى المسجد عبر درجات واسعة. وتقول نفس الروايات ان رحبة للملح كان بجوار المسجد ما زال أثرها ظاهرا على الجدران، أضيفت إلى الجامع ، وفيها بني جناح للنساء له مدخل خاص من داخل المسجد، وأيضا مكان للوضوء ومكان للاستفراغ به سبع غرف. أما الصومعة فيظهر من مقارنتها بصور تاريخية أنه زيد فيها أيضا، وتبدل لون صباعتها وشكله، يوجد بابها على خلاف العادة خارج المسجد، ويصعد إليها عبر درج صاعد. وما يميز هذا المسجد أنه احتفظ بعادة قديمة وهو أمر نادر في المدينة القديمة ، حيث يرفع المؤذن راية زرقاء في أعلى الصومعة بواسطة حبل وجرارة (في مساجد أخرى راية سوداء) وذلك بعد عصر كل يوم خميس ولا تبدل بأخرى بيضاء إلى قبل ساعة ونصف من آذان صلاة الجمعة، وهي لتذكير الناس بهذه الصلاة والفريضة الكبيرة، كما تستعمل لتعويض نقص وصول صوت الآذان إلى المسامع.