اعتبر المفكر الإسلامي أمحمد الطلابي الحرية في الغرب نظام رق جديد وتعني عندهم-حسبه- تحقيق شهوات الجسد دون قيد أخلاقي أو ديني ويعتبرون أي قيد في إشباع رغباتهم الشهوانية قهرا واستعبادا للبشر ولذا كسروا كل القيود الدينية والأخلاقية مما أدى إلى زواج الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، وأضاف في محاضرة تحت عنوان"الحرية الفردية دراسة مقارنة" نظمتها حركة التوحيد والإصلاح بمقرها المركزي بالرباط في إطار سلسلة الدروس الرمضانية السبت المنصرم، (أضاف) أن 50 في المائة من أطفال أمريكا وفرنسا جاءوا عن طريق الزنا ويعتبرون ذلك حرية، وأن تمشي المرأة عارية في نظرهم حرية، وتشكيل ما يسمى بالمجتمعات الطبيعانية كذلك حرية، وأبرز المتحدث أن العالم تخلص من نظام العبودية في العصر الحديث لكنه سقط في نظام عبودية لا مرئي فلسفي وفكري وشهواني، موضحا أن الإنسان عندما تنتابه شهوة ويحققها دون قيد أو شرط فهو عبد لغريزته، وعندها تفقد قيمة الحرية التي هي في خدمة قيمة الآدمية، بمعنى أنه يبدأ في توديع عالم الآدمية ليستقر مع عالم القطيع، مشيرا إلى أن دين الإسلام لم يلغ الشهوة في الإنسان لكن حدد لها ضوابط وقواعد، وهي قاعدة الحلال والحرام، مؤكدا أن الإنسان عندما تنتابه شهوة ما ويلوي عنقها ويوجهها فهو حر. وأوضح رئيس المنتدى المغربي للوسطية أن كل القيم بما فيها الحرية تتغذى من أربعة أوعية كبرى مضيفا أنها إن جفت ستجف القيمة وستنهار وهي أولا الوعاء الفلسفي وهو أساسي حسب المتحدث لتحرير مضمون القيمة وفي الغرب هو الإلحاد ونكران الغيب وفي العقيدة الإسلامية هو الإيمان، وثانيا الوعاء الغائي بمعنى الغاية من خلق هذا الإنسان، وسؤال لماذا خلق هذا الإنسان سؤال وجودي والأجوبة عليه تختلف من حضارة لأخرى وفي الغرب هناك جوابان لهذا السؤال حسب الطلابي، الجواب الأول فرعي وتمثله المدرسة الوجودية، وهو أن لا غاية للخلق من الوجود، فقد ولد الإنسان عبثا، مما دفع به فلسفيا وفكريا وثقافيا إلى التمرد، لأنه مادامت ليست له غاية في الوجود فيجب عليه أن يحددها هو ويتمرد على كل شيء بما في ذلك القيم الدينية والتنازل عن الأخلاق، والجواب المركزي لهذا السؤال هو أن الإنسان ولد من أجل تحقيق الشهوة، لذا فالإنسان الغربي يحقق الشهوة بدون قيد ولا شرط، يضيف المتحدث. وخلص الطلابي إلى أنه ولد اله في العصر الحديث وهو اله الشهوة، لافتا الانتباه إلى كون الغرب يعيش رفاها ماديا ولكن في هذه الواحة صحراء من المجاعة الروحية على حد تعبيره، وجواب هذا السؤال في الإسلام يقول الطلابي هو عبادة الله، وثالثا الوعاء السلوكي بمعنى أن كل ما يؤمن به الإنسان يجب أن يمارسه في سلوكه اليومي، لأن ممارسة العقائد حسب المتحد ث يؤدي إلى نمو القيمة وتفتقها وانتشارها، وجزء كبير من المسلمين يرتكبون العديد من الذنوب يشربون الخمر ويمارسون الربا ويأكلون أموال الدولة ويعلنون انتماءهم للدين والوطن، وهذا يضعف حزمة القيم المركزية، ورابعا الوعاء الأخلاقي وهو ليس أكثر من الضمير والأمة التي يموت فيها الضمير لابد أن تموت، يضيف الطلابي. وأشار المتحدث إلى أن الفلسفة الغربية تعرف الإنسان تارة أنه حيوان ذكي وتارة حيوان ناطق وتارة حيوان اجتماعي، في حين لا وجود لكلمة حيوان في تعريف الإسلام للإنسان، مبرزا أن ديننا الحنيف يعرف الإنسان على أنه أدمي فقط، والآدمية تمييز نوعي بينه وبين كل المخلوقات، والآدمية أقوى من الإنسانية في التعريف. وأكد القيادي الماركسي سابقا أن مفهوم الحرية الشخصية الغربية ينتهي إلى هدر الآدمية في الإنسان، بمعنى أنه يسقط من عالم الآدمية إلى عالم أخر قد يكون عالم القطيع، وهذا في تقدير الطلابي هدر لحقوق الإنسان، بل علينا في المنظومة الحقوقية الدولية اليوم يضيف المتحدث أن نعيد النظر في ما يسمى منظومة حقوق الإنسان، لأن الطفل الذي هو حصيلة الزنا تهدر حقوقه، وتساءل الطلابي هذا الطفل أليس هدرا لحقوقه عندما تقول له وفي عمره عشرين سنة من أباك وهو لا يعرف؟ ألا يتألم ويتمزق حينما لا يعرف أباه؟ لذا علينا وضع منظومة لحقوق الإنسان تصون فيه الآدمية، وأول فرق نوعي حسب الطلابي في مفهوم الحرية الشخصية في عقيدة الإسلام ومفهوم الحرية الشخصية الغربية، أن الإسلام وضع ضوابط للحرية، موضحا أن القيم الغربية الأساسية ومنها قيمة الحرية قيمة غير منضبطة قيمة منفلتة، أي ليست لها قواعد وضوابط تحكمها، لأن الغربيين لا يؤمنون بمفهوم الحدية بمعنى أنهم لا يؤمنون بقاعدة الحلال والحرام التي جاء بها الإسلام. وأبرز عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح أن الربيع الديمقراطي في البيئة الإسلامية والعربية فرض على المثقفين والمفكرين والعلماء والفقهاء ضرورة الاستعداد لملاحقة حركة التاريخ السريعة ومقاصده -حسبه - أربع وهي أولا إنتاج السلطة وإعادة توزيعها، وثانيا إنتاج الثروة وإعادة توزيعها، وثالثا إنتاج القيم القائدة وإعادة توزيعها، ورابعا إنتاج المفاهيم المركزية الفكرية القائدة وإعادة توزيعها، وهذه المقاصد يشدد الطلابي أنا علينا تحقيقها خلال العقدين المقبلين، مشيرا إلى أن عصر الربيع الديمقراطي هو بداية الانتقال من عصر الصحوة إلى عصر النهضة، مضيفا أننا ننتقل من بناء الإيمان إلى بناء العمران والسلطان، مضيفا أنه لابد من ضرورة الاجتهاد في تحديد المفاهيم المركزية لإنتاج السلطة والثروة، وهذه القضايا مطروحة اليوم على الصفوة وهي العلماء والمثقفين، وهذا لا يمكن أن ينتجه إلا الفيلسوف الفقيه مثل ابن رشد. وقال الطلابي إن الحضارة الغربية حضارة عملاقة وكثير من القيم فيها مهمة، مثلا قيمة الحرية السياسية أي الديمقراطية، ولهذا كثير من الكرامة تحققت في الغرب بسبب الحرية السياسية فالحرية السياسية في الغرب حققت كثير من الآدمية يضيف المتحدث.