من آثار معرفة اسم الله القويّ على العبد: إذا كان الله القويّ يحب العبد القويّ، فكما في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: ( المُؤْمِنُ القَوِيّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُل خَيْرٌ، احْرِصْ عَلى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ، فَلاَ تَقُل: لوْ أَنِّي فَعَلتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلكِنْ قُل: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَل، فَإِنَّ لوْ تَفْتَحُ عَمَل الشَّيْطَانِ ). فإن المؤمن تجده حريصاً على التقرب إلى الله بمحبوبٍ له. فيكون قويّاً في إيمانه، في عبادته، في علمه، في إرادته، في مهاراته، في أخذه وعطائه، وفي سائر أمور حياته التي هي كلّها لله. أمّا القوة المبنية على الظلم والطغيان والفساد في الأرض فتلك قوة مذمومة يبطش الله بأصحابها، وتلك سنة الله التي لن تجد لها تبديلاً: قال تعالى:(( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ الله الذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ )، فماذا كانت النتيجة؟(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ). وفي هذا من الأنس والمواساة للمستضعفين في الأرض من المؤمنين ما يجعلهم معَلّقين رجاءهم بالله القويّ شديد البطش بالظالمين. إذا عرف العبد ربه القويّ فإنه يلتمس العون والتسديد والتأييد في طاعة ربه وإصلاح شأنه من الله القويّ سبحانه وتعالى، لعلمه أنه لا تحوّل من حال إلى حال ولا قدرة على ذلك إلا بمعونته. ولذلك فإنه لا يغفل عن ذلك الكنز من كنوز الجنة الذي أخبره عنه نبيه صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه وهو يوصي أبا موسى الأشعريّ رضي الله عنه: (ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال:"لا حول ولا قوة إلا بالله"). وليست هذه الكلمة كلمة استرجاع كما يفعله كثير من الناس إذا أُخبر بمصيبة من المصائب قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولكن كلمة الاسترجاع: أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. أما هذه فهي كلمة استعانة، إذا أردت أن يعينك الله على شيء فقل: لا حول ولا قوة إلا بالله. ولهذا قال الرجل المؤمن في قصة صاحبي الجنتين(في سورة الكهف) قال لصاحبه: }ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله{ يعني لكان خيرا لك وأبقى لجنتك ولكنه دخلها وقال }ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة } فأُعجب بها وأنكر قيام الساعة فأرسل الله عليها حسبانا من السماء فأصبحت صعيدا زلقاً{، فالمهم أن كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة تقولها أيها الإنسان عندما يُعْيِيك الشيء ويُثْقِلك وتعجز عنه، فتقولها فيُيَسّر الله لك هذا الأمر.(شرح رياض الصالحين لابن العثيمين بتصرف يسير).