منذ أول يوم فتحت فيه الحاجة خديجة منزلها، وهي تعمل كل ما في وسعها من أجل تقديم المساعدة للمرضى من النساء اللواتي يحجن إليها من مناطق بعيدة ونائية، يحملن معهن ألم مرض عضال قد لا ينفع معه دواء، وتسعى إلى خلق فضاء من المرح للترفيه عن النفس وتجاوز الضغط النفسي الذي يخلفه زيارة مستشفى مولا عبد الله باستمرار وتناول الدواء بشكل راتب، وإجراء التحاليل الطبية بشكل دوري.. ومما لا شك فيه، أن صاحبة المنزل الكائن بحي يعقوب المنصور الذي تحول إلى «وقف» يأوي أزيد من أربعين امرأة يوميا، من أكثر الناس دراية بمرض السرطان وما يخلفه من معانات حقيقية بالنسبة للمصابين بهذا الداء، وهي التي رأت أباها وأمهما وزوجها وأختها يودعون الحياة الفانية بعد معاناة مع المرض لم ينفع معه دواء.. ومن هذا المنطلق، فقد جعلت الحاجة خديجة، أول همها وأسمى هدفها هو احتضان المرضى من النساء والتخلي عن كل شيء من أجل إدخال السعادة على قلوبهم، والعمل بكل ما تستطيع من أجل شفائهن وإتباع تعليمات ونصائح الأطباء. وبعد مرور زهاء خمس سنوات عن تقديم الحاجة خديجة لمنزلها إلى المرضى من النساء القادمات من خارج العاصمة، وتحويله إلى «وقف» في سبيل الله، اكتشفت أن عدد من النساء اللواتي استفدن من الإقامة في «الدار» مدة من الزمن، شفاهن الله وتجاوزن مرحلة الخطر التي تتهدد بالمصاب بداء السرطان. دفعها ذلك إلى البحث عن طريقة للاحتفاء بهن والرفع من معنويات المريضات الأخريات، وإعطاء مثال حي عن أن الله عز وجل يشفي كثيرا من عباده المرضى بالسرطان.. قررت الحاجة رفقة المسير للجمعية، تنظيم حفل الشفاء الأول احتفاء بعشرة نساء أكد لهن الأطباء شفائهن من المرض، وخضوعهن فقط للمراقبة الطبية الدورية.. نظم الحفل يوم 17 دجنبر من السنة الماضية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بتعاون مع بعض المؤسسات الربحية التي قدمت دعما ماليا لإنجاح النشاط، ولجأت الحاجة –كالعادة- إلى عدد من المحسنين من أجل توفير كل متطلبات الحفل، حيث قدم للمحتفى بهن هدايا.. وشارك في الحفل الكبير الذي حضره جمهور غفير، عدد من الفرق الغنائية وفرقة للأمداح النبوية وفنانون قدموا لوحات فكاهية، أتحفت وأفرحت النساء المريضات، وساهمت في خلق جو احتفالي بديع. ووفقا لما أكدته الحاجة، فإن من أهم ما ميز الحفل هو الاحتفاء بطفلة تجاور النساء في «الدار»، كانت تعيش مرحلة النقاهة بعد إجرائها عملية جراحية في القلب، وتزامن الحفل مع عيد ميلادها.. إضافة إلى ذلك، تميز الحفل بتزيين شابة مصابة بداء السرطان كالعروس، تعيش زهرة شبابها وتنحدر من مدينة تازة، قبل أن تصعد إلى المنصة وتلقي كلمة مؤثرة أمام الحاضرين، جاء فيها أن المرأة رغم معاناتها مع المرض العضال فهي تملك قلبا ولها مشاعر، وأنها بإمكانها أن تتوج شأنها شأن النساء الأخريات. الحلقة القادمة: الوصية