نفى إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، أن تكون هناك أزمة اقتصادية في المغرب، مؤكدا في حوار مع «التجديد»، أن ما يمكن الحديث عنه في هذه الظرفية هي صعوبات، قال إن المغرب سيخرج منها قريبا بفضل ما أقدمت عليه الحكومة من إجراءات استعجالية وأخرى على المدى المتوسط. وأشار الأزمي إلى أن الحكومة تعاملت مع هذه الظرفية بطريقة ذكية، مشيرا إلى أن الإجراءات الاستعجالية تتمثل أساسا في تعبئة التمويلات الخارجية، وتشجيع الاستثمارات الخارجية، معتبرا ذلك من بين المؤشرات الايجابية. هذا ولم يفت الوزير التأكيد أن هناك مؤشرات إيجابية على مستوى الاقتصاد الوطني، رغم الهزات والتأثيرات الخارجية، فمؤشر الإنتاج الصناعي في تزايد وصل 3.7+ في المائة، وهي أفضل من سنة 2011، المسألة الثانية هو مؤشر القدرات الإنتاجية 75 في المائة وهو مؤشر أحسن مرة أخرى من 2011. ● كشفت الأرقام المقدمة من طرف وزير الاقتصاد والمالية، حول تنفيذ الستة أشهر من ميزانية 2012 أن الاقتصاد الوطني يواجه عدة صعوبات، كيف تقرؤون هذه الأرقام التي اعتبرها البعض صادمة، وأن الاقتصاد الوطني مهدد معها؟ ❍ بالنسبة للأرقام يجب قراءتها قراءة سياسية واقتصادية دقيقة، وفي إطار سياق معين وإلا إذا قرئت قراءة محاسبتية ضيقة ربما سيخرج منها بأنها أرقام صادمة. هذه القراءة فيها ما هو ظرفي وما هو هيكلي، هذا من جهة ومن جهة ثانية هناك قراءة للاقتصاد الوطني من الداخل ومن التأثيرات الخارجية. وعندما نتحدث عن الاقتصاد الوطني، يجب أن لا نفصله عن سياقه الإقليمي والجهوي، حيث أنه يخضع لتأثيرات خارجية قوية جدا وكلها سلبية في هذه الظرفية سواء بالطلب الخارجي الموجه للمغرب، بحكم أن أوربا تعرف أزمة عميقة جدا، وتسارعت في الشهور الأخيرة، وأن هذه الأزمة يعبر عنها نسبة النمو في الاتحاد الأوربي التي لن تتجاوز 0.3- خلال السنة المقبلة. ونسجل في هذا الإتجاه تراجع الواردات بالنسبة للدول المتقدمة والتي هي صادرات الدول الأخرى، ومن ضمنها المغرب، حيث كانت في السنة الماضية مرتفعة بنسبة 4.9 في المائة في حين لم تتجاوز 1.9 في المائة بين سنتي2011 إلى 2012. وإذا أضفنا إلى كل هذا عامل الارتفاع المهول للمواد الطاقية، فأثمنة البترول والغاز ارتفعا بشكل كبير بين سنتي 2011 و2012، فالأول بلغ الإرتفاع فيه 10 دولار للبرميل كمعدل سنوي، والغاز ب 20 دولار، والذي له تأثير مباشر على عجز الميزانية، وبالأساس عجز الميزان التجاري الذي أدى مباشرة إلى العجز في الحساب الجاري. ومن التأثيرات الخارجية كذلك إضافة إلى الظرفية الاقتصادية على المستوى الأوربي والعالمي والارتفاع المهول في المواد الطاقية والثالثة نجد كذلك ارتفاع سعر الدولار الذي وصل إلى حدود 9 دراهم، وهذه العوامل مجتمعة لها تأثيرات مباشر على التوازنات الخارجية للمغرب ولاسيما الحساب التجاري للأداء، وهذا ما اعتبرته مسالة ظرفية. أما المسألة الهيكلية والتي تعد قديمة في الإقتصاد الوطني، وهي المرتبطة بعجز الميزان التجاري والذي ينبغي ألا يكتشف المتتبعون أنه معطى جديد، والتفاقم في العجز التجاري لا علاقة له بهذه الحكومة ولا بالحكومة السابقة، فهو ناتج عن معضلة كبيرة وهي تراجع التنافسية بالنسبة للاقتصاد الوطني، والمقاولة المغربية. ● طيب السيد الوزير، أمامنا ظرفية كما قلت صعبة وتأثيرات خارجية قوية جدا وكلها سلبية، إضافة إلى الشق الهيكلي، ما هي الإجراءات التي وضعتها الحكومة للخروج من هذا الوضع؟ ❍ الحكومة تعاملت مع هذه الظرفية بطريقة ذكية، حيث إن هناك إجراءات استعجالية منها تعبئة التمويلات الخارجية، وتشجيع الاستثمارات الخارجية، وهذا من بين المؤشرات الايجابية، في مقابل ما تحدثننا عنه من سلبيات حيث أن الاستثمارات الخارجية بدأت تسترجع وتيرتها في المغرب، بعدما كنا في منحى تراجعي في الثلاثة فصول الأخيرة لسنة 2011، الآن في الفصل الأول والثاني من هذه السنة الاستثمارات الخارجية بدأت تسترجع منحاها الإيجابي. وهناك أمور تتعدى الإجابة الظرفية والسريعة على هذه المؤشرات، وهو الاشتغال على عدد من الإجراءات بعيدة المدى، وبالتالي التركيز على مدى نشاط الاقتصاد الوطني من الداخل. ● في هذا الاتجاه هل يمكننا الحديث عن مناعة لدى الاقتصاد الوطني؟ ❍ هناك مؤشرات إيجابية على مستوى الاقتصاد الوطني، رغم الهزات والتأثيرات الخارجية، فمؤشر الإنتاج الصناعي في تزايد وصل 3.7+ في المائة، وهذه نسبة أفضل بكثير من سنة 2011، المسألة الثانية هو مؤشر القدرات الإنتاجية الذي وصل 75 في المائة وهو مؤشر أحسن مرة أخرى من 2011. هذا وسنكمل سنة 2012 ب 4.5 في المائة، من الناتج الوطني غير الفلاحي، مع العمل أنه بالإضافة إلى التأثيرات الخارجية هناك تأثيرات مرتبطة بتأخر الأمطار والجفاف والذي هو تأثير ظرفي خارج عن الإرادة. ● هل هذه المعطيات التي اعتبرتها إيجابية والإجراءات المصاحبة كافية لإخراج الاقتصاد الوطني من هذه الأزمة إن صح القول؟ ❍ أنا أنفي أن تكون هناك أزمة، يمكن الحديث عن صعوبات ظرفية وبطبيعة الحال سنخرجنا من هذا الوضع، لأن التأثير الكبير الموجود هو تراجع العملة الصعبة، والحكومة عازمة على إبقاء نسبة مريحة منها، بالنسبة للاقتصاد الوطني. أمام مؤشر سوق الشغل والذي يعتبر أمرا مهما، ففي الفصل الأول من هذه السنة كان هناك مؤشر سلبي حيث فقدنا خلاله 109 ألف منصب شغل، والتي كانت في الشغل غير المؤدى عنه والمرتبط أساسا بالعالم القروي، والفلاحي خصوصا، وتم إحداث 96 ألف منصب شغل مؤدى عنه في المجال الحضري، والجديد في الأرقام أنه في الفصل الثاني من 2012 تم إحداث 112 ألف منصب شغل. أما مؤشر العجز على مستوى الميزانية، فالحكومة حريصة على تنفيذ ما جاءت به في البرنامج الحكومي، حيث أن العجز الذي وجدته الحكومة هو 6.9 في المائة من الناتج الداخلي الخام، دون احتساب عملية الخوصصة، ففي البرنامج الحكومي قلنا يجب أن نصل إلى 3 في المائة من العجز سنة 2016، وهو ما سيجعلنا نستمر في منحى إيجابي سنة 2012، وقلنا سنبقى في حدود 5 المائة، وهو ما دشناه مع الزيادة الأخيرة في المحروقات التي سنوفر من خلالها 5.7 مليار درهم، إضافة إلى ترشيد النفقات الاستهلاكية في الإدارة العمومية الذي ستأتي بعائدات تقدر ب 5 مليار درهم، وتحصيل الموارد الجبائية ولاسيما الباقي استخلاصه الذي سيصل بين 2.8 إلى 3 مليار درهم، وبالتالي مؤشرات عجز الميزانية إيجابية. ● سجل وزير الاقتصاد والمالية أن هناك تباطؤ في وتيرة إنجاز نفقات الاستثمار في المالية العمومية، ما هي أسباب هذا التباطؤ؟ ❍ هذا الأمر ليس بجديد فإنجاز الاستثمارات العمومية لم تصل في أي من الميزانيات نسبة 100 في المائة وهذه السنة كذلك، وهذا واحد من المشاكل التي تعاني منها المالية العمومية، وهذه السنة تعد استثنائية، بحكم التأخر الذي حصل في المصادقة على الميزانية، ورغم ذلك فنحن أنجزنا 40 في المائة من الميزانية، إضافة إلى أننا ما زلنا في الستة أشهر الأولى ومعلوم أن الستة أشهر الأخيرة هي التي تكون فيها وتيرة الإنجاز مرتفعة، وبالتالي ستكون نسبة الإنجاز كباقي السنوات الماضية. ● سؤال أخير هل نتوقع أن يتم التغلب على كل هذه الإشكالات خلال قانون مالية 2013؟ ❍ الإعداد لمشروع قانون مالية 2013، هو إعداد عادي لأن هذه السنة والسنة الماضية كانت استثنائية في المغرب، وبالتالي سنة 2013 لا علاقة للمسار الموجود عليه حاليا قانون المالية. ● (مقاطعا) رغم أنكم لم تعدوا بعد القانون التنظيمي المنظم لقانون المالية، ألا يطرح ذلك مشكلا بالنسبة لكم؟ ❍ لا لأن القانون التنظيمي هو مسار موازي والهدف منه هو إصلاح طريقة البرمجة والتنفيذ والمراقبة البرلمانية لقانون المالية، ونحن أقررنا مقاربة تشاركية مع البرلمان في هذا الإتجا وأعتبر أن هذا أمر عادي.