يبدو أن بقايا النظام مازالت تعبث بما بقى من الوطن دون ذرة مسؤولية أو شعور بالذنب نرى ذلك جلياً بما يحصل هذه الأيام في محافظة لحج وعاصمتها الحوطة فبعد أن أعلنت وسائل إعلام النظام سقوط محافظة أبين أواخر الشهر الماضي تحت سيطرة المسلحين ( القاعدة المفترضة ) وقد جاء هذا الإعلان بعد حديث لشهود عيان ومراقبين للوضع المحلي بأبين ، قالوا : بأن زنجبار عاصمة المحافظة قد سلمت رسمياً ودون أي مقاومة للمسلحين وأشارت بعض المصادر إلى أوامر عليا صدرت للمعسكرات و قوات الأمن بالانسحاب من منها وترك المدينة، ليروج الإعلام الرسمي بعد ذلك بسقوط زنجبار بأيدي مسلحين يتبعون القاعدة افتراضاً وهم لا يملكون سوى الأسلحة الخفيفة ويعلنون طرد القوات الحكومية بعدتها وعتادها في مشهد يثير السخرية والاستغراب معا. لتبدأ معاناة الأهالي من أبناء المحافظة للنزوح عنها طلباً للأمن و الأمان المفقودين و ترك بيوتهم تحت هاجس الخوف و في ظل غياب تام للدولة والخدمات الأساسية و تهديد إضافي من انتشار الأوبئة و الأمراض فلم يجدوا أمامهم إلا الهرب باتجاه عدن حيث أشارت التقارير إلى نزوح أكثر من ألف نازح توزعوا بين مدارس محافظة عدن و بعض بيوت الأقارب. لحج السيناريو التالي لم تنته المأساة إلى هنا وحسب حتى طالعتنا وسائل الإعلام عن هجوم لمسلحين استهدف مبنى أمن محافظة لحج في مدينة الحوطة و معسكر الأمن المركزي و فرع البنك المركزي بالمحافظة مساء الجمعة الماضي لندخل فصلاً جديداً من المسلسل الذي لا تكاد تنتهي فصوله من اللعب بالنار وأرواح و أرزاق الناس. ومثل ما صار في محافظة أبين تكرر في لحج من انسحاب للمسئولين في السلطة المحلية و الأمن حسب أوامر عليا أيضا- على ما يبدو وهذا ما أكده محافظ لحج بأن وزارة الداخلية استدعت مدير الأمن بالمحافظة إلى صنعاء قبل الهجوم المسلح بيوم ، و كذا الانتشار الأمني الموجود على مداخل المدينة ومنافذها ومع ذلك استطاع المسلحون من الدخول، الأمر الذي أثار الاستغراب والريبة بالإضافة إلى مشاهدة بعض السكان المحليين لبعض المسلحين وهم يرتادون منزل القيادي في الحزب الحاكم ياسر اليماني. المشهد الإنساني لم يغب عن واقع الحال فقد بدأت عشرات الأسر بالنزوح إلى عدن تاركة منازلها لتزداد فظاعة المأساة عند هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم ضحايا لسلطة عابثة ومسلحين بلا هوية ، لتضيف معاناة النازحين على حمل المنظمات و الجمعيات الخيرية حملاً ثقيلاً رغم الجهود المبذولة من خلال حملة الإغاثة العاجلة لكن الإمكانيات الشحيحة تصعب من الجهد الإغاثي، يحدث هذا كله وبقايا النظام مازالت تمعن في معاقبة شعب اختار العيش بكرامة و حرية ولا ندري ما تخبئه لنا الأيام القادمة من مفاجآت و سيناريوهات جديدة لفلم أصبح مفضوحاً ومكشوفاً أمام القاصي والداني. عدن ثمة مشاهد مريبة وفي محافظة عدن تعالت الدعوات و التحذيرات من تكرار سيناريو (لحج أبين) وبنفس الطريقة بعد أن ظهرت عدة مؤشرات تدل على تكرار لنفس المشهد. مطلع الأسبوع الماضي تم تفجير عبوة ناسفة في سيارة تابعة لعقيد في الجيش يدعى مطيع السياني و يعمل مديراً للإمداد باللواء مدرع و يعتقد بأن التفجير تم عن بعد، بعدها بأيام شوهدت مجاميع مسلحة تجوب بعض شوارع المدينة في عدن، تلا ذلك إعلان للأمن بعدن عن اعتقال لأشخاص يعتقد بأنهم على صلة بمسلحي أبين بالإضافة إلى قيام مسلحين مجهولين بإطلاق نار كثيف على مبنى خفر السواحل و مبنى الأمن بالمديرية و على ذلك يبدوا المشهد مفتوحاً على كل السيناريوهات المحتملة و لكن يمكن إفشالها بتكاتف الجميع أمام هذه المحاولات التدميرية من نظام أصبح في حالة موت سريري و لكنه قرر على ما يبدوا بأن يقضي على كل شيء جميل في هذا الوطن.