لو كانوا صادقين لجمعوا كلّ دليل وكلّ صورة وكلّ إفادة الشهود ولكلّفوا أطباء مختصين بالتشريح وبالطب الشرعي، بل وبفريق من الخبراء المتخصصين في الجنايات وكلّ محام شاطر من كل الربوع، لكنهم لم يفعلوا بل الفضيحة أنهم منعوا شهادتي أثناء ندوة الخميس 31 مارس حيث رفض الجمع السماح لي بالدخول في التفاصيل بعد مقدمة أوضحت فيها ملابسات المأساة. ويتحدث البعض عن التعتيم الاعلامي وهم يمارسونه فعلا وعملا. لقد أردت أن أدلي بشهادتي مهما كلّف الأمر في ما وقع بعد زوال ذلك اليوم من 20 فبراير بعد ان التقت المسيرات بالحسيمة وترك الحبل على الغارب و اختفت عناصر الأمن من المحيط وحتى مركز الأمن الاقليمي فرّ منه بعض الموظفين من خلف الادارة يقفزون وراء الحائط . لقد كتب الله لي ولأبنائي عمرا جديدا بعد أن عشنا مسلسل رعب في مربّع الموت الذي احترق وهلك فيه من هلك، فكيف أبخل بشهادة والله يقول “ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه” شهادة رفضت خلال الندوة مما يعني أن المتنفذين يريدون غير ما يعلنون، لقد تحدثت لهم باختصار: 1. بصفتي مدير موقع حزب المصباح المتاوضع والذي انطلق منذ 7 يناير 2011 ، حيث كشفت عن المنع الذي طالنا لتأدية واجب تغطية مسلسل التخريب والتدمير مع الحرق رغم الرعب وهول الكارثة، وامتد المنع بعد العصر من دخول موقعنا وطال المنع إلى ما بعد العشاء مما يعني عن أيادي خفيّة نافذة كانت وراء هذا المنع الغير المفهوم حتى يتم ما دبر له من مكر لتزول منه الجبال. 2. رغم أني التقطت صورا عن عملية التخريب وحرق الوكالات و من ثمّة المساهمة في إطفاء نار الفتنة و ما يمكن إطفاءه من حرائق بتشجيع الجيران على ذلك ودعوة الشباب اليافعين للعودة إلى رشدهم حيث بقوا يرشقون بالحجارة رجال الأمن الذي تأخّر في الوصول، حيث دامت المواجهات إلى بعد العشاء فكان الردّ منهم : هل أبدلوكم؟ “مابدرنشكوم”. والمفارقة أنّ شارع المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي كان مسرحا للمواجهات في الوقت الذي كان فيه رجال الاطفاء الذين وصلوا قبيل العشاء يطفؤون نيران وكالة البنك الشعبي. لم يطلبوا تلك الصور ولا من كان يصور هناك رغم كثرتهم ولا إفادة الجيران الذين بقوا ساهرين. 3. لقد أنجز تقرير خبرة من طرف 3 أطباء كلّفهم القضاء، جاؤوا من مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء وقاموا بتشريح الجثامين وأوضحوا أن لا تأثير لآثار التعذيب حسب تقريرهم رغم دفع البعض بمقولة مقتل هؤلاء في مخافر الشرطة ورميهم بعد ذلك قبيل الفجر بوكالة البنك الشعبي بشارع محمد الخامس لطمس الجريمة ويبقى زعم بدون دليل، حيث لا ينقض خبرة إلاّ خبرة مضادّة تكون أقوى وبوسائل أكثر تطورا وبتخصص أعلى... وليس بالصياح والعويل عبر استغلال صدمة عائلات الضحايا المكلومة والتي لم تصدق فقدان أبناءها اليافعين. 4. عند ذكر كلام محمد العوني رئيس مركز مساندة ديموقراطية الشعوب والذي اتّهم حزب السلطة وأشار بالاسم لإلياس العماري الذي تواجد بالحسيمة، عن ضلوع هؤلاء في سيناريو محبوك سلفا أعدّ على الصعيد الوطني وتشابهت الأحداث من كلميم إلى الحسيمة، صرخ أحد بيادقهم خلال الندوة مطالبا بطردي من المنصّة؟؟ ولما طالبت بتمكيني من الدخول في التفاصيل وجدت نكوسا للرؤوس وغادرت القاعة محتجا، وبلغني أنني اعتبرت عنصر تشويش والبقية تأتي. 5. لمّا ذكرت الحضور بأني لا أعترف بمنصب رئيس الجهة الذي وصل إليه بشكل سلطوي غير ديموقراطي وبالتالي فشهادته مردودة عليه وهو مسؤول بدرجة كبيرة عما جرى بعد فضيحة التراجع عن استقالته، لم نسمع بشعارات رحيل حزب الهمّة أو PAM DEGAGE كما سبق وأن رفعت لافتات تطالب بالرحيل للحزب الأغلبي... وهذا يعني أن أيادي حزب المخابرات قد نجح في تغيير بوصلة الاتجاه في الندوة حيث يعتبر إقليمالحسيمة “ملكا له” وضيعة يصول ويجول فيها كما يشاء وعازم على البقاء إلى الأبد. هذا غيض من فيض حيث كان من الواجب أداء الشهادة وما منعني أن أعرض كلّ الصور بهذا الموقع، هو غياب تقدم أي طلب سواء من العائلات المكلومة أو من هيئات وجمعيات معترف بها حيث تبقى حركة شباب 20 فبراير دون وجود قانوني وقد طالبتهم بهذا الأمر خلال اختتام مسيرة 20 مارس ، فكان الجواب من أحد رموز الحركة : أن لا داعي لذلك وأفضل أن تبقى بدون رأس ولا رجل... وهذا لعمري استهتار بتحمّل المسؤولية وما جمع عائلات الضحايا إلا وسيلة للركوب على أحزانهم خلال المسيرات والندوات واتخاذ شهداء للحركة لمزيد من المصداقية أمام الجماهير. فؤا د شعيب مهندس