دشن المكتب الجهوي للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالحسيمة ومعه بعض الجمعيات المستفيدة من تمويل برنامج جبر الضرر الجماعي بحملة مسعورة ضد مكتب فرع منتدى الحقيقة والإنصاف وذلك عبر تحريض الضحايا من خلال حملات في الأسواق والمداشر كما حدث يوم الأربعاء الفارط بجماعة سنادة حيث قام عضوات وأعضاء لجمعيات محلية وأحد المقاولين الذي رست عليه صفقة بطرق ملتوية لمشروع غرس الورود المندرج ضمن البرنامج المذكور بل وصلت الأمور إلى درجة ابتزاز الضحايا وتهديدهم وثنيهم عن الحضور في اجتماع لفرع المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف بالحسيمة المنعقد يوم السبت 15 يناير 2010 ، باستعمالهم أساليب أقل ما يقال عنها أنها دنيئة ووضيعة !! وتأتي هذه الحملة ، ودوافعها مفهومة طبعا، بعد رفض المنتدى مجاراة بعض مصاصي معاناة الضحايا في البرامج التي يقترحونها لجبر الضرر الجماعي بالحسيمة . لأننا لا نريد أن نتكر، وليس هذا من شيمنا مطلقا، للقضايا النبيلة التي ضحى من أجلها عدد كبير من المفقودين والمعتقلين السياسيين والشهداء والمنفيين وكافة الذين تعذبوا خلال سنوات القمع السياسي العنيف، في البرامج التي يقترحونها لجبر الضرر الجماعي بالحسيمة . إننا نريد في هذا البيان الوقوف عند ما نعتبره البداية المفقودة في برنامج جبر الضرر الجماعي ، حيث لا أحد يعرف ما طبيعة هذا البرنامج في صيغة المضارع وما هي أهدافه الكبرى انسجاما مع مقتضيات إعمال الإنصاف وبناء أسس عدم التكرار والمصالحة ؟ بإطلاعنا على فحوى برنامج جبر الضرر الجماعي بحلقتيه يتضح أن الدولة ليس لها أصلا برنامج لجبر الضرر الجماعي، بل الأمر يتعلق ببرامج قطاعية جرى تكييفها بكيفية ملفقة مع مشاريع جبر أضرار سنوات القمع السياسي .فمثلا ألا يعد مشروع غرس الورود بسنادة أكبر استهتار بتضحيات الذين ناضلوا من أجل أن تسود الحرية والكرامة في بلادنا وأن يرفع عنها الظلم ومختلف صنوف التحقير والإهانة ، أكثر من ذلك فكل المشاريع المبرمجة في مشروع جبر الضرر الجماعي تنطوي على نوع من التلاعب بالذاكرة وتبديد الواقع بالأكاذيب الرخيصة من قبيل غرس الزيتون ، اللوز .. دعم المسرح وتكوين الجمعويين ..فما علاقة هذه المشاريع بجبر الأضرار التي كان يفترض أن تكون محصلة تفكير عميق يصل إلى تحديد استراتيجية حقوقية متميزة لها علاقة مباشرة ، على صعيد النتائج المرجوة ، مع سياسة محو آثار سنوات الرصاص وبناء أجواء الثقة وعدم التكرار . غير أن تعثر سياسة هيئة الإنصاف والمصالحة وكذا المجلس الاستشاري في حلقات جبر الأضرار الفردية وتفعيل الإصلاحات السياسية والقانونية والتشريعية المطلوبة لتأمين عدم التكرار كان عنوانا بارزا يشي بفشل كل السياسة المنتهجة . إذ كيف يمكن للضحايا أن يستسيغوا إدراج مشاريع لجبر الضرر الجماعي هي أصلا مدرجة ضمن برامج قطاعية أخرى كالمخطط الفلاحي الجهوي للمغرب الأخضر : الورود ، الزيتون ، اللوز .. بل الأدهى من ذلك أنها مصنفة في خانة تحدي الألفية والموجهة أساسا إلى محاربة زراعة القنب الهندي !! أليس هذا قمة التلاعب بمصائر الناس واستهتارا بذكائهم. بالمقابل نعتقد في فرع المنتدى للحقيقة والإنصاف أن مئات من الشهداء وآلاف من ضحايا سنوات الرصاص التي عرفها الريف منذ سنة 1956 كان حريا بالجهات المكلفة بمتابعة الملف أن تقوم بإحصاء الشهداء والضحايا و تدوين أسمائهم وتحري الحقائق الأساسية حول هوياتهم وظروف ملابسات القمع الذي تعرضوا له وجبر أضرار كافة الضحايا أو ذوي حقوقهم سواء تقدموا بملفات لدى الهيئة أو لم يتقدموا بذلك بدل منازعتهم حول الآجال القانونية لتقديم هذه الطلبات نظرا لكون الجرائم المرتكبة لا تفنى بالزمن ،إذا كانت فعلا هذه الجهات تتوخى بناء سياسة واضحة للمستقبل الديمقراطي حيث لا مكان فيه بعد ذلك لهضم حقوق الإنسان وانتهاك كرامته وإنسانيته . وطالما لم تنتهج سياسة جادة وحوار عمومي مسئول حول قضايا على قدر كبير من الحساسية فإن الذين ينفردون بنفر من الانتهازيين والانتهازيات الراكضين وراء مصالحهم لقضم ما تيسر لهم من كعكة الدعم المخصص لجبر الأضرار الجماعية ،فإن الأمور حتما ستعود إلى نقطة البداية دون أن ينجم عن هذا المجهود أي جبر للأضرار،بقدرما سيؤدي إلى تبذير أمول عمومية في متاهات فارغة، هذا يشكل عنوان تحدي كبير سيجعل كل واحد من هؤلاء على قدر من المسؤولية في تبديد مصائر الضحايا وحتما سيتعرض للمحاسبة ونحن ما مفاكينش معهم حتى النهاية !! في 20 يناير 2011 مكتب الفرع