أصبح الزواج حلما لملايين الشباب في مجتمعاتنا بل حلم ليلة صيف سرعان ما ينجلي عن واقع مؤلم يضع العراقيل أمام حاجات الشباب الفطرية. هذه المشكلة ألقت بظلالها على الواقع الاجتماعي حتى شمر كثير من المؤسسات والأفراد عن سواعدهم للمساهمة في حل تلك المشكلة في أكثر من بلد وبأكثر من أسلوب، فأن تضئ شمعة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة وان تأخذ بيد الناس إلى الحلال. فبعد أن كان الشاب في العالم العربي يتزوج في سن 16أصبح يتأخر إلى 40 أو 45 بسبب تكاليف الزواج و الظروف الاقتصادية الصعبة أما الفتاة فتأخر سنها أيضا إلى 30 و35. ولتبيان خطورة القضية نشير إلى أن آخر عملية مسح للسكان في تونس عام 2000 كشفت عن أن نسبة غير المتزوجين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 29 سنة زادت من 71% خلال عام 1994م إلى 81% عام 2000م وأن نسبة الإناث التي تتراوح أعمارهم بين 25 و 29 سنة وصلت إلى 79.7%من مجموع هذه الفئة العمرية و بلغت نسبة العازبات منه 47.3% كذلك تشير إحصائية في مصر إلى أن نسبة العزاب قد تجاوز 9 ملايين شاب و ارتفاع سن الزواج نظراً للحالة الإقتصادية و ارتفاع المهور ما دعا عدد من نواب البرلمان المصري إلى إنشاء صندوق للزواج في مصر و الذي أخذت به بعض الدول العربية للمساهمة في تزويج عدد من الشبان الغير قادرين على تحمل تكاليف الزواج الباهظة حيث يعتبر الزواج الجماعي شكلا من أشكال التكافل الاجتماعي وهو كنظام اجتماعي عرفته مجتمعات عديدة وغالبا ما يحدث إما لعوامل اجتماعية أو ديموغرافية ( سكانية ) أو بيئية أو اقتصادية. وذلك بهدف تكوين أسر جديدة تسهم في نماء وتطور المجتمع اقتصادياً واجتماعيا. فلقد أدى إنشاء صندوق الزواج في دولة الامارات العربية المتحدة عام 1992م إلى تبني أهداف عديدة لعل من أهمها تشجيع زواج المواطنين من المواطنات وإزالة العقبات التي تواجه ذلك. فقد عزز القانون الاتحادي رقم (47) لسنة 1992 دور الصندوق للمساعدة في تكوين اسر مستقرة ومتماسكة ، وتحقيقا لأهداف الصندوق فانه بادر إلى تبني فكرة الأعراس الجماعية وذلك للتقليل من المظاهر والحد من الإنفاق التفاخري عند الزواج ، وكان الزواج الجماعي أحد أهم الصيغ المطروحة والتي لم تجد قبولا عند بداية طرحها، وبعد مرور ثلاث سنوات من إنشاء الصندوق استطاع أن يكثف نشاطه التعبوي والإرشادي في المجتمع تجاه الأعراس الجماعية وتدريجيا تم الإعداد والتنظيم لأول عرس جماعي شهدته إمارة الشارقة في العام 1999 ، تلى ذلك تنظيم الزواج الثاني في إمارة أبو ظبي. لقد تجاوبت القبائل والعشائرفي عدد من الدول العربية مع صندوق الزواج وأخذت تنافس بعضها البعض لإقامة الأعراس الجماعية وذلك قناعة منها بالآثار الإيجابية التي تحققت من الأعراس الجماعية.لقد كان لافتا للنظر دعم الأخيار من الميسورين من أبناء هذه الدول للأعراس الجماعية وتحمل نفقاتها. تكتسب الزيجات الجماعية قيمتها الاقتصادية والاجتماعية بسبب أنها تعبر عن عرف وتقاليد سادت في المجتمع في حقب التاريخ الماضية ومن ثم فان إحياء الأعراس الجماعية فيه إحياء لقيم أصيلة في المجتمع ، ففي الأعراس الجماعية تتم شراكة اجتماعية تأخذ شكل تعاون وتكافل أفراد المجتمع لإنجاح العرس الجماعي.إن الأعراس الجماعية تعمق القيم الدينية والأخلاقية في نفوس الشباب وتزيد من ترابطهم لمجتمعهم ، فضلا عن إن تفشي ظاهرة الأعراس الجماعية بين الشباب المواطنين حدت من ظاهرة الزواج بأجنبيات ، كما أنها قللت من التكاليف الباهظة التي كانت تنفق في الأعراس الجماعية الفردية ومن جهة أخرى ساعدت على تقليل العنوسة بزيادة معدلات الزواج بين الشباب المواطنين.وكذلك تتبنى بعض الجمعيات الخيرية في الجمهورية العربية السورية بتزويج عدد من الشبان سنوياً في العام بزواج خمسين شاب وشابة وتقديم هدايا ساعدتهم في تكوين قفص الزوجية وفي العراق حيث تنامت ظاهرة الزواج الجماعي المدعومة من قبل المؤسسات الخيرية وأشهرها مؤسسة الإمام السجاد عليها السلام ومؤسسة الزهراء مؤسسة محمد الأمين الخيرية ومؤسسة المعصومين الأربعة عشر العالمية حيث أخذت هذه المؤسسات على عاتقها هذه المهمة الإسلامية الكبيرة. وتنتشر المؤسسات الخيرية في ايران لدعم هذا النوع من المشاريع سعيا منها إلى توفير مستلزمات الزواج والتشجيع عليه فعلى سبيل المثال تبنت المؤسسات الخيرية هذا العام في احتفال أقيم في تسع محافظات إيرانية مراسيم زواج جماعي ل 2150 شابا وشابة تزامنا مع ذكرى ميلاد بضعة الرسول الأكرم محمد (ص) فاطمة الزهراء والذي يصادف في العشرين من شهر جمادى الثانية.وفي لبنان تقوم جمعيات أهلية سنوياً بتزويج ما بين مئة ومئة وخمسين شاباً وشابة في كل عام وتتكفل هذه الجمعيات في تحمل مصاريف العرس وتجهيز المنزل.يوفر الزواج بيئة حاضنة صحية لتنشئة الأطفال في ظلال الحب والرعاية. وقد أثبتت الدراسات التي أجريت في البلدان المتقدمة أن الزواج المستقر السعيد يهيئ خير محيط لتربية الأطفال، وأن أطفال الأسر المفككة يعانون من الشقاء والتعاسة بالمقارنة بأطفال الأسر المترابطة.