الجامعة الوطنية للصحة بمراكش تنظم يوما دراسيا حول مشروع قانون الإضراب قال العلوي كمال الكاتب العام الجامعة الوطنية للصحة بمراكش، المنضوية تحت لواء الإتحاد العام اللشغالين بالمغرب، إن" هذا المشروع ليس قانونا تنظيميا إنما هو قانون تكميلي للإضراب"، وأضاف قائلا، في يوم دراسي حول مشروع قانوني الإضراب و النقابات، نظم من طرف هيئته، يوم السبت 30 يناير 2010 بالمركز الصحي جليز،(قائلا)أن طرح هذان المشروعين، جاء "في ظروف خاصة تعرفها الساحة النقابية بين المركزيات والحكومة والمتسمة بالتوتر وشد الحبل بسبب فشل اغلب الحوارات الاجتماعية وآخر فصولها البلاغ الصادر من جانب واحد من الوزارة الأولى في شان مطالب النقابات التي لم ترقى إلى المستوى المطلوب ." و أشار، في تقرير توصلت أسيف بنسخة منه، إلى أن الحكومة تسعى من خلال طرح المشروعين إلى" تحويل انتباه واهتمام النقابات بمال الحوار الاجتماعي بل هناك من ذهب إلى ابعد من ذلك واعتبر أن أي حديث عن القانونين هو حديث سابق لأوانه وان ذلك يعتبر نقطة أساسية في جدول أعمال الحوار الاجتماعي ككل."، وزاد موضحا أن هذا المشروع شمل جل"المأجورين العاملين في القطاع العام والشبه العام والخاص .خلافا للمشاريع السابقة التي اقتصرت على الأجراء الخاضعين لمدونة الشغل ." و أكد العلوي، أن هدف الحكومة غير المعلن، من المشاريع الخمسة للقانون التنظيمي للإضراب، هو"تكبيل حق الإضراب عبر تضييق مجال ممارسته ووضع عدد من العراقيل والحواجز أمام الممارسة القانونية لحق الإضراب. وإن المشروع الرابع لقانون الإضراب، وتجاوبا مع جشع الباطرونا في هذا المجال، قد عمق أكثر المنحى التكبيلي لحق الإضراب، ناهيك عن المشروع الخامس ". و أوضح أن "حق الإضراب كجميع الحقوق العمالية هو مكسب للطبقة العاملة على المستوى الدولي وعلى المستوى الوطني جاء نتيجة لنضالات مريرة ولتضحيات جسيمة. ولم يتم الاعتراف بهذا الحق في البلدان الصناعية إلا بعد ممارسته بعشرات السنين وأصبح حق الإضراب من الحقوق الأساسية للشغيلة ولمنظماتهم قبل أن يصبح حقا من حقوق الإنسان معترف به في العهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 8 الفقرة د) المصادق عليه من طرف الأممالمتحدة في دجنبر 1966. وللتذكير فإن المغرب قد صادق على هذا العهد الذي أصبحت مقتضياته ملزمة لبلادنا منذ غشت 1979." و هو في المغرب، حق دستوري منذ الدستور الأول المصادق عليه عام 1962. ورغم ذلك فإن هذا الحق غير محمي قانونيا؛ على العكس من ذلك إن التشريع المغربي والنصوص التنظيمية يتضمنون عددا من المقتضيات الزجرية لممارسة حق الإضراب، وأهمها: الفصل 288 من القانون الجنائي، و الذي ينص على عقوبة الحبس "من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة مائة وعشرين إلى خمسة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من حمل على التوقف الجماعي عن العمل أو على الاستمرار فيه أو حاول ذلك مستعملا الإيذاء أو العنف أو التهديد أو وسائل التدليس متى كان الغرض منه هو الإجبار على رفع الأجور أو خفضها أو الإضرار بحرية الصناعة أو العمل. وإذا كان العنف أو الإيذاء أو التهديد أو التدليس قد ارتكب بناء على خطة متواطأ عليها، جاز الحكم على مرتكبي الجريمة بالمنع من الإقامة من سنتين إلى خمس سنوات".و هو الفصل الذي شكل، في نظر المتحدث نفسه، " السلاح الأساسي لأرباب العمل من أجل مواجهة الإضراب. وقد ذهب مئات العمال للسجون وفقدوا عملهم نتيجة تطبيق هذا الفصل المشؤوم الذي ظل دوما يطبق على العمال دون أن يطبق على المشغلين المنتهكين والمعرقلين لحرية العمل بالنسبة للأجراء." و قارن كمال هذا الفصل بظهير " 13 شتنبر 1938 المتعلق بتسخير الأجراء في فترة الحرب وهو القانون الذي اعتمدت عليه السلطات لإجبار الأجراء على العمل حتى في فترة السلم. وقد تم استعماله ضد عدد من السككيين المضربين عن العمل في ماي 1995." و أضاف محللا وضع الشغيلة المغربية مؤكدا على أن "الباطرونا والسلطات الحامية لمصالحها دأبت على اتخاذ العديد من التدابير لعرقلة وقمع الحق الدستوري في الإضراب، كطرد العمال المضربين بافتعال أخطاء جسيمة وفقا للفصل السادس من النظام النموذجي الذي كان معمولا به قبل مدونة الشغل، وأحيانا باعتبارهم مضربين فقط، كأن الإضراب ممارسة غير قانونية.و تشغيل عمال جدد مكان العمال المضربين، وتهريب السلعة من المؤسسة الموجودة في حالة إضراب إلى مؤسسة أخرى حتى لا يكون للإضراب أي جدوى، إلى غير ذلك من الممارسات اللاقانونية، حيث تغلق المؤسسة في وجه العمال المضربين خارج نطاق القانون، تسخير ميليشيات لتكسير الإضراب بالعنف.و خير تجلي لضرب الدستور، هو "تدخل السلطة ضد المضربين خاصة عند قيامهم باعتصام داخل أو خارج المعمل...." و خلص إلى أن "أن النقابة لا يمكن أن تكون من حيث المبدأ ضد وضع قانون تنظيمي لممارسة حق الإضراب لكن شريطة خلق بعض الشروط المناسبة لممارسة هذا الحق وأن يؤدي هذا القانون إلى ضمان ممارسة هذا الحق الإنساني والدستوري بعيدا عن الانحياز الطبقي المعهود لصف الباطرونا."، مع إستحضار الانتظارات الأساسية للنقابيين المدافعين عن حقوق العمال من القانون التنظيمي لحق الإضراب ، باعتبار حق الإضراب حق من حقوق الإنسان وحق دستوري وحق أساسي للشغيلة ولمنظماتها النقابية على مستوى المقاولة والمنطقة والجامعة المهنية والمركزية.لذا وجب ضمان هذا الحق "لأجراء القطاع الخاص والقطاع العمومي على السواء وأنه لا يمكن الحد منه إلا بالنسبة لفئات محدودة ومحددة وفي أوضاع مرتبطة بممارسة سلطة الدولة (القوات المسلحة مثلا )، والإقرار بمشروعية الإضرابات التضامنية وقطع الطريق أمام السلطة الإدارية لمنع اللجوء إلى الإضراب خارج نطاق القضاء."، و طالب المسؤول الأول عن الجامعة الوطنية للصحة بمدينة مراكش، بضرورة "توضيح مفهوم "عرقلة حرية العمل" حتى لا يفهم الإضراب في حد ذاته كعرقلة لحرية العمل، و منع ومعاقبة تشغيل أجراء من خارج المؤسسة أثناء الإضراب، و إقرار الحماية الفعلية والملائمة للمأجورين ولممثليهم النقابيين قبل وأثناء وبعد الإضراب، مع التأكيد على إمكانية اللجوء لتدابير المصالحة والتحكيم المنصوص عليها في مدونة الشغل من أجل حل النزاعات الجماعية مع احترام شرط أساسي هو أن لا توقف تلك التدابير الممارسة الفعلية لحق الإضراب. و في السياق ذاته دعا المتدخل ذاته، الحكومة إلى تطبيق التزاماتها بشان الحريات النقابية الواردة في اتفاق 30 أبريل 2003 وفي مقدمتها:المصادقة على اتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 87 حول الحرية النقابية و151 حول حق التنظيم وشروط الاستخدام في القطاع العام وإدماج مقتضياتهما وكذا مقتضيات الاتفاقية 135 حول حماية ممثلي الأجراء – المصادق عليها مؤخرا – في مدونة الشغل وهو ما يفترض بالخصوص مقتضيات قانونية للاعتراف الصريح بدور النقابة والمكتب النقابي على مستوى المقاولة والمؤسسة العمومية والإدارة العمومية، مع إلغاء مقتضيات الظهير 13 شتنبر 1938 المتعلق بالسخرة، و المادة 5 من المرسوم الصادر في 5 فبراير 1958 المتعلق بممارسة الحق النقابي من طرف الموظفين، مع مراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي وذلك تفاديا لكل التأويلات التي يثيرها تطبيق هذا الفصل، و تعميم وزارة الداخلية لدورية على الولاة والعمال لجعل حد للممارسات التي يمكن أن تؤدي إلى عرقلة حرية تأسيس النقابات، خاصة عبر التسليم الفوري لوصول إيداع ملفات تأسيس النقابات وتجديد المكاتب النقابية؛ و العمل على إصدار المراسيم التطبيقية لمدونة الشغل دون تحايل قد يؤدي إلى الالتفاف على المقتضيات الإيجابية للمدونة، و الاعتراف على مستوى مدونة الشغل أو المراسيم التطبيقية بالمكتب النقابي كتجسيد للنقابة في المقاولة مع اعتبار المكتب النقابي كمخاطب لرب العمل في إطار التفاوض الجماعي الإجباري المنصوص عليه في المدونة. و من جهته افتتح العلوي مولاي يوسف، الكاتب العام للمركز ألاستشفائي الجامعي محمد السادس، مداخلته بالتذكير بقانون الأحزاب، قائلا"بعد قانون تدجين الأحزاب السياسية، جاء دور النقابات لتفرغ من محتواها وتلحق بجهاز الدولة. مع نشر نص مشروع قانون النقابات، تتضح نوايا الدولة إزاء ما تبقى من حرية نقابية ودور نضالي لمنظمات العمال. فبوجه عام يندرج قانون النقابات في سعي الدولة إلى إحكام القبضة على كل تعبيرات قاعدة المجتمع، واستعمال النقابات العمالية أداة لتدبير النزاعات الاجتماعية بما يخدم مصلحة أصحاب الرأسمال." وزاد منتقدا المشروع حيث اعتبره "قانونا معززا لترسانة الضبط والقمع "يجري النيل من قدرة الطبقة العاملة على تنظيم قواها بمعدل بطالة عال، وبتعميم هشاشة التشغيل. من جانب آخر تسعى الدولة إلى تحطيم ما بني من تنظيم بتشديد القمع. في هذا السياق يأتي قانون النقابات قيدا إضافيا مستكملا لترسانة الضبط والقمع، بعد ما جرى تكريسه في قوانين الحريات العامة، وبعد قانون الإرهاب، وقانون الأحزاب يستمد قانون النقابات جوهره من المادة الثالثة من الدستور الذي يسند للنقابات و الأحزاب، مع الجماعات المحلية والغرف المهنية ، مهمة " تنظيم المواطنين وتمثيلهم". إن تنظيم المواطنين هذا إذا نظر إليه بالمنطق العام للدستور، يعني تنظيمهم بالشكل الذي يجعلهم خاضعين ...وزاد مبينا غرابة المشروع من خلال مقارنته بالقانون الحالي قائلا:"في القانون الحالي يكفي لتأسيس نقابة عمالية إيداع ملفها لدى السلطة بعد تأسيسها. كان إعلان تأسيس النقابة متاحا، بينما الصعوبة كانت في ممارسة الحرية النقابية بعد الحصول على قانونية النقابة. أما قانون النقابات الجديد فيعرقل منذ البدء تأسيس النقابة باشتراط وضع تصريح حتى قبل عقد الاجتماع التأسيسي للنقابة. وقد يدخل هذا التصريح المؤسسين في متاهة المحاكم ." و في سياق تشريح مولاي يوسف لمضامين القانون عينه، أوضح بأنه "تدخل سافر في الشؤون الداخلية للنقابة"، مبرزا أوجها عديدة لحشر الدولة انفها في الشأن الداخلي للنقابات، لعل أخطرها استعمال الدعم المالي، حيث" سبق لمدونة الشغل أن نصت على منح الدولة إعانات للمركزيات النقابية، تراقب إنفاقها لجنة برئاسة رئيس الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى" و هكذا مهد مشروع قانون النقابات التدخل في الشأن المالي للنقابات باعتبار كل استعمال للدعم الممنوح لأغراض غير التي منح لها اختلاسا لمال عام يعاقب عليه القانون. بهذا سيعتبر دعم المضربين أو أسرهم أو المطرودين من العمل اختلاسا لمال عام.". فالدولة ستستعمل تمويلها للنقابات لتتحكم بماليتها برقابة شديدة، إذ ستحدد لها كيفية مسك محاسبتها، وستفرض عليها وضع أموالها ببنك، طبعا لتكون قابلة للتجميد ساعة النزاعات الاجتماعية، ساعة الإضرابات العامة والمظاهرات بالشارع . و شدد المتدخل نفسه، على أنه مشروع معاد للحريات النقابية، فلو كانت غاية مشروع القانون، الإفساح في المجال لممارسة العمل النقابي لنص على ما يلي : اولا توسيع الحق النقابي للمحرومين منه من بوليس وقضاة وغيرهم، و ثانيا حق الأطفال العاملين في الانتماء إلى نقابة عمالية، و ثالثا حماية الممثلين النقابيين من الطرد. "الحماية" القانونية الوحيدة القائمة حاليا لا تتعدى اشتراط موافقة مفتش الشغل على قرار الطرد.فالحريات النقابية الفعلية، يوضح مولاي يوسف، هي حق عقد تجمعات عامة للإجراء بأماكن العمل. و حق السبورة النقابية دون رقابة رب العمل.وحق توزيع النشرات والمناشير في أماكن العمل. وساعات التفرغ النقابي .و مقر نقابي بأماكن العمل. وجمع واجبات الانخراط النقابي بأماكن العمل. ومما يفضح مشروع القانون، يسترسل المسؤول النقابي عن المركز ألاستشفائي الجامعي محمد السادس، مبينا انه، ينص على إلغاء إمكان سجن معرقلي ممارسة الحق النقابي، فأمام سجن العمال بتهمة عرقلة حرية العمل، يستبعد سجن رب العمل المعرقل للنقابة. و استنتج بعد تعريض القانون لمطرقة النقد و التشريح أنه ليس سوى قانون لمسخ النقابة العمالية، فبينما تعلن"ديباجة قانون النقابات انه يريد جعل النقابات "شريكا اجتماعيا". والحقيقة أن غايته استكمال مسخ النقابات العمالية من أدوات نضال بيد العمال إلى أدوات تدجين بيد أرباب العمل ودولتهم. فمنذ عقود والقوى المهيمنة داخل الحركة النقابية تقوم بدور الشريك الاجتماعي لمستغلي العمال، وذلك عبر التمثيل في عدد من المؤسسات الاستشارية ، وفي عدد من اللجان ، وفي عدد من المجالس المنصوص عليها في مدونة الشغل، وأيضا عبر ما توقع القيادات من اتفاقات مع أرباب العمل ضحت فيها بمصلحة العمال." و هكذا فإذا كانت القيادات تجر النقابات إلى دور الشريك الاجتماعي، فإن الدولة تسعى بقانونها الجديد إلى استكمال تحويل النقابات العمالية من أداة دفاع عن مصالح العمال إلى أداة لضبطهم.مما سيفقدها استقلالها، ومن ثمة زيادة طابعها اللاديمقراطي، في وقت هي في أمس الحاجة إلى الديمقراطية. و انتهى مولاي يوسف إلى ضرورة تكثل كل النقابيين الأوفياء لعلة وجود النقابات لمقاومة سياسة البيروقراطية المتعاونة مع أرباب العمل ، وصد هذا الهجوم الجديد المتمثل في قانون النقابات. يشار إلى أن المداخلتين تميزتا بإعمال معول النقد في مواد قانونية أثتت المشروع موضوع الدراسة، مما أعطى لليوم الدراسي أهمية منهجية و معرفية، حيث سجلا الجوانب الإيجابية كتمثيلية النساء في الأجهزة النقابية، و التنسيق النقابي، والشفافية والتدبير الجيد لمالية النقابات وإخضاعها لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات، مسالة عقد المؤتمرات الوطنية خلال أربع سنوات.كما سلطت الضوء على النواقص، كما ورد أعلاه، مما جعل الحاضرين من منخرطين و عموم و مسؤولين نقابين من الإتحاد الإقليمي، يستحسنون الأمر بإعتباره خطوة تسير في خط عقلنة الممارسة النقابية و تجاوز منطق الإحتجاج فقط إلى التكوين، و نتشيط الحركة النقابية من زاوية تنمية الوعي النقابي.