تزوجت خديجة من الميلودي وعمرها لا يتجاوز العشرين سنة، ولم يتم تحرير عقد النكاح، وهي عادة ظلت تمارس بالبوادي إلى الآن، حيث تكتفي الأسر بما يسمى بالفاتحة وحضور الشهود، ومنذ يومها بدأت خديجة تلد، حيث رزقت بمحمد وبهيجة وفتيحة وفاطمة ومليكة، وكان الميلودي زوجها يشتغل بأمور الفلاحة، ويعمل في حرث الأراضي بواسطة جرار وكان قد استفاد من ارث كوصية موصى له بها من طرف جده، وكبقية العائلات بالبادية، كانت خديجة تسكن مع حماتها وتقوم بأشغال وأعمال البيت وكانت تقوم إلى جانب ذلك بتربية ابنها وبناتها وتساعد الأسرة في أعمال الفلاحة وكانت الأمور تسير سيرتها العادية والطبيعية... مرض الزوجلم يكن هناك ما يدعو إلى القلق، ولم يكن هناك ما يثير الريبة في علاقة خديجة بحماتها، ولكن أمور حدثت بشكل مفاجئ بدأت تلقي بظلالها على العلاقة وتدفع بها إلى التكهرب، كان الميلودي يعمل خارج البيت مع الفلاحين في حرث الأراضي وكان كثير الغياب، ولم تنتبه الزوجة إلى حالته الصحية والتي كانت قد بدأت تتدهور، حيث كانت تنتابه نوبات من الصرع، وكان كثيرا ما يغيب عن الوعي واستمرت حالته في التراجع ولم يعد يقوم بمهمته التي كان يقوم بها، وبدأت علاقته تسوء بينه وبين محيطه، وكانت الزوجة تلح في معالجته ولكن الحماة كانت ترفض ذلك رغم أنه كان ذا دخل محترم فهو الذي كان يتكفل بالعمل على الجرار وكانت له أملاك وبهائم وشيئا فشيئا بدأت والدته تستحوذ على كل ما يملك، وانتبهت الزوجة، أنها توجد على شفا حفرة كونها لا تربطها رابطة بزوجها الميلودي، وأن البساط يسحب من تحتها تدريجيا، فتكفلت والدتها بتحرير لفيف عدلي على يد عدلين مقيمين بأولاد افرج من أجل حفظ حقها وحق أبنائها، ولكن المصيبة أن خطأ وقع عند تحرير العقد، حيث تم تدوين اسم محمد بن عبد السلام بدل الميلودي بن عبد السلام واضطرت الزوجة إلى إصلاحه بتقديم نسخة من رسم الولادة وطلب إجراء مطابقة الاسم حسب القانون..وازدادت وضعية الزوج تدهورا، ولم يعد قادرا على التمييز بين الأشياء وأصيب بمرض مزمن، وتم عزله عن أبنائه وزوجته من طرف والديه، ووجدت خديجة نفسها خارج التغطية الأسرية وتم طردها رسميا من طرف حماتها، بدعوى أن لا علاقة لها بابنها، وخرجت الزوجة تبحث لها عن مكان يأويها، وبدأت تبحث لها عن مخرج قانوني، واتصلت بالسلطات المحلية ولكنها كانت كمن ينفخ في قربة مثقوبة..اللجوء إلى القضاءولم تفض المفاوضات إلى حل يرضيها حيث تم اقتراح تطليقها من الميلودي مقابل مبلغ من المال وتسجيل ثلاثة أطفال فقط بالحالة المدينة وهو اقتراح تقول خديجة غير قابل للنقاش والتفاوض، إذ، لا يعقل أن يتم السماح في طفلين من أطفالها، وحاولت جهدها حل المشكل بإيفاد بعض ذوي النيات الحسنة ولكن علاقة وجاه والدي زوجها، كانت فوق كل تصور وكانت وراء إحجام العديد من سكان القبيلة على الإدلاء بشهاداتهم وهي التي كانت تسكن بينهم ووسطهم.. وأمام هذه الوضعية التي وجدت خديجة نفسها عليها فكرت في اللجوء إلى القضاء لعل وعسى أن تحقق مسعاها، واضطرت إلى وضع شكاية مباشرة بالمحكمة الابتدائية تحت عدد 764/04 بتاريخ 18/03/2004 من اجل حمل الزوج على تسجيل أبنائها بالحالة المدنية، وتمت إحالتها على درك أولاد افرج، ولم يتم أخذها بجدية، وتم حفظها لحد الآن، وتوالت الشكايات، حيث قدمت خديجة شكاية أخرى تحت رقم 111/04 بتاريخ 12/04/2004، لدى المحكمة المركزية بالزمامرة من أجل الحصول على حقها وحق أبنائها في النفقة، وهو ما دفع بالحماة إلى رفع دعوى مضادة تهدف من ورائها إلى الحجر على الزوج بعد وفاة والده، وبعد أن حررت لفيفا عدليا يفيد أنه ولد مختلا عقليا وهو اللفيف الذي تقدمت الزوجة في شأنه بطعن بالتزوير والنصب والاحتيال بتاريخ 25/08/04 لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية، والذي بنت المحكمة المركزية بالزمامرة عليه حكمها وقضت بحفظ شكاية النفقة، معللة حكمها بأن شرط الأهلية منتفى لكون المدعى عليه سبق أن تم التحجير عليه بموجب الحكم الشرعي الصادر في الملف رقم 79/04 من مركز القاضي المقيم بأولاد افرج، رغم أن الزوجة لديها ما يكذب ذلك كونه كان يعيش مع الفلاحين ويعمل معهم في شؤون الحرث عبر جراره، وكونه استطاع الحصول على رخصة السياقة بصنفيها، أ و ب، وتتوفر على وثيقة مسلمة من مندوبية التجهيز والنقل بمصلحة الترقيم..والآن ما العمل؟تعبت خديجة من التجول بين ردهات المحاكم وتعبت من السعي إلى فرض والحصول على حقها وحق أبنائها المادية والمعنوية، ابنها محمد والذي يصل سنه إلى الخامسة والعشرين طرد من العمل لعدم توفره على بطاقة وطنية، وأخواته حرمن من متابعة دراستهن لنفس السبب، والآن هن مقبلات على الزواج، ابن واحد وأربع بنات يوجدون خارج دفاتر الحالة المدنية، ما رأي فقهاء الدين وواضعي مدونة الأسرة، إن كانت، هذه الأخيرة، تعترف بأبناء فترة الخطوبة، فهلا اعترفت بأبناء ولدوا على فراش الزوجية النظيف كما تقول خديجة المثخنة بالجراح..؟إن كان الطمع وراء ما حدث لها ولأبنها، فهي لم تعد تطالب بحق أبنائها المادية، بل أصبح شغلها الشاغل، تسجيل أبنائها بسجل الحالة المدنية وتمكينها من حقها في معالجة زوجها الذي حرمت منه وحرم أبناؤها من النظر إليه. خديجة الزوجة التي طعن في نسب أبنائها وطعن في صدقية زواجها من الميلودي، مستعدة لإجراء تحليلات الحمض الجيني ADN والذي أصبحت نتائجه لا تدع مجالا للشك..خديجة تتوجه عبر الجريدة إلى كل الضمائر الحية وإلى كل سكان القبيلة للإسراع بالإدلاء بشهادتهم في هذه النازلة، سيما وأنهم عايشوا وعاشوا وشاهدوا وجايلوا الميلودي وحضروا ميلاد أبنائه الخمسة، وتدعوا الجمعيات النسائية إلى تبني ملفها والوقوف إلى جانبها لرد الاعتبار لها ولأبنائها، وتتوجه أيضا، إلى الجهات التي تمت مراسلتها ولا زالت تنتظر أجوبة شافية على شكاياتها...وإلى أن تتحقق العدالة ويتم تسجيل أبنائها بسجل الحياة المدنية ويتم نسب الأبناء إلى أبيهم، وإلى أن يتم الاهتمام بالميلودي من أجل معالجته، تبقى خديجة كالريشة في مهب الرياح تتقاذفها أمواج الطمع والجهل والتعصب...