قال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس إنه بينما قد يعرقل أي هجوم عسكري على منشآت إيران النووية قدرات إيران الذرية لفترة قد تصل إلى ثلاث سنوات، إلا أنه «سيرسخ إصرارهم على امتلاك برنامج نووي»، موضحا أن إيران هي من سيقرر عدم إنتاج سلاح نووي إذا عرفت أن إنتاج السلاح النووي سيكلفها غاليا، مشددا على أن المجتمع الدولي يجب بالتالي أن يعزز ضغوطه على طهران، سواء بالوسائل الدبلوماسية أو الاقتصادية. وتعد هذه التصريحات هي الأقوى من نوعها لغيتس فيما يتعلق بالتحذير الضمني لإسرائيل من قصف المواقع النووية الإيرانية تحسبا لإنتاج طهران سلاحا نوويا. ونقلت صحيفة «يو.إس ارمي تايمز» التي يصدرها الجيش الأميركي عن غيتس قوله في خطاب أمام طلبة في البحرية الأميركية إنه بينما قد يعرقل أي هجوم برنامج إيران النووي لفترة قد تصل إلى ثلاث سنوات إلا أنه «سيرسخ إصرارهم على امتلاك برنامج نووي ويزرع في كل البلاد كراهية لا تنتهي لمن هاجمهم». وتعهدت إيران بالرد على أي هجوم بشن هجمات بصواريخ بعيدة المدى على إسرائيل وقواعد الولاياتالمتحدة في الخليج. وقال غيتس وفقا لما نقلته الصحيفة إنه يمكن الحيلولة دون امتلاك إيران لقنبلة نووية فقط إذا «قرر الإيرانيون أنفسهم أنها مكلفة للغاية». وتابع «نحتاج إلى أن ننظر في كل سبيل ممكن لزيادة تكاليف هذا البرنامج بالنسبة لهم سواء كان عبر العقوبات الاقتصادية أو أمور أخرى». إلى ذلك وفي الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل لأضخم تدريبات في تاريخها ضد ما أسمته «خطر هجوم صاروخي كبير» من طرف إيران، فاجأ الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس في تصريح حازم قال فيه إن الخيار العسكري ضد إيران غير واقعي. وقال بيريس الذي كان يتحدث في لقاء له مع جورج ميتشل، مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، إن فكرة الخيار العسكري ضد إيران سخيفة ولا يوجد سوى الخيار السياسي الدبلوماسي لتسوية مسألة التسلح النووي.وأثار هذا التصريح العديد من التساؤلات، وما إن كان استمرارا لنهج جديد لدى بيريس بدأه في عيد النيروز قبل أسبوعين عندما هنأ الشعب الإيراني وقال إنه شعب صديق تربطه بالشعب اليهودي علاقات تاريخية عريقة مبنية على التعاون الحضاري، أو أنه نوع من التمويه تخبئ فيه إسرائيل نواياها الحقيقية ضد إيران.وتأتي هذه التساؤلات لأن بيريس هو القائد السياسي الوحيد في إسرائيل الذي تكلم مؤخرا بلهجة إيجابية نحو إيران، بينما بقية السياسيين يتحدثون ضدها بعداء سافر ويهددون مباشرة أو بشكل غير مباشر بالخيار العسكري. وضاعف وصول الحكومة اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو إلى السلطة المخاوف الدولية من أن إسرائيل ربما تقرر بصورة منفردة شن ضربات وقائية على المواقع النووية لخصمها اللدود حتى وإن أدى ذلك إلى الاصطدام بإدارة الرئيس الأميركي أوباما. ومنصب بيريس شرفي إذ لا يتمتع بصلاحيات تنفيذية لكنه مطلع على وضع السياسات الحالية. وحين كان أكبر مسؤول عسكري في الخمسينات لعب بيريس دورا رئيسيا في حصول إسرائيل على مفاعل ديمونة الفرنسي الصنع الذي يعتقد أنه أنتج الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط. كما شغل بيريس من قبل منصب رئيس الوزراء مرتين. وأحجم متحدث باسم نتنياهو عن التعقيب على تصريحات بيريس. ولن تكون السابقة الأولى من نوعها إذا ما اختلف رئيس الوزراء مع بيريس في مسألة على هذا القدر من الأهمية الاستراتيجية. وكزعيم للمعارضة عام 1981 حاول بيريس وفشل في أن يثني رئيس الوزراء حين ذاك مناحم بيغن عن قصف المفاعل النووي العراقي. وتعليقا على الجهود الغربية الأخيرة للدخول في حوار مع طهران قال بيريس «يجب خلق تعاون دولي واسع فيما يتعلق بالمسألة الإيرانية. من مصلحتنا المشتركة أن يكتشف العالم من خلال الحوار مع إيران ما إذا كانت هناك فرصة للحل أم أن إيران تخادع». وقال البيان الصادر عن مكتب بيريس إن ميتشل كرر التزام واشنطن «المطلق والقوي بأمن دولة وشعب إسرائيل».وكانت الولاياتالمتحدة شأنها شأن إسرائيل رفضت أن تستبعد اللجوء للقوة ضد إيران كخيار أخير. لكن كبار المسؤولين في إدارة أوباما لم يظهروا حماسا للفكرة خلال تصريحاتهم العلنية آخذين في الاعتبار الحربين الدائرتين في العراق وأفغانستان.وتستعد إسرائيل لإجراء أضخم تدريبات لجبهتها الداخلية في نهاية الشهر القادم لمواجهة هجوم صاروخي إيراني بأسلحة تقليدية وغير تقليدية، يشارك فيها كل مواطن. كما أنها تجري مناورات ضخمة وغير مسبوقة مع القوات البحرية الأميركية في البحر المتوسط لضرب «أهداف عسكرية بعيدة المدى»، وقد فهم من هذه التسمية أن إيران هي هدف الضربة. واحتل الموضوع الإيراني مكانة بارزة خلال جميع اللقاءات التي أجراها ميتشل مع المسؤولين الإسرائيليين. حرص وزير الدفاع، إيهود باراك على العودة إلى تصريحات قديمة له يتحدث فيها عن ضرورة إبقاء الخيار العسكري مطروحا على الطاولة، فيما طلب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ألا تكون الوسائل الدبلوماسية في الحوار الأميركي الإيراني من دون حدود زمنية. وطلب أن يحدد لها 3 – 4 شهور على الأكثر، فإن فشلت يكون الخيار العسكري هو البديل. والمعروف أن هناك خبراء عدة في إسرائيل يدعون إلى الخيار العسكري، وبعضهم يعتقد أن على إسرائيل ألا تنتظر قرار الغرب في هذا الشأن وأن توجه ضربة خاطفة للمنشآت النووية الإيرانية، بينما يرى آخرون أن إسرائيل لا تستطيع توجيه ضربة كهذه، لأن إيران تنشر مفاعلها النووية على حوالي 20 منطقة مختلفة. وضربها يحتاج إلى عمليات قصف متواصلة طيلة أسبوع وإلى سماء مفتوحة بين إسرائيل وإيران، وكلاهما غير متوفر. ومع ذلك، فإن هذا الواقع لا يمنع خبراء وسياسيين من الدعوة لضربة عسكرية. وقد كتب أحدهم، وهو د. إبراهم عزرا، إن الرئيس الأميركي باراك أوباما يزحف على بطنه أمام إيران ويقع في الخطأ نفسه الذي وقعت فيه البشرية عشية صعود النازية ووقعت فيه إسرائيل عندما تحملت قذف الحجارة من الفلسطينيين وسكتت عليها وما هي إلا سنة سنتين حتى تطورت إلى زجاجات حارقة ثم بنادق ثم قذائف وصواريخ. ورأى عزرا أن على إسرائيل تعد خطة مدروسة جيدا لضرب إيران، أو تصفية رئيسها محمود أحمدي نجاد. إلى ذلك دعا إيهود باراك روسيا إلى العدول عن بيع إيران صواريخ أرض/جو سام 300 المخصصة لحماية المواقع الحساسة، كما أفاد مصدر في وزارة الدفاع الإسرائيلية. وأوضح المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية أن باراك تقدم بهذا الطلب خلال لقاء مع الممثل الخاص للرئيس ديمتري مدفيديف للشرق الأوسط الكسندر سلطانوف. كما أعرب باراك لروسيا عن امتنانه «لدورها المهم» على الصعيد الإقليمي و«جهودها لتفادي زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط». وقد سبق أن أعربت إسرائيل أكثر من مرة عن قلقها من احتمال بيع هذه الأنظمة المتطورة المضادة للصواريخ والمخصصة لحماية المواقع الحساسة إلى إيران التي تشتبه في سعيها إلى الحصول على السلاح النووي. وتلزم موسكو منذ أشهر الغموض بشأن صفقة بيع هذه الصواريخ التي تجعل من الصعب قصف منشآت نووية إيرانية.