في سنة 1959 تشكل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية من التوجهات الراديكالية داخل حزب الاستقلال بعد صراعات بين مكونات الأخير .وكان ضمن التيارات التي شكلت ميلاد الاتحاد نحو التيار الوطني الجدري الذي كان يمثل المقاومة وجيش التحرير.فمن المعلوم إن جيش التحرير انطلقت أول عملياته في فاتح نونبر 1955 وعودة محمد الخامس كانت في 16 نونبر 1955. وعلى إثر هذه العودة توقفت عمليات جيش التحرير التي لم تستمر أكثر من 15 يوما، ومن يومها انتقلت عمليات هذا الجيش إلى الجنوب المغربي من اجل مواجهة الاستعمار الإسباني في سيدي إيفني وطرفاية والساقية الحمراء ووادي الذهب ، وضد الاستعمار الفرنسي في موريتانيا.لقد كان عمل جيش التحرير المغربي في المنطقة ليس تحرير المناطق المذكورة أعلاه فقط، ولكن كذلك حماية جيش التحرير الجزائري في المنطقة الجنوبية الغربية للصحراء.كان الاتحاد يرفع شعار استكمال حرب التحرير في الجنوب ، في الوقت الذي كان فيه القصر يمارس العمل الدبلوماسي لاسترجاع طرفاية والحيلولة دون انفصال موريتانيا.جيش التحرير المغربي كانت أغلبية قاعدته من المقاتلين الصحراويين وقد بدأ عمله في مواجهة الاستعمارين الإسباني والفرنسي حيث ، تم إنجاز عمليات فدائية داخل المنطقة الموريتانية، وبدأ في الأفق لإمكانية إحراز انتصارات ضد المحتلين الإسباني والفرنسي ، وقد أدرك القصر بمعية حزب الاستقلال واليمين المخزني، إن تلك الانتصارات من شأنها تقوية مواقع جيش التحرير المغربي الذي بدأ أفقه ينفتح على قضايا اجتماعية وسياسية، الشيء الذي بات –حسب القصر – فيه جيش التحرير يتطلع إلى التأثير في القرار السياسي للقصر، ومن هنا أخذ القصر يتجه بتحالف مع حزب الاستقلال إلى حل جيش التحرير والتصفية الدموية لكل معارضة لهذا الحل.فعلا تمكن القصر من التصفية الدموية لأغلبية أطر وكوادر جيش التحرير مما أدى إلى تغيير ميزان القوى لمصلحة القصر داخليا والاستعمارين الإسباني والفرنسي خارجيا الشيء الذي أدى بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية إلى العمل من أجل بداية الإطاحة بالنظام باعتباره العائق الأساسي نحو استكمال تحرير باقي أجزاء الوطن المحتلة ، وبالتالي أصبح الاهتمام بقضية الصحراء يأتي في المرتبة الثانوية .إن سياسة المواجهة التي اتبعها الاتحاد في مرحلة الستينات والإصطدامات المسلحة المباشرة مع القصر أدت إلى اعتقالات واسعة ونفي العديد من الأطر والكوادر الاتحادية خارج المغرب.إن سياسة المواجهة تجاه القصر وإعلان حالة الاستثناء وتهميش حزب الاستقلال هذه بعض العوامل التي أدت إلى إقامة تحالف سمي بالكتلة الوطنية عام 1970 وعندما طرحت القضية داخل الأممالمتحدة وارتفع صوت تقرير المصير من مقررات الأممالمتحدة واجتماعات قادة الجزائر وموريطانيا والمغرب أعلن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية موقفا معتبرا أنه " لأول مرة في تاريخ الاستعمار ، ولأول مرة في تاريخ تحرير الشعوب ، يقف وفد ليعطي في هيئة الأممالمتحدة صبغة المشروعية للاستعمار ، وذلك بقبول حق تقرير المصير بين أن تبقى هذه الأجزاء محتلة من قبل الاستعمار الاسباني تحت الاستعمار أم تنضم إلى المغرب. وهذا المنزلق هو حجة على أن الذين يتحدثون باسم الشعب المغربي لا يشعرون بعواطفه ولا بالمبادئ التي تحرك الآن حركات الشعوب التي تناهض الاستعمار والرأسمالية." وبناء على ذلك تصبح عملية " تحرير الصحراء المغربية التي يحتلها الاستعمار الإسباني قضية وطنية يجب أن تجند الجماهير الشعبية من أجلها باستعجال وان قضية الصحراء لا تنفصل عن واجب تحرير سبتة ومليلية.وإن الشعب الذي يحرر الصحراء هو الذي سيحرر نفسه أولا من العبودية ، فإدن عندما نضع مشكلة وطنية مضبوطة كمشكلة الصحراء يجب أن لا ننسى أن تحرير الصحراء لا يقع فقط في الخطوط الأمامية في الصحراء نفسها، ولكنه يقع في كامل الرقعة المغربية في الرباط ومراكش وفاس وجميع النواحي" .هذا الكلام هو للمرحوم الفقيد مولاي عبد الله ابراهيم عضو الكتابة الوطنية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية.وقد أدى الصراع بين اجنحة الاتحاد إلى تهميش قضية الصحراء ووضعها ضمن القاضايا الثانوية.قبل انتفاضة 3 مارس 1973، كانت لقاءات بين قيادة الاتحاد في الخارج والشهيد المصطفى الوالي مؤسس البوليزاريو ، وقد كان محور اللقاءات مسألة تحرير المغرب من النظام الملكي والصحراء من الاستعمار الاسباني. كانت وجهة نظر قيادة الاتحاد في الخارج خلق بؤر ثورية على مستوى التراب الوطني إلى حدود موريتانيا ، وهذا الطرح كان يقوده الشهيد محمود بنونة، في حين إن الوالي كان يصر على تحرير الصحراء كمقدمة أولية لتحرير باقي التراب الوطني من هيمنة الملكية وجعل الصحراء بعد تحريرها قاعدة خلفية للثورة المغربية. ومحضر هذه اللقاءات التي تمت في مدينة وهران 1972 كانت موجودة لدى الفقيد محمد البصري ، ولا ندري هل لازالت موجودة أم لا ، ولكن المؤكد أن الشهيد الوالي الركيبي نقل ملخص هذه النقاشات وبخط يده إلى رفاقه، ولم يكن الطرح الانفصالي حاضرا بل التأكيد على مغربية الصحراء، والقيادة الحالية للانفصاليين لا تستطيع تكذيب ذلك، لكون الوثيقة مكتوبة بخط يد الشهيد الوالي مصطفى الركيبي.نتيجة القمع الشرير الذي تعرض له مناضلو الاتحاد بعد مارس 1973 حيث كانت الاعتقالات بالآلاف وعلى مستوى التراب الوطني برمته . وعلى كافة المستويات القيادة والقاعدة.في هذه الشروط طرح النظام المغربي قضية الصحراء ، كان الهدف منها فك العزلة عنه نتيجة توالي الثورات والتمردات على سياسة سواء من طرف مؤسسته العسكرية، أومن طرف التنظيمات اليسارية كما أن جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، أعلنت عن بداية نشاطها من أجل تحرير الصحراء أفق سياسي وأيديولوجي معاد للنظام المغربي من هنا كان على النظام التحرك لتطويق الموقف لأنه يدرك أن التغييرات التي تطرأ على المغرب تأتي من الصحراء، وقد عبر عن هذا الموقف الملك الراحل في بعض خطبه وتصريحاته . فوجهة نظر فصيل من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والممثل أساسا في شخص الفقيد الفقيه محمد البصري الذي اعتبر في رسالته إلى المؤتمر الوطني الثالث للاتحاد الاشتراكي " متى كان لاقطاع محررا ؟" وحمل مسؤولية الوضعية في الصحراء المغربية إلى النظام المغربي.كما ان الاتحاد الاشتراكي في مؤتمره الاستثنائي يعلن و" يدعوا إلى معركة التحرير بالوسائل التي سبق للاستعمار الفرنسي والاسباني أن عرفها وخبرها على يد جيش التحرير المغربي في الجنوب" كما طالب الاتحاد بتسليح الجماهير لخوض حرب تحريرية ! إلا أن النظام كان دوما يرفض مقترحات الاتحاد . ويعتمد منطقا مغايرا معتمدا مسلك الدبلوماسية فالفقيد عبد الرحيم بوعبيد طالب بمواجهة عسكرية مع الجزائر والبوليزاريو كوسيلة لتثبيت شرعية المغرب ، خاصة وان أهداف الجزائر هو ضمان السيطرة على الأراضي المغربية التي ألحقها الاستعمار الفرنسي وضمها إلى الجزائر ، ورغبة الجزائر في إيجاد منفذ لها على المحيط لتطويق المغرب وعزله عن عمقه الإفريقي.