أرقام مخيفة تلك التي حصلت عليها المراكشية حول عدد وفيات الأمهات والرضع بمدينة مراكش، وهي نفس الأرقام المسجلة تقريبا على الصعيد الوطني، من بين كل 100الف ولادة تموت حوالي 220 امرأة والعدد نفسه من المواليد الجدد في حين لا تتجاوز هذه النسبة مثلا في تونس 50 حالة من كل 100 ألف، وفي سويسرا توفيت امرأتان خلال عشر سنوات. أولوية سياسية عدد من المهتمين من الأطباء والباحثين أشاروا أن صحة الأم والطفل ليست أولوية سياسية في المغرب، ذلك أن النقاش المرير الذي دار حول مدونة الأسرة، في قضايا مثل سن الزواج والتعدد، لم يواكبه نقاش جاد من أجل تقليص نسبة وفيات الأمهات والرضع والمواليد, كما يشير إلى ذلك البروفسور عبد الرحيم أبو الفلاح، رئيس مصلحة في مستشفى "الأم والطفل" أول وحدة بنيت في المستشفى الجامعي الجديد الموجود قرب الحي الجامعي. يقول أبو الفلاح، إن سبب الوفيات راجع في جهة مراكش تانسيفت الحوز إلى صعوبة المسالك، وبعد الطريق، وانعدام التنسيق والتواصل بين المستشفيات في الجهة حيث يمكن إنقاذ امرأة أو وليدها من خلال توجيهات تعطى للطبيب المعالج، من قبل مختصين في مستشفى الأم والطفل. نقطة أخرى أشار إليها طبيب أخر فضل عدم ذكر اسمه، هو غياب مسؤول مباشر عن قسم المستعجلات في مصلحة الأم والطفل، مما يصعب تحديد المسؤولية أثناء الوفاة، هذا المشكل يشير المصدر موجود على الصعيد الوطني والوزارة غير قادرة على أخذ المبادرة في هذا المجال. مشاريع فاشلة تعتقد الوزارة أن مشكل تقليص الوفيات راجع إلى انعدام التكوين المستمر مما جعلها تصرف الملايير في ذلك من خلال برنامج صندوق الأممالمتحدة الإنمائي للمرأة فنوياب FNUAP، لكن التقييم الأخير خلال مؤتمر الطفل بمراكش أخيرا أوضح بالملموس تعثرات في البرنامج، مما جعل الصندوق لا يستمر في دعمه، كما عملت الوزارة على بناء مستشفيات جديدة في المدن القريبة خاصة في اختارت امينتاتوت شيشاوة لكن زيارة خفيفة توضح أن هذه المستشفيات لم تراعي شروط السلامة والمعايير الدولية، مما اثر على هملها، وبدأ العاملون بها يشتكون من "القطرة"، ووجود قوارض في السقف المزيف faux plafond، بعض قرارات الوزيرة لم تلق تجاوبا حيث فرضت أن يبقى المريضة 48 ساعة قبل المغادرة لكن الاكتظاظ يجعل كثيرا من الأطباء لا يطبقون القرار لعدم واقعيته، ويقلصون المدة إلى 24 ساعة مستشفى الأم والطفل بمراكش الوحيد التي يستجيب لهذه المعايير ويعطي الانطباع أن الدولة والوزارة فهمت المشكل، لكن المستشفى يعاني من نقص حاد في الأطر الصحية خاصة الممرضين والممرضات، كما يعاني من نقص حاد في الأسرّة حيث لا يتوفر إلا على 56 سريرا وهو عدد ضئيل بالنسبة إلى عدد الأسرة الذي كان موجودا في مستشفى ابن طفيل قبل نقل مصالح الولادة إلى مستشفى الأم والطفل المتخصص مما يجعل بعض النساء يتقاسمن السرير ، ويعضهن يسلم الطفل إلى الأب من اجل رعايته ، ويعتبر مستشفى الأم والطفل الشطر الأول من المستشفى الجامعي التي تقدر كلفته الإجمالية 500 مليون درهم وتنتهي به الأشغال سنة 2010، فيما تقدر كلفة هذا الشطر بحوالي 230 مليون درهم موزعة ما بين130 مليون درهم للدراسات والبنايات و100 مليون درهم للتجهيزات والمعدات البيوطبية. اكتظاظ دون دعم نفسي في الوقت الذي يؤكد أبو الفلاح أن 20 ولادة تتم في مستشفى الأم والطفل يشير محمد المرابط أن خلال شهر أكتوبر 2008 استقبل مستشفى ابن زهر 900 ولادة بمعدل 30 قي اليوم. يعترف أبو الفلاح أن مستشفى الأم والطفل يستقبل الحالات المستعصية فقط لإعراض البحث والتعليم، ويرجع الحالات العادية إلى المستشفيات الأخرى، وهو ما اعتبره الطبيب محمد المرابط اختصاصي في أمراض النساء والولادة بمستشفى ابن زهر بالمدينة القديمة، غبنا يلحق الأطباء في المستشفيات الجهوية، لأن عدم مياشؤة بعض الحالات المستعصية يفقد الخبرة، كما أن الضغط على هؤلاء الأطباء، ويضطرون إلى إعادة المريضة إلى مستشفى الأم والطفل، مما قد يودي في بعض الحالات أن تلد المرأة في سيارة الإسعاف دون ظروف موضوعية. أثناء تواجدنا بمستشفى ابن زهر وصلت حالتان مستعجلتان، لا توجد المعدات الكافية، مما جعل الطبيب في حيص بيص، ونقل الحالة إلى الإدارة لاتخاذ قرار في الموضوع، في ممر الولادة صادفنا امرأة شابة "تتوجع"، وتطلب من الطبيب إزالة الأم بأي طريقة، وهو ما سيصعب عليها عملية الولادة, كثيرات يتركن لحالهن بسبب نقص في الأطر، ودون دعم نفسي، والذي طالب به كل من المرابط وأبو الفلاح، من خلال خلق خلية خاصة بذلك. معاناة الكل يتذكر ما كانت تعانيه النساء من شتم وإهانة في مستشفى ابن طفيل، مما كان يدفع الكثيرات إلى دفع إتاوات من اجل أن يعتنى بهن، الكل يتذكر كيف أن الممرضات كان يحذرن النساء الوالدات من القطط السمان التي يمكن أن يبتلعن الرضع. بعض المريضات في مستشفى الأم والطفل أكدن أن مثل هذه الممارسات قلت، نظرا للنظام الذي يحاول رئيس المستشفى فرضه بالرغم من وجود "جيوب مقاومة"، لا تريد الإصلاح. بعض رجال الأمن الخاص تقول إحدى الطبيبات لا يتركن النساء يدخلن إلا بورقة موعد، وهو ما يسهل عملية الابتزاز, الطبيبة نفسها قالت كيف تحصل مريضة على ورقة موعد وهي في حالة مستعجلة.