لقد أثارت "فتوى" المغراوي حول جواز تزويج البنت ذات الست أو التسع سنوات ( لا فرق ) استنكارا واسعا وسط العديد من فئات المجتمع المغربي و أصدرت العديد من الهيآت الحقوقية و النسائية ..بلاغات رفض و إدانة لهذه " الفتوى " دون نسيان طبعا الدور الهام الذي قامت به بعض الصحف في كشف و فضح هذه "الفتوى"و إبراز مخاطرها على الطفولة المغربية ..بل و ذهب الأمر إلى حد رفع دعوى قضائية من طرف أحد المحامين ( ذ مراد ) ضد المغراوي و ضد " فتواه "التي في جميع الأحوال لن يصدقها أو يعمل بها ( بل و حتى التفكير في ذلك ) إلا "مريض"... يجب إحالته على المستشفى قصد العلاج المغراوي في "فتواه" استند إلى تفسيرات / فيزيولوجية / بيولوجية و وقائع تاريخية بل و إلى السيرة النبوية من أجل الجواب على سائله حول إمكانية تزويج من لم تصل إلى سن المحيض أو قبل أن تبلغ المحيض ..أي بمعنى آخر سعى أو حاول " الاجتهاد " و فق منطقه و الجواب أيضا وفق منظومته الفكرية و التربوية ..الخ و السؤال المطروح ..هل رفع دعوى قضائية ضد المغراوي في هذه الحالة مقبول ..( خصوصا و أنه لم يمارس عنفا جسديا حسب علمنا من أجل فرض فتواه..) و ما رأي المنظمات الحقوقية بالخصوص في هذا الشأن إن رفض "فتوى " المغراوي بل و إدانتها شيئ و رفع دعوى قضائية ضده شئ آخر في اعتقادي ..فهل لا يدخل ما كتبه المغراوي في موقعه الإلكتروني في خانة التعبير عن رأي رغم الاختلاف معه كليا ..و هذا " الرأي" له في الواقع أنصاره بهذا الشكل أو ذاك .. و بالتالي أليس من الأفيد بدل اللجوء إلى القضاء اعتماد أسلوب الصراع الفكري و الإعلامي و تطوير الأمر إلى نقاش مبدأ اعتماد الفتاوي نفسه و هل يجوز القبول به أم لا سواء صدرت من طرف المغراوي أو غيره من الأشخاص أو المؤسسات كيفما كانت لبوساتها ..ثم أليس نظام الفتوى في جوهره مناقض لدولة الحق و القانون و يشكل خطرا على مصير المجتمعات و على حقوق الأفراد و الجماعات باعتباره يخضع بالأساس لمزاج الحكام و الفقهاء ..و يسير وفق أهداف و مصالح هذه الفئة أو تلك .. و بالتالي فإنه يجب التوجه نحو خلق رأي عام لا يقبل بنظام الفتاوي و يدافع عن مجتمع القوانين التي تصون حقوق الأفراد و الجماعات إننا حينما نتساءل عن فائدة رفع دعوى قضائية في مثل هذه الحالة فإننا نستحضر أيضا تجربة بعض المحامين المصريين الذين أصبحوا متخصصين في رفع دعاوي قضائية ضد كل كاتب أو مفكر يجرؤ على التعبير عن آراء تخدم قضايا حرية التعبير و المعتقد أو حقوق المرأة .. و ذلك بدعوى الدفاع عن الإسلام و عن شريعته ..و وصل بهم الأمر إلى حد السعي إلى التفريق قضائيا بين الزوجين كما في حالة المفكر و الكاتب حامد أبو زيد إن " فتوى " المغراوي مناسبة أخرى في الواقع للمطالبة بتغيير المدونة و للمطالبة بقانون ينص دون لبس أو غموض على أن الزواج لا يمكن أن يتم قبل بلوغ سن الثامنة عشرة بالكمال و التمام انسجاما مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان و في مقدمتها اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب ..أما و أن المدونة تتحدث عن صلاحية القاضي تزويج الفتاة أقل من 18 سنة بناء على الخبرة و تقديراته فمن يدري مستقبلا أن يحكم قاضي بزواج طفلة استنادا إلى القانون هذه المرة و ليس إلى "الفتوى " فماذا سيكون الرد ..و هل علينا انتظار حدوث ذلك أصلا