اسيف /دنيا الوطنتدور وراء الكواليس الإسرائيلية حالة من الجدل العاصف والخلاف الشديد بين شعبة الاستخبارات الإسرائيلية "أمان"، وجهاز الموساد "المخابرات" حول ما يتعلق بنوايا حكم الرئيس السوري بشار الأسد، وإمكانيات استئناف المفاوضات مع إسرائيل. والتباين في الطروحات للجهازين ظهر ملياً أمس خلال جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية التي ترأسها إيهود أولمرت، واستمع إلى التقدير السنوي الاستخباراتي.وحسب تقدير الموساد، فان سوريا غير مستعدة للانقطاع عن المحور الراديكالي وفي مركز علاقاتها الخاصة مع إيران، حتى لو تعهدت إسرائيل بان تنقل إليها كل هضبة الجولان. ولكن رئيس شعبة الاستخبارات "أمان" اللواء عاموس يدلين، يخالف هذا الرأي، ويقدر بان الطريق إلى قطع سوريا عن محور الشر منوط بالاستعداد لإدارة مفاوضات سلام في ظل وعد مسبق من إسرائيل لتنفيذ "الأمانة" التي سلمها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اسحق رابين للأميركيين – موافقة على انسحاب من هضبة الجولان مقابل اتفاق سلام.ويطالب السوريون، حسب يدلين أن يدير الأميركيون المفاوضات، وأن يساعدوا دمشق على الخروج من الحصار الدولي الذي تعيشه. وبحسب صحيفة يديعوت الصادرة اليوم فقد أمتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي، عن اتخاذ موقف وحسم الخلاف بين الموساد وأمان. ومع ذلك يعتقد اولمرت بأنه يجب مواصلة فحص احتمالات استئناف الحوار مع سوريا عبر قنوات سرية في ظل عرض المعضلة التالية على الأسد: هل ستكون مستعدا لان تنقع عن إيران مقابل استئناف المحادثات مع إسرائيل؟.ومن جانبها، أفادت صحيفة معاريف الصادرة اليوم أن التقدير الاستخباري السنوي الإسرائيلي لهذا العام قاتماً، وأكثر تهديدا من أي وقت مضى، وتقول الصحيفة: "حتى قدامى الوزراء لا يتذكرون توقعا استخباريا اسود بهذا القدر. دوائر المدى التي عرضها أمس رؤساء جهاز الأمن على الحكومة كانت تجمد الدم: دوائر – دوائر، تغطي كل أراضي دولة إسرائيل، أكثر من مرة واحدة. ويعدد التقدير الاستخباراتي المخاطر المحدقة بإسرائيل، وأولها تعاظم قوة حركة حماس في قطاع غزة، وثانيها: الصواريخ لدى حزب الله تغطي الأغلبية الساحقة من إسرائيل، وبالإضافة لذلك، يذكر التقدير أن صواريخ سوريا تغطي بسهولة كل الدولة العبرية، وكذا إيران.والاشتعال القادم، كما يحذر رؤساء أجهزة الأمن في إسرائيل، لن يكون في جبهة واحدة فقط، بل في ثلاث: حزب الله يستعد لاستئناف القتال، تحت مظلة إيرانية وبإسناد الصواريخ من غزة، وسوريا هي الأخرى تكن الشرور ولم تتخل بعد عن نواياها للرد على إسرائيل على ما كان، أو لم يكن، في أيلول/سبتمبر 2007.ونقلت صحيفة معاريف عن احد الوزراء الإسرائيليين بعد جلسة الحكومة أمس قوله: "سيكون من الصعب علي أن أنام في الليل. لدي انطباع أنه من الغرب فقط لا ينوي احد إطلاق النار علينا".ويوضح التقدير الاسخباراتي الإسرائيلي، أن عصر المعارك الثقيلة والحروب الكبرى بالدبابات والمدفعية انتهى، ولكن رغم ذلك لا يوجد ما يبرر التفاؤل، حيث أن الأزمة في لبنان- حسب التوقعات في تل أبيب- على شفا الانهيار، ونصر الله قريب جداً من السيطرة على لبنان، حتى من خلال الانتخابات القادمة للبرلمان، كما تبين صحيفة معاريف. كما يشير التقدير الى أن النظام في سوريا مستقر: بشار الأسد، كما يقول خبراء الاستخبارات الإسرائيليين، يسيطر على دمشق بيد عليا. وبحسب التقدير ذاته، فأن السوريين يكنون الشر ولا يعتزمون المرور مرور الكرام على الأحداث الأخيرة في أراضيهم.وفي المعلومات التي تحدث عنها الخبراء الإسرائيليون خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس فأن الذراع الصاروخي لدى سوريا يغطي دولة إسرائيل من أقصاها إلى أقصاها بما في ذلك قدرات كيماوية وربما بيولوجية أيضا.كما تقدر دوائر الاستخبارات في تل أبيب أن حماس أيضا تعتزم استئناف القتال، فالهدوء الحالي شكلي ولا يعكس النوايا الحقيقية، ويشدد التقدير على أن حماس هي الذراع الجنوبي لذاك الاخطبوت الذي يحيط بالدولة العبرية. وعرج التقرير الاستخباراتي الإسرائيلي على الحكم في جمهورية مصر العربية، قائلاً: "النظام المصري مستقر، وبعد الرئيس حسني مبارك سيستولي على الحكم أبنه جمال مبارك، أو كبديل وزير الدفاع طنطاوي أو وزير المخابرات سليمان"، ويشير التقرير إلى أن كل هذه البدائل، من ناحية إسرائيل، معقولة وستحافظ على الاستقرار. إيران مستقرة هي الأخرى، حسب التقدير الاستخباري الإسرائيلي. والذي يشير أيضا إلى أن السعي الإيراني للوصول إلى النووي سينضج مع نهاية السنة القريبة أو السنة التالية، أي 2009. ويقرر التقدير الاستخباري بان الأميركيين، من شبه المؤكد لن يعملوا ضد الإيرانيين، كما أن نجاعة العمل العالمي محدودة ولا تؤثر على وتيرة التقدم الإيراني. وبتعبير آخر يقول التقدير الذي وضع على طاولة اولمرت، أن إسرائيل وحيده في مواجهة التهديد الإيراني.ويخلص خبراء الاستخبارات الإسرائيليون في تقديرهم إلى التأكيد أن المخاطر التي عرضت أعلاه، ستؤدي إلى تعزيز إمكانية إحاطة إسرائيل في غضون سنة، أو حد أقصى سنة ونصف، بحزام "إرهابي" مسلح، مدرب ومزود بالصواريخ، مع إسناد لدولتين حدوديتين، سوريا ولبنان، ومظلة نووية إيرانية. ونقلت صحيفة "معاريف" عن احد الوزراء الإسرائيليين أمس قوله: "لعله مع ذلك ينبغي إقامة حكومة وحدة وطنية على عجل".