في مثل هذا اليوم من كل عام- في الثامن من آذار- نحتفل ويحتفل العالم معنا بيوم المرأة العالمي. ولكن ما يدعو للأسف أن المحتفى بها ما زالت تعاني من الاستغلال والاضطهاد المتعدد الأشكال، إن على المستوى الطبقي أو الاجتماعي أو السياسي، أو الجنسي.. ولا تخال ذلك يحدث بحقها إلاّ لكونها امرأة يُنظر إليها بدونية في كثير من دول العالم ومجتمعاته يستوي في ذلك حال المجتمعات والنظم الصناعية الكبرى أو الدول النامية ومجتمعاتها بلا استثناء.إنَّ هدر حقوق المرأة واضح جلي لا يحتاج لتعداده أو ضرب الأمثلة والشواهد عليه.ذلك ما يرتب علينا كطلائع ثورية تجلُّ دور المرأة ومكانتها في المجتمع كإنسانة أولاّ وأم، وأخت، وزوجة، ورفيقة درب ثانياً وثالثاً... أن نكون عوناً لها، مدافعين عن قضاياها، حتى انتزاع كل حقوقها المستلبة سواءً من الحكومات أو الشركات، أو من براثن القيم البالية في المجتمع الذي رسخها الجهل والرجعيون الخشبيون الذين لا يقيمون وزناً للروح الإنسانية وحقوقها المشروعة. ذلك العون، وتلك النصرة للمرأة لا تلغي بحال ضرورة نضالها واطلاعها لدورها في النضال من أجل احتلال وتبوء مكانتها على كل الصعد.ونحن كثوريين يساريين وتقدميين يقع على عاتقنا أكثر من غيرنا مهمة النضال، ومهمة النصرة لكل المظلومين، ولنا في القائد والثائر الأممي أرنستو جيفارا الذي قال: "أينما وجد الاضطهاد فذاك موطني".ولعل المتتبع لوضع المرأة في مجتمعنا العربي الذي يعاني التخلف والتبعية وسيطرة الأجنبي وحلفائه المحليين من حكومات، وأحزاب على مقدراته وثرواته بتواطؤ من هؤلاء الحكام الذين يضطهدون ويصادرون حقوق شعوبهم وذلك بهدف ضمان استمرارهم في إحكام السيطرة علينا وعلى ثروات بلادنا، إشباعاً لنهمهم ونهم أسيادهم.ذلك ما يزيد من قساوة عيش المرأة وبعدها عن نيل حقوقها حيث تنخر المفاهيم الماضوية التي ما جاء بها سلطان عقل أو دين.إن المتابع لحال المرأة في مجتمعاتنا يرى بجلاء كم هي تعاني من ظلم المجتمع والرجل في آن، حيث يجعل منها التابع الذيلي في كل أمر، متناسياً أنها الأم، والزوجة، والأخت، أو أنها نصف المجتمع، فبحرمانها من حقوقها يُحرم المجتمع من قوته وطاقاته.ولعلنا لن ننسى حال المرأة الفلسطينية في ذات السياق فمعاناتها قد تزيد عن معاناة أقرانها وأترابها من النساء العربيات.فإذا كانت المرأة الفلسطينية كجزء من المجتمع الفلسطيني قد عاشت التشرد والحرمان ومن ثم الاحتلال بكل ما حمل من قساوة وجور وعسف، إلا أنها تفرّدت بتحمل أعباء ذلك أكثر من غيرها فهي زوجة الشهيد، وأم الشهيد، والجريح، والأسير، بل هي الشهيدة والجريحة والأسيرة،حيث لم تتوان عن تقدم الصفوف مع أخيها، وزوجها، وابنها الرجل دفاعاً عن الكرامة والحقوق.ولئن وصلت المرأة بفعل نضالها إلى احتلال بعض المناصب، وتقلد المسؤوليات في كثير من صعد الحياة الفلسطينية، مناضلة وطبيبة ومعلمة وممرضة... إلا أن ذلك لم يفها حقها، فما زالت الطريق طويلة أمامها نضالاً وكفاحاً لاستعادة، أو استرداد، أو نيل حقوقها.إننا وفي هذه المناسبة مناسبة يوم المرأة العالمي لنتطلع بكل شوق إلى اليوم الذي يأتي وتكون فيه المرأة الفلسطينية وقد نالت حقوقها المشروعة لتضع يدها بيد أخيها الرجل لبناء مجتمعنا الفلسطيني وترسيخ دعائم بنيانه، وخلق مجتمع قوي مؤسس على الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية دونما فوارق طبقية، أو جنسية بين ذكر وأنثى.أما ونحن نمر في مرحلة دقيقة من عمر ومسيرة قضيتنا فقد آن الأوان ودونما رجعة إلى التحرر من كل معوقات التقدم، والبناء، والتطور، وخلق المجتمع المؤطر سياسياً، ونضالياً، واجتماعياً ارتفاعاً لمستوى القضية التي تطاولت عقوداً من الزمن بفعل غطرسة العدو والقوى المؤيدة له، وبفعل ضعف الموقف العربي الرسمي، كما بحالة الانقسام والضعف والترهل في ساحتنا الفلسطينية.إن استمرار الحال على ما هو يعني مزيداً من العذابات ومزيداً من القهر والظلم لشعبنا بكل فئاته.ذلك ما يستدعي من كل القوى الحية في مجتمعنا لوقفة جادة تعيد فيها الحسابات، فتبتعد عن المصالح الفئوية الضيقة، وتقدم المصلحة العامة، وتصنع اللحمة بين مكونات وقوى شعبنا الفاعلة. في عيد المرأة العالمينقول لأمهاتنا، وأخواتنا، وأزواجنا، ورفيقاتنا أنتن منّا بمثابة الروح والعين، لكنَّ كل الحب والوفاء والعطاء، لأنكنَّ أهلاً لكل عطاء وبذل.طوبى لكنَّ، فأنتن صانعات الحياة وديمومتها، وأنتنَّ صانعات الرجال.وإلى مزيد من النضال والكفاح والتقدم.عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين