نشر موقع الحوار المتمدن في العدد 2054 بتايخ 29/09/2007 ( والأحداث المغربية)مقالا تحليليا لصاحبه سعيد لكحل في البداية لابد من التاكيد على أن الانتخابات و كما جاء في المقال ، لن تنتهي تداعياتها ، خصوصا بعد نسبة المقاطعة المرتفعة مقارنة مع جميع الاستشارات الشعبية التي عرفها المغرب منذ الاستقلال ، بالإضافة الى ذلك أن السلطة العليا في البلاد احترمت ما أطلق علية سابقا " المنهجية الديمقراطية " و تم تعيين وزير أول من الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في انتخابات ، هذا الوزير المعروف لدى العام و الخاص و لدى الآلاف من ضحايا الفضيحة الكبرى " النجاة " و التي من المؤكد انها ستعود للواجهة بشكل أكثر حدة من السابق بحكم المسؤولية المباشرة للوزير الأول الجديد حينما كان يتحمل مسؤولية وزارة التشغيل في عهد حكومة عبد الحمان اليوسفي. لكن لابد من التساؤل عن الدوافع الحقيقية لاختيار شخصين منتناقضين على جميع المستويات ، و هل جاء مقال سعيد لكحل كما يدعي تحليليا ، أم تضليليا يهدف من وراءه الإساءة الى المناضل أحمد بنجلون؟ و اذا كان الاستنتاج الذي خلص اليه كاتب المقال جاء اعتمادا على النتائج المحصل عليها لكلا الطرفين : 41 256 صوتا لعالي الهمة أي بنسبة % 72,13 من مجموع الأصوات المعبر عنها ، و 666 صوتا لأحمد بنجلون أي بنسبة %1,52 ، فان تلك المقارنة غير منطقية للأسباب التالية : - أن فؤاد عالي الهمة دخل الحملة الانتخابية باعتباره صديق للملك : " نزلت الى الساحة و تكلمت بموافقة الملك " كما صرح أخيرا في ندوة نظمتها جريدة المساء . - تجند السلطات المحلية بالإقليم من العامل الى المقدم و رؤساء الجماعات لفائدة الهمة و الدليل على ذلك المعاملة الاستثنائية التي حظي بها كما تدل على ذلك القرائن التالية : طريقة الاستقبال ، الوقوف و التحية ، السلام ، نصب الخيام ، وضع تجهيزات صوتية من النوع الرفيع ، توفير ترسانة من وسائل النقل ، حراس شخصيون ،حضور وازن للعديد من الأطرو ا لفنانين والرياضيين المشهورين عالميا ، و رؤساء الجماعات اضافة الى أشياء مهمة مثل : حضور أمني استثائي ، و امكانيات مالية ضخمة. و بالطبع تكون الخلاصة أن حملته الانتخابية عرفت تجاوزات متعددة تحدثت عنها العديد من التقارير و الشكايات الصادرة عن بعض المرشحين و جمعيات مختصة. ان أحمد بنجلون دخل الحملة الانتخابية معتمدا على رصيده و حزبه النضاليين ، و بامكانيات مادية و بشرية ضعيفة ، بالإضافة الى كون حزب الطليعة يدخل الانتخابات بعد قطيعة دامت قرابة ثلاثة عقود، كما دخل محروما من متطلبات حملة انتخابية في حدودها الأدنى. لم يتلق أية مساعدة من السلطات كما فعلت مع الهمة ، لم يهرول الأطر و الفنانون و الرياضيون و أصحاب المناسبات كما فعلوا مع الهمة, لم تجند الجماعات المحلية امكانياتها و موظفيها و تضعها في خدمته كما فعلت مع الهمة ، لم تنصب له خيام و لم يتجند المقدمون و القياد ، و ان كانوا قد تجندوا فعلا فقد كان ذلك لمحاربة بنجلون . يتسائل سعيد لكحل عن من الذي أقنع ثلثي الناخبين بدائرة الرحامنة على كسر قاعدة العزوف و التصويت بكثافة على لائحة الهمة ، و أضاف " ان الأمر يدعو فعلا الى الوقوف مليا عن الحدث، ذلك أن الهمة لا يواجه المخزن ، كما فعل الرادكاليون من قبل حتى يكسب تعاطف المواطنين ، كما أن مسؤوليته الحكومية التي استقال منها لم تكن عنصر استقطاب الناخبين و كسب الأصوات ." فاذا كان ذلك صحيحا ، لماذا هرول العديد من الأطر و الرياضيين و الفنانين و اتخذوا من الرحامنة قبلتهم المفضلة ؟ أليس حبا في مكانة عالي الهمة لدى القصر؟ أليس حبا كذلك في التقرب منه و التيمن بطلعته ، لأنهم وجدوا فيه بحكم علاقته بالحكم فارس أحلامهم مستقبلا ؟ وفي عملية تمويهية لأعطاء انطباع لدى القارئ بأن النظام الملكي في عهد محمد السادس – استطاع أن يتخلص تدريجيا و عمليا من التصورات السلبية التي تكونت لدى المواطنين على مدى العقود السابقة ، بفعل سياسة القمع التي طبعت علاقة " المخزن " بالمواطنين ، نتسائل ببساطة : أين نضع القمع اليومي بشارع محمد الخامس بالرباط للمعطلين و الحقوقيين و النقابيين ؟ أين نضع قمع المواطنين بصفرو قبل أن تتحول وقفتهم الى انتفاضة عارمة ضد الاستبداد ، و قبلها سكان بن صميم و مسيرات المعطلين في مختلف المدن المغربية ؟ و عن دفاعه عن المفهوم الجديد للسلطة قال : " ان الملك استطاع أن يؤسس للمفهوم الجديد للسلطة الذي كان من نتائجه المصالحة بين الدولة و المجتمع و توسيع هامش الحريات " فان كان ذلك صحيحا ، كيف تفسر لنا اصدار أحكام جائرة في حق شباب في مقتبل العمر بدافع اهانة المقدسات ؟ هل فعلا قام المناضل الطليعي الشهم محمد بوكرين و هو في الثانية و السبعين من عمره باهانة المقدسات للزج به في السجن ظلما و عدوانا ؟ لماذا أقدمت السلطات غلى قمع كل التحركات و المسيرات الجماهيرية احتجاجا على موجة الغلاء السافرة ؟ و كيف تفسر لنا مقاطعة 75 % من الناخبين لصناديق الاقتراع يوم 7 شتنبر 2007 و في ظل المفهوم الجديد للسلطة كما تدعي ؟ و لاعطاء صبغة بكون نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة أثبتت بتغير " خير الله خير الله " " أن ليس في الإمكان الاستهانة بالفكر الوسطي المترسخ في المجتمع المغربي من جهة و – لا بالجهود – التي بذلت و الإصلاحات التي نفذت من أجل نقل البلد الى مرحلة جديدة " ، فأية مرحلة تتحدث عنها ؟ ألم تطلع على التقارير الدولية التي تتحدث عن المراتب التي يحتلها المغرب في كل المؤشرات ؟ ألا يوجد المغرب في المؤخرة ؟. و عن الدور الذي يلعبه الملك في الحياة السياسية و الاجتماعية من خلال ما يتخذه ، غدا يمثل الفاعل الحقيقي الذي يكسب ثقة المواطنين، نقول بأننا نعتبر ذلك احتكارا لكل شيئ مما يدعو الى الخجل و ليس للتفاخر . و في هجومه على الأحزاب السيايسة التي تتهافت على المقاعد البرلمانية و الحقائب الوزارية ، و أصبحت ضحية العناصر الفاسدة و الانتهازية التي أغرقت المواطنين بالشعارات و أهملت قضاياهم الجوهرية ، بل أدرك المواطن أن البرلمان غدا مشلولا و عبئا بسبب عطائه المحدود ، و عجزه عن محاربة الفساد. يريد كاتب المقال أن يزرع اليأس وسط الجماهير و يقنعها بأن جميع الأحزاب " بحال بحال " و هنا لابد من التذكير على أن نظام الحسن الثاني كان المسؤول المباشر عن افساد الحياة السياسية من خلال تفريخ أحزاب في كل مناسبة انتخابية و مدها بالإمكانيات المادية ، و في خطاب رسمي طلب من رجال الأعمال و أصحاب المال للترشح للبرلمان و كانت الحصيلة ان اصبح أميون و أباطرة مخدرات و ناهبوا المال العام برلمانيون محترمون ، و انتشرت عدوى شراء الأصوات بل اصبح جلادون زعماء أحزاب، وأبدعت وزارة الداخلية في كل مناسبة انتخابية في اعادة تقسيم الدوائر حتى تضمن نجاح من تريد. كل ذالك كان لغرض أساسي هو تكسير شوكة الأحزاب المناضلة الحقيقية و التي تعرضت للمؤامرت المتعددة بفضل أولائك العملاء الخونة المندسين وسطها من طرف المخزن ، و نعطي أبسط مثال على ذلك بالمؤامرات التي تعرضت لها الحركة الاتحادية الأصيلة منذ تأسيسها حيث تعرضت لكل أشكال التعذيب و الاختطاف و النفي و الاغتيال لأبرز زعمائها الحقيقيين. و يبرر لكحل دفاعه عن نجاح عالي الهمة بقوله : " فالناس باتوا بحاجة الى من ينقل مشاكلهم الى الملك أكثر ممن يطرحها تحت قبة البرلمان " فاذا كان الأمر كذلك ، فعى كل اقليم أن يستعد للإنتخابات القادمة بأن يبحث عن مرشح صديق للملك حتى يتمكن من نقل همومهم اليه ، وما علينا الا ان نصلي صلاة الغائب على البرلمان.