أرجأت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء النطق في قضية "الوطن الآن" والتي يتابع فيها الزميلان عبد الرحيم أريري مدير النشر في حالة سراح ومصطفى حرمة الله في حالة اعتقال إلى يوم الأربعاء 15 غشت 2007 وذلك بعد الانتهاء من مناقشتها خلال جلسة يوم الثلاثاء 07غشت 2007.وأفاض الدفاع في دحض ادعاءات ممثل النيابة العامة التي كانت تصب في اتجاه تحميلهما مسؤولية ماينص عليه الفصل 571 من القانون الجنائي المتعلق بإخفاء أشياء متحصل عليها من جريمة، حيث جدد الدفاع بداية طلبه لإحضار ما تعتبره النيابة العامة وثائق سرية نشرت بأسبوعية" الوطن الآن" ليوم 14 يوليوز 2007، لكن هيئة الحكم أكدت أن هذه الوثائق هي موضوع متابعة لبعض العسكريين في المحكمة العسكرية، فما كان من الدفاع إلا اعتبار أن المتابعة ناقصة وغير مكتملة الإخراج، ومن بين النقط الأخرى التي ركز عليها الدفاع ممثلا في النقيب الأستاذ عبد الرحيم الجامعي والأستاذ خالد السفياني:* ارتكاز النيابة العامة في مداخلتها على أن الوثائق موضوع المتابعة هي المنشورة في أسبوعية "الوطن الآن" يجعلنا أمام فعل ينبغي متابعته في إطار قانون الصحافة وليس القانون الجنائي* هناك جهات سياسية حاولت التضخيم من الملف ممثلة في شكيب بنموسى وزير الداخلية ونبيل بنعبد الله وزير الاتصال من خلال تصريحاتهما الصحفية والتي اعتبرت أن ما قامت به "الوطن الآن" وكأنه يندرج في إطار جريمة الخيانة العظمى، وهو ما يجعل التحدي والرهان كبيرا على القضاء الذي يريد البعض استغلاله لضرب الصحافة المستقلة* فشل النيابة العامة في إلباس الملف صبغة تمس بأمن وسلامة الدولة، واعتبار الصحافيين أريري وحرمة الله وكأنهما جاسوسين أو مخبرين ، والحال أنهما صحافيان قاما بواجبهما المهني على أحسن مايرام* توالي الخروقات القانونية والانتهاكات الحقوقية في هذا الملف بدء من الاعتقال إلى الوضع في الحراسة النظرية إلى التكييف الجرمي إلى الاختطاف الذي تعرضت له أسرة الزميل مصطفى حرمة الله ولم يتم استثناء رضيعه الذي لم يكمل سنته الأولى والذي ظل محتجزا في وضعية غير قانونية لأزيد من 20 ساعة في ظروف أقل ما يقال عنها أنها غير إنسانية وحاطة بالكرامة * أبدى الدفاع أسفه من استمرار بعض الجهات في "التنقيب" عن كيفية الزج بالصحافيين في السجن وخلق تهم ضدهم هي من محض الخيال، إذ ليست هناك أدلة على إخفاء أشياء بل الأصل هو أن هناك نشر لما تعتبره النيابة العامة إخفاء، والنشر والإخفاء لايجتمعان بل هما متناقضان* إذا كانت النيابة العامة تتحدث عن قيام الصحافيين أريري وحرمة الله بالمس بالدفاع الوطني عبر نشر وثائق تخص الجيش والذي من شأنه دائما حسب النيابة العامة أن يكشف للإرهابيين الخطط العسكرية لمواجهة التهديديات المفترضة فكان الأولى على النيابة العامة الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية في النظر في هذه القضية وإحالة الملف برمته على المحكمة العسكرية، وإلا فإن النيابة العامة بنفسها تقوم في هذه الجلسة بإفشاء سر من أسرار الدفاع الوطني، وطالب الدفاع من القضاء امتلاك الشجاعة وعدم التأثر بمداخلة النيابة العامة التي خلقت رفقة تصريحات المسؤولين جوا من الهلع والرعب في صفوف الرأي العام الوطني والدولي * شدد الدفاع على ضرورة تحديد طبيعة الجريمة الأصلية حتى يتسنى متابعة الزميلين الصحافيين على خلفيتها، مطالبا في الوقت ذاته بإبراز مكمن السرية في هذه الوثائق التي تحدثت عنها تصريحات المسؤولين قبل أسابيع من النشر * أكد الدفاع على أن ما تعتبره النيابة العامة ركنا ماديا ومعنويا في الفعل المرتكب ما هو إلا من محض الخيال ويخلو من الإثباتات القوية، وبأن المحاكمة هي ذات أهداف انتقامية من توجه فاشستي يحاول تدشين حملة التطهير ضد الصحافة المستقلة حيث بدأت تظهر معالمها من خلال متابعة أحمد بنشمسي مدير أسبوعيتي" تيل كيل" و"نيشان" وحجزهما والتماطل في طبع العدد الأخير من" لوجورنال".. إنها محاولة من البعض إرجاع المغرب إلى الوراء كما قال النقيب الجامعي، وهو ما سنواجهه ونتصدى له بكل ما أوتينا من وسائل وطنيا ودوليا يؤكد الأستاذ الجامعي، مضيفا أن النيابة العامة أضحت تهدد الأمن القضائي، في تعاملها مع الصحافيين وكأنهما إرهابيين أفشلا الخطط العسكرية لمواجهة التهديدات المتطرفة، ليختم الأستاذ الجامعي مرافعته التي دامت زهاء ساعة بالقول لهيئة الحكم، إنكم مسؤولون أمام الوطن والتاريخ بأي حكم تصدرونه في حق السيدين أريري وحرمة الله، ملتمسا الحكم وفق النزاهة والاستقلالية والقانون، والإبقاء على جذوة الأمل في قلوب المواطنين وعموم المتتبعين في الداخل والخارج* بدوره اعتبر الأستاذ خالد السفياني أن محاكمة أسبوعية "الوطن الآن" هي محاكمة للوطن ككل ولكل الصادقين والشرفاء ولكل المشتغلين في مجال الصحافة، وهاهو التاريخ يعيد نفسه فقد ولى عهد أوفقير والبصري الذين كانا يستغلان القضاء في إدانة المناضلين والشرفاء، وهو ما يتكرر اليوم في عهد بنموسى وبنعبد الله حيث تحاك التهم في دهاليز وزارة الداخلية ضد الصحافيين، وكانت البداية بالوطن الآن وبعده نيشان وتيل كيل وغدا لاندري على من سيتم القبض والمحاكمة، كما دحض الأستاذ السفياني ادعاءات النيابة العامة عندما اعتبرت "الوطن الآن" جزء من وسائل الإثبات بعد نشرها للوثيقتين ، وهو مالايستقيم مع ما تدعيه من إخفاء لأشياء لأن الزميلين نشرا الوثيقتين ولم يكن هناك إخفاء، وعليه فالمتابعة هي احتيال على القانون وباسم القانون، وجدد الأستاذ السفياني التأكيد على أن مثل هذه المحاكمات هي التي تشكل تهديدا حقيقيا للأمن، وإذا كانت النيابة العامة تدعي أنها ممثلة المجتمع فإن المجتمع بكل أصنافه يندد بهذه المحاكمة، وخير دليل على هذا الوقفات الاحتجاجية المنظمة عبر المدن وتزامن هذه المحاكمة مع حمل الصحافيين للشارة الحمراء تعبيرا عن رفضهم لهذه المتابعة المفبركة، والتي تفتقد لأي بنيان قانوني سليم ومنطقي.وبعد الانتهاء من مرافعات النيابة العامة والدفاع أعطيت الكلمة النهائية للزميلين عبد الرحيم أريري ومصطفى حرمة الله والذين اكتفيا بالقول أن التهمة لا أساس لها من الصحة وأنهما لم يخفيا أية وثائق بل نشراها بمجرد التوصل بها، وأن ما قاما به هو من صميم عملهما الصحافيبعد ذلك قرر رئيس هيئة الحكم إرجاء النطق بالحكم إلى يوم الأربعاء 15 غشت 2007، وأمام هذا الإرجاء التمس الدفاع للمرة الرابعة الإفراج عن الزميل حرمة الله المعتقل منذ 17يوليوز 2007، ومتابعته في حالة سراح مؤقت كما هو عليه الحال بالنسبة للزميل أريري، لكن المحكمة رفضت الطلب بعد المداولة والإبقاء عليه رهن الاعتقال بسجن عكاشة بالدار البيضاءيذكر أن هذه المحاكمة تميزت بحضور عدد من ممثلي المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية.