هذا العنوان دليل الاحتفاء بين قطبين إعلاميين لضفتين مشتركتين، بين الأسبان والمغاربة. ولكنه احتفاء من حجم خاص. حيث تتلاقى الحضارتان وتتمازجان عبر نوعية ثقافية دافعة.مبادرة إعلامية إسبانية امتدت قرابة عقد ونيف من الزمن. وتبقى راسخة فى الذهنية الثاوية للصحافة الصديقة بامتياز.لماذا "التراث المشترك بين المغرب والأندلس"؟أولا، لأن فاس التى احتضنت المؤتمر من السابع إلى العاشر من يونيو الحالي، هى قاطرة العلم والعرفان، وروحانيته الملمة بثنايا التاريخ الإنسانى والعالمي.ثانيا، لأن فاس هى الذاكرة الفصيحة لجوهر التراث الأندلسي، قيمة المعمارية والتاريخية.وبين الرقمين، ذلك الوجود المتأبد فى رافعة المدينة التى أسست للجامعة العلمية، بكل ما تحمله القيمة من معنى.فاس إذن جمعت الصحافيين بالضفتين، وأشارت بالبلاغة إلى متانة العمق التاريخى والثقافى بين القاطرتين.سبق للقاء الأخير المنظم بمدينة كاستيار دى لافرونتيرا بإسبانيا أن أكد على ضرورة البحث عن وسائل لتطوير هذه التظاهرة. ما حدا بالصداقة الإعلامية الإسبانية المغربية بالتفكير فى نوعية اللقاء بفاس، والتى تعد جوهر الامتداد الجغرافى والتاريخى لهذه العلاقة الراسخة. ثم كانت التجربة نابضة بكل المعانى التى تحملها كلمة الشراكة والتواصل. وهذا ما ميز تدخل رئيس جمعية صحفيى الأندلس وجبل طارق السيد تان راميريس، الذى درج مفهوم التبادل الإعلامى والثقافى بين البلدين، من خلال تبادل الخبرات والتشاور فى القضايا ذات الاهتمام المشترك. كما يوظف علاقة الإعلام بين الضفتين فى السمو بمهنة المتاعب، واعتبارها رافدا من روافد السيرورة والتداول. فى حين يعتبر مصطفى العباسى رئيس الجمعية المغربية للصحافة المناطق المعتمة من روافض الرأى نقطة اشتراك تناظرى فى مشروع الإعلام بالضفتين، وليس مجرد ثغرات فى العلاقات الثنائية بين بلدين تجمعهما صداقة وجوار مشترك. الصحفى عزيز باطراح رئيس نادى الصحافة والاتصال بمراكش حوض تانسيفت بادر فى كلمته التى ألقاها فى المؤتمر إلى طرح أفكار تخص تنظيم العلاقات بين الإعلاميين فى الضفتين على أساس يضمن توحيد الأهداف وتحقيق النوعية واقتراح التقارب، حتى فى مداه السياسي.معتبرا مشاريع الإعلام والثقافة مكملا استراتيجيا لعلاقات أخرى. وأضاف باطراح: إن الإعلام هو المجال الأكثر نفوذا فى مصير التوجهات البديلة على أكثر من صعيد، خصوصا فى الشأن الديبلوماسي. وحدد معالم هذا التفاعل بين حضارتين تعيشان فى نهر واحد ومنبع واحد. علاقة مشتركة يكون نضالها الزمنى متحدرا من لغة خاصة وحوار متواصل وفاعل. واقترح رئيس نادى الصحافة بمراكش العمل على توسيع المؤتمر على المستوى التنظيمي، ملمحا إلى إعادة توحيد الجبهة ، حتى لا تبقى موقوفة التنفيذ على منطقة معينة.وفى غمرة اليومين الأولين تم فتح ورشات تدريبية بالمؤتمر حول"المعمار التاريخى والتراثى لفاس والأندلس" و"التراث الإسبانى المشترك" تأطرت من خلاله الوفود الإعلامية المشاركة الإسبانية والمغربية على إمكانية تفعيل ميكانيزمات رصد بعض الخصوصيات فى المجال الصحفى حول التراث والحفاظ عليه وأيضا مواصلة البحث عن البدائل الثقافية والتواصلية فى المنظومة الخبرية ونظامية البروباجندا.وعلى هامش المؤتمر التقى المشاركون فى أكثر من نقطة خارجية، كمهرجان الموسيقى الروحية بفاس، ومهرجان حب الملوك بمدينة صفرو، والمهرجان الثقافى لمدينة إيفران ذات النبوغ الثلجي.كما وقع كل من نادى الصحافة والاتصال بمراكش والجمعية المغربية للصحافة اتفاقية تعاون وشراكة بحضور جمعية صحفيى الأندلس وجبل طارق، جاء فى أهم بنودها تبادل الخبرات والتجارب بين الجانبين، والتزام كل طرف ببذل جهود من أجل تواصل دائم ومستمر، يهدف إلى التداول والتحاور فى كل القضايا التى تهم المهنة والمهنيين. والعمل على تنظيم دورات تدريبية ترنو إلى تطوير أداء المهنيين بشكل يضمن للمهنة أداء متوازنا ومتزنا، ومواكبة التطورات التى تعرفها المملكة المغربية، وأيضا فاعلا استراتيجيا فى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة. وتنظيم ملتقيات وندوات بالتناوب، والعمل على فتح قنوات للتواصل والشراكة والتنسيق مع كافة الإطارات الماثلة داخل وخارج الوطن.وكان الإعلامى المغربى نبيل الخافقى مسؤول الشراكات وعقد الاتفاقات بالمجلس الإدارى لنادى الصحافة والاتصال بمراكش حوض تانسيفت قد صرح لوكالات الأنباء والصحافة الحاضرة أن الشراكة فى العمق هى اتصال وتواصل، ومقاربة استراتيجية للقضايا الكونية والإنسانية الراهنة. وأن النادى يضع من بين اهتماماته توسيع العلاقات بين الضفتين إلى أبعد من الإعلام، ليشمل عمليات الثقافة والمثاقفة كوسائط معرفية تساعد على توثيق الصلة بالخبر والإخبار والبحث عن المصادر بكل مصداقية وحيادية.وأضاف الخافقى أن مبدأ الشراكة هو فى الأصل بحث عن أسس المعرفة، بما هى انتقال من عالم التجريب إلى عالم الإبداع. كما أن نادى الصحافة بمراكش يفتح أذرعه لكل الجغرافيات والمشاهد الإعلامية أيا كان موقعها، لعلاقات يسودها الاحترام والتقدير والعمل المتبادل، من أجل إعلام بانى ومتقدم.وقد كانت لهدية وفد مراكش الإعلامي، المقدم لكل من عمادة فاس العالمة، فى شخص السيد حميد شباط، ورئيس جمعية صحفيى الأندلس وجبل طارق السيد تان راميرس، وقع كبير فى نفوس الحاضرين المشاركين، حيث كانت مجسمات صومعة الكتبية بعلوها وجبروتها التاريخى والمعماري، خير دليل على مكانة القرب الجغرافى والتاريخى والثقافى والمعمارى بين الضفتين. كما أن ملصق المؤتمر الذى رمزت إليه صورة الكتبية وهى تحفر فى متاهات الزرقة وفضاءات الأندلس، قربانا روحيا للتواصل بين الوفود. خصوصا بين شمال المغرب ووسطه وجنوبه. ويذكر أن من بين التوصيات العامة التى خرج بها المؤتمر، البند المتعلق بتثمين الموقف الإسبانى من مشروع المبادرة المغربية المقدمة لهيئة الأممالمتحدة، والتى تمنح للصحراء حكما ذاتيا.كما نوهت توصية أخرى بالحضور المميز للوفد الممثل لنادى الصحافة والاتصال بمراكش فى حين تمت المصادقة على اقتراح عقد المؤتمر الثانى والعشرين بين الضفتين بمدينة مراكش خلال العام القادم، أى بعد المؤتمر التالى الذى سيعقد نهاية أكتوبر من عام 2007.