كان الإعدام في أول يوم من أيام عيد الأضحى المبارك وهو خارج العرف الديني والمألوف الأخلاقي ، وقد وصف إعدام المغفور له الرئيس صدام حسين من قبل أكثر من طرف رسمي وشعبي ودولي ،بأنه مثل وحشي بلا خجل ديني وأخلاقي ، واستنكرته أطراف دولية عدة . والواقف على حقيقة الإعدام يمكنه بسهولة اعتباره عقاباً واغتيالاً سياسياً، ومؤامرة إسرائيلية أمريكية مبرمجة بدقة متناهية لإشعال الفتنة الطائفية في المنطقة كلها ، وفتح ثغرة للفتنة بين أبناء الدين الواحد وفق المشاهد الآتية : 1 المشهد الأول : ترحيب أمريكي وبريطاني قائدا عدوان واحتلال العراق ، ووصفه بأنه شكل عقوبة عادلة .وهنا يجب ألا ننسى العداء البريطاني الأميركي للعراق منذ ثورة 14 تموز عام 1958 ، وسقوط الحلف المركزي (حلف بغداد) ، وقد تركز هذا العداء بعد عام 1968 ، واستمر مع عداء أمريكا وتآمرها فيما بعد وبالذات بعد احتلال الكويت . فتبلور عداء شخصي من عائلة بوش اتجاه صدام حسين ونظامه . وكل هذا تم لأن الراحل كان يقف بصلابة ضد مشروعها الصهيوني الصليبي ( الشرق الأوسط الجديد) الهادف للسيطرة على المشرق العربي اقتصادياً وسياسياً ، ولضرب المقاومة الوطنية في لبنان بعزلها كونها تمثل طرفاً معادياً صلباً .2 المشهد الثاني : صرح خامئني مرشد الثورة الإسلامية في إيران بعد تنفيذ عملية الإعدام ( أنه يهنئ الشعب الإيراني بإعدام صدام حسين وقيام الأجهزة الاستخبارية الإيرانية بإعدامه ) والمقصود هنا مباشرة إشراف الإيراني الجنسية كريم شهبور والذي يسمى موفق الربيعي على إعدامه من غير المنفذين الذين كانت وجوههم مغطاة . 3 المشهد الثالث : صرح الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية : ( إن صدام كان العدو الأول لنا ، كانت عقوبة الإعدام عادلة بحقه فهو الذي هدد أمننا عدة مرات ) ، والمرء المتابع يعرف كيف كان الرئيس صدام وبوحي مبادئه القومية العربية سداً منيعاً ضد المخطط الأمريكي الصهيوني في المنطقة.4 المشهد الرابع : صرح الناطق باسم الحكومة الكويتية :(إن الإعدام شأن عراقي داخلي وكان بحق مجرم بحق الإنسانية) . علماً بأن الذاكرة الكويتية معروفة في موقفها العدائي ضد صدام والعراق منذ احتلال الكويت ، ذلك الموقف الذي أدى إلى عداء كل ما هو عربي.5 المشهد الخامس : إن ما تم القيام به أثناء تنفيذ الإعدام وبعده ، والهتافات والشعارات التي سمعت أثناء ذلك ، كانت توحي أن العملية برمتها هي شكل من أشكال الثأر ، فقد روِّج أن مقتدى الصدر كان حاضراً في العملية . ومع ذلك فالمؤامرة أكبر منه ومن نظام الحكم الطائفي في العراق حالياً .... إنها مؤامرة يراد بها ضرب المسلمين بعضهم ببعض وتفتيت المنطقة وجرها الى المجهول.إن البعد القانوني للإعدام كان غائباً بشكل مطلق ، ابتداءً من تشكيل قانون المحكمة مروراً بإجراءاتها والقائمين عليها حيث كانت فاقدة المشروعية والشرعية . والمرء يجد بوضوح الخصومة الشخصية في المحاججات القانونية وطريقة إصدار الأحكام ، هذا كله من جانب . ومن جانب آخر؛ كانت انتهاكاً للقانون الدولي وبالتحديد القانون الدولي الإنساني ، واتفاقية جنيف الثانية .6 المشهد السادس : يتعلق بشخصية صدام حسين في اللحظات الأخيرة من حياته لكبرياء الرجولة ، والمجاهد ضد الاحتلال وأقطابه من بعض العملاء الذين جاؤوا على دباباته حيث لا عتب على هؤلاء ، فانعدم لديهم الضمير الديني والوطني والأخلاقي والإنساني بشكل كبير ، وارتكبوا الخطيئة الكبرى بحق عروبة العراق ورئيسها صدام . 7 المشهد السابع : ذهب الجسد (صدام حسين) ولكن بقي فكره و روحه حيث في اللحظات الأخيرة من توديعه للحياة كان يهتف باسم العراق ، تحيا الأمة العربية ، تعيش فلسطين عربية ، ثم نطق بالشهادة ثلاث مرات . لقد رحل وهو وطنياً وقومياً وإسلامياً عروبياً ... أفلا يستحق الشهادة ؟! نعم كان شهيداً وسيكتب التاريخ عنه رغم أنه كان قاسياً واستبدادياً . إن مشهد إعدامه يغفر له ويبرر تلك القسوة والاستبداد اتجاه أعداء العراق لا سيما أولائك الذين جاؤوا على دبابة المحتل . والمستقبل سيكتب بهذا الاتجاه.ولمن يقرأ هذا البيان نقول : إن حركة القوميين العرب لم تتخلَّ عن الثوابت القومية ومعاداة الديكتاتورية والاستبداد والظلم والدعوة لتحقيق الحريات الشخصية التامة سياسياً ومدنياً . ولكننا لن نهادن العدو الرئيسي وسياساته وسنفضحه في كل مناسبةعاش الشباب القومي العربي رافع راية العدالة الاجتماعية في سبيل الوحدة والتحرر والديمقراطية عاشت العروبة . 15/1/2007