سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحقيق/شبان قرويون في مركز التكوين المهني بالتدرج بمدينة الجديدة... نخوض غمار مقاولة صغرى لمواجهة تحديات كهربة البيوت القرويةسنقدم ملفنا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بغية الحصول على مقر لمقاولتنا
من منا لا يود أن يحقق أحلامه، من منا لا يحلم أن يؤمن مستقبله ،هناك الكثير والكثير من الأحلام التي تراودنا ولكن هذه الأحلام والطموح تدور في عقل الشباب الذي لايرضى بوضعه الحالي، الشباب الذي ينظر أمامه دائما،ً وهذه الأحلام والطموح تحتاج فعلا إلى شباب طموح بمعنى أن هناك الكثير من الشباب يحلم أحلاما كثيرة لكنه لايسعى لتحقيقها فتتلاشى مع مرور الزمن ، وهناك من يضع حلمه نصب عينيه ويسعى وبكل ما أوتي من جهد لتحقيقه.وإذ نعيش في عصر يحتاج إلى الشباب المتعدد المهارات، القابل للتدريب والتأهيل،فان هذا هو الهدف الأساسي الذي حرصت عليه مديرية التعاون الوطني ومعها مندوبيتها بالجديدة. اعتمادا على فلسفتها الأساسية القائمة على الاقتناع بأن الشباب هو الثروة الحقيقية الدائمة للبلاد ،كأساس للتنمية، لذا تتجلى ضرورة تدريبه وإعداده حتى يقوم بدوره المأمول، ومن هنا كانت مراكز التكوين بالتدرج التطبيقي جديرة بالاهتمام، وعن هذا القطاع المتعلق بالحاضر والمستقبل جريدة العلم سافرت إلى جماعة أولاد حسين بمدينة الجديدة حيث يعيش الشاب إدريس الأزهري احد المتخرجين من هذه المركز ومعه ثلة من الشباب المتعطشين يرون أن خلاصهم الحقيقي فقط في إنشائهم مقاولة صغيرة [/color]قبل ما يزيد عن عشرة أيام زارني احد أصدقائي في بيتي وهو الأستاذ عبد الكريم زهير مدير مركز التكوين المهني بالتدرج، حدثني عن أمور كثيرة وقال لي من بين ما كان يحدثني عنه أن شابا من بين الذين تلقوا تعليمهم في الكهرباء بهذا المركز التابع لمندوبية التعاون الوطني بالجديدة،قد استطاع إنشاء مقاولة صغيرة في دوار لحشالفة بجماعة أولاد حسين التابعة لقيادة أولاد بوعزيز الشمالية وكانت تجربته تجربة رائعة بل الأولى من نوعها في الوسط القروي، وقد أثارني حديثه هذا عن الشاب الطموح وشدني لهيب الفضول إلى حيث الدوار الذي يسكنه،ولم يكن يمضي علي وقت طويل من زيارة هذه المنطقة وأماكن صنع الفخار الذي تتميز به في جولة كان قد قام بتنظيمها لضيوفه الأجانب والمغاربة الصحافي الفرنسي ميشل امونغال و بهرتني المنطقة،حفر هنا وهناك، أسلاك وأعمدة كهربائية ايدانا بدخول الانوار إلى هذا الدوار في إطار كهربة العالم القروي بعد أن ظل لعقود مهمشا ويعيش في ظلام دامس. استغرقت رحلتنا إلى دوار لحشالفة نصف ساعة واحدة بواسطة الأوتوبيس، وما إن حطت أقدامنا أرض القرية حتى اكفهر الجو وبدأ المطر يهطل رذاذا، كانت الخضرة تكسو الأرض، تنبض بالحياة وتمتد إلى مدى البصر مع أول قطرات المطر روت الأرض،كان علينا للوصول إلى مقر إقامة الشاب إدريس الأزهري أن نسلك جادة غير مبلطة إذ كانت طبقات الحصى و الأتربة تملأ الطريق المذكور، وكانت السهول واسعة والمزارعون يهتمون بأراضيهم، يحبون العمل، وكانت الحياة ما زالت على رتابتها والناس لا يطلبون أكثر من كهربة قريتهم وهم راضون عن حالهم أو هكذا يبدو لنا،وما أن دخل الكهرباء إلى القرية حتى غير بعض الشئ نمط الحياة، البيوت ابتاعت أثاثا جديدة و تجهيزات كهربائية جديدة فتغير الإيقاع اليومي الرتيب . وبنما نحن في طريقنا وأمامنا دليل من أهل الدوار يقودنا إلى البيت، والوجوه تتطلع إلينا مستفسرة ،صادفنا والد إدريس فاستقبلنا بابتسامة عريضة واركبنا في عربته وأخذنا إلى الدار بعد أن علم بالمهمة الصحافية التي جئنا من اجلها، لم يكن في بيته الواسع أي أثر للرفاهية، كنا نجوس داخل المنزل الحجري البسيط ،على الجدران صور بل بالأحرى بقايا صور وديكورات مصنوعة من الفخاراقتعد إدريس مقعدا إلى جانبنا إلى طاولة الفطور ونحن نأكل الزبد البلدي الذي تهفو إليه النفوس ونشرب كؤوس الشاي المنعنع بلا حساب وجعل يقص علينا حكايته:كنت لا أجد أمامي سوى الشموع أو نور غاز البيتان أجلس قربها محدقا في البيوت المظلمة المضيئة بغز البيتان مثل عيون ساهرة،تفكيري عادة ما كان يسرح في السماء في ليل القرية المحشو بالسكون إلا من نباح الكلاب الآتي من المناطق المحيطة ، لم يكن أمامي سوى المكوث في البيت ، والبقاء مع أفكار رأسي ، وفيما وجدت من العسير جدا البقاء على هذه الحال طويلا، والظلام يزيد من كآبة القرية،تناهى ذات يوم إلى سمعي أن مركزا للتدرج يوجد مقره بالجديدة بالقرب من عمالة الإقليم يستقبل شبابا مثلي لمنحهم فرصة اكتساب المهارة في الكهرباء ومواصلة تأهيلهم للاندماج في الحياة، قررت أن أخوض التجربة ، و استطعت بعد سنة ويزيد من الدراسة والدروس التطبيقية عند احد أشهر المقاولين بمدينة الجديدة الخروج من سطوة الظلام بحصولي على شهادة كهربائي، فالظلام كان يجعلني شديد الوحدة لا يدعني اعمل شيئا، هكذا تبادر إلى دهني أول ما تبادر أن انشأ مقاولة صغيرة وكان من حسن طالعي أن عرفت القرية أول عهدي بحرفة الكهرباء بداية أشغال مشروع كهربة العالم القروي الذي تشرف عمالة الإقليم على انجازه الشئ الذي منحني فرصة العمر بالاشتغال في القرية و بدأت أتلقى طلبات مجموعة من شباب قريتي للعمل معي إلى أن كونت طاقما من سبعة عمال لقنتهم أصول وقواعد الحرفة وقد ارتقوا بفضل اجتهادهم وتفانيهم في العمل وحبهم له إلى درجة معلم، قلنا لعزيز محراش(21 سنة) وهو احد معلمي إدريس الأزهري الذي تعلم على يديه بعد أن كان عاطلا عن العمل يداري معاناته في سكوت أن يحدثنا عن هذا العمل مشاركته فيه والثمار التي جناها، قال : أنا اشعر أننا ما زلنا في بداية الطريق ولو أن النتائج التي حصلنا عليها حتى الآن مرضية و كل ما ينقصنا هو الدعم ليتمكن المعلم إدريس من شراء مقر إي محل العمل ،فالمقاولة لازال مقرها داخل بيت المعلم إدريسومضى إبراهيم المليس (21 سنة) وهو أيضا من المتعلمين عن يد إدريس يكمل الحديث فقال: كنت خياطا وكنت غير راض على حرفة الخياطة التي قوست ظهري وأضعفت بصري ناهيك أن إرباحها جد ضعيفة ولا تلبي ابسط الحاجات الملحة حتى،وما أن علمت بمقاولة المعلم إدريس حتى سرت إليه مسرعا فسرت وراءه طلبا لأصول للحرفة إلى أن علمت بحمد الله وأصبح الحال أفضل مما كان عليه من قبل، وتابع مصطفى برميلي(19 سنة) الحديث فقال: كنت أنا الأخر خياطا بسيطا، ولم ارضَ لنفسي أن استمر في وضعي البئيس فاجتهدت في تحصيل حرفة المعلم إدريس التي أحببتها، و سنعمل جميعا على إنشاء جمعية لنكون ملفا نتقدم به إلى عمالة الإقليم في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بغية الحصول على مقر لمقاولتنا التي يترأسها المعلم إدريس وأتمنى أن يحضى ملفنا موافقة المسؤولين ، أما عبد الله كردودي(22 سنة) فقال أن المعلم إدريس كان قائدا ماهرا في قيادة المجموعة، حسن التخطيط، وواعيا ومقدرا لقيمة الوقت، ومدركا بأبعاد عمله في القرى فيما اعترف المعلم حسن حمود أن المعلم إدريس جاء للعمل معه وانه تعلم الشئ الكثير منه بالرغم من انه كان معلما مند بداية عمله معهوفي لقاء مع مدير مركز التكوين بالتدرج حيث رافقنا في هذه الجولة، تركز في مجمله بشان التكوين قال الأستاذ عبد الكريم زهير:تم إحداث المركز بالجديدة سنة 1999 طبقا للقانون 12.00 المحدث و المنظم للتكوين بالتدرج المهني و الذي يعتبر نمط من أنماط التكوين، يتم أساسا داخل المقاولات بنسبة 80% كحد أدنى من مدة التكوين ، تتم خلالها مراقبة وتتبع المتدرجين أثناء فترة التدريب مع إعداد تقارير شهرية في هذا الشأن ، و بنسبة 10% أو ما فوق بالنسبة للتكوين التكميلي العام و التكنولوجي داخل المركز،وتابع الأستاذ زهير: تخرج من المركز عدد كبير من الشباب منهم من تم إدماجه داخل المقاولة التي أجرى فيها دروسه التطبيقية ومنهم من وظف في مهن خصوصية فيما استطاع البعض الأخر إنشاء مقاولة صغري كما هو الشأن بالنسبة للشاب إدريس الأزهري ، و اعتبر الأستاذ زهير نجاح تجربة هذا النوع من التكوين جاء نتيجة استراتيجة مديرية التعاون الوطني التنموية التي تاخد بعين الاعتبار التكوين التطبيقي داخل المقاولات الشئ الذي يكسب الشباب المتدرج مهارة حرفية عالية تؤهله لانخراط في سوق الشغل، وقال الأستاذ زهير أن التعاون الوطني بمدينة الجديدة عمم خدماته ،وكيفها مع الخصوصيات المحلية ، بالإضافة إلى تعميقه للشراكة مع كثير من جمعيات المجتمع المدني، وتنظيمه المرن لخدمة العمل الاجتماعي ، إلى جانب تأهيله لأجيال جديدة من الشباب وفتح آفاقا تكوينية أمامه لاكتساب المؤهلات الضرورية بغية خوض غمار الحياة بسلاح التربية والتكوين، في المدينة و القرية[color=#0000FF]وإلى هنا انتهت جولة دوار لحشالفة وحانت لحظة الرجوع أخيرا وغسلت فيها الطبيعة أرواحنا من جديد ووهبتنا هذه اللحظات النادرة بعض من السكينة والسلام وعشنا تجربة هذا الشباب الطموح وكانت تجربة شاقة ومتواصلة لاتعرف الهدوء أبدا...ولكن ما أروع أن يجني الشباب ثمرة كده وكفاحه، مهما طال به الانتظار