يحكى أن نسراً كان يعيش في إحدى الجبال ويضع عشه على قمة إحدى الأشجار، وكان عش النسر يحتوي على 4 بيضات، ثم حدث أن هز زلزال عنيف الأرض فسقطت بيضة من عش النسر وتدحرجت إلى أن استقرت في قن للدجاج، وظنت الدجاجات بأن عليها أن تحمي وتعتني ببيضة النسر هذه، وتطوعت دجاجة كبيرة في السن للعناية بالبيضة إلى أن تفقس. وفي أحد الأيام فقست البيضة وخرج منها نسر صغير جميل، ولكن هذا النسر بدأ يتربى على أنه دجاجة، وأصبح يعرف أنه ليس إلا دجاجة، وفي أحد الأيام وفيما كان يلعب في ساحة قن الدجاج شاهد مجموعة من النسور تحلق عالياً في السماء، تمنى هذا النسر لو يستطيع التحليق عالياً مثل هؤلاء النسور لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج قائلين له: ما أنت سوى دجاجة ولن تستطيع التحليق عالياً مثل النسور، وبعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي ، وآلمه اليأس ولم يلبث أن مات بعد أن عاش حياة طويلة مثل الدجاج. عندما نتأمل هذه الحكمة ندرك أن واقعيتها وصحتها تتجسدان على ارض الواقع، فكثير منا قد دفن أحلامه وأمانيه وذلك بعد أن أقنعه الآخرون أنها غير قابلة للتحقق رغم أنه كان يحس في قرارة نفسه أنها سوف تتحقق بالعمل والجهد الجهيد، وذلك لأنه ولد فقط لهذا، ولد فقط ليحقق طموحه وأحلامه لكن كلام الآخرين ممن يحتقرونه أو على اقل تقدير يحتقرون الحياة كان سببا كافيا له لوئد أمانيه وأحلامه. دعونا نتفق أصدقائي، إن لكل منا أحلام وطموحات، لكل منا هدف محدد في الحياة، لكن لسنا جميعا ممن يمضون قدما في تحقيق هذا المسعى، فالبعض منا توقف عند بداية الطريق وذلك لأنه يعتقد انه لن ينجح أبدا رغم أنه في قرارة نفسه يريد تحقيق هذا المسعى، ومنا من توقف في وسط الطريق إما لظروف قاهرة أو لأسباب منطقية، ومنا من يتوقف وهو على بعد أمتار من تحقيق هدفه والسبب قد يكون كلام الآخرين ممن يعيشون على اليأس ويقتاتون على التشاؤم.. ثقوا أصدقائي أن الحياة بدون أمل لا تساوي شيئا، وأن أحلامنا وطموحاتنا قادرة بجد أن تتحقق، فليست بيئتنا سببا مقنعا يجعلنا نحيد عن آمالنا، وإن ادعينا عكس ذلك، فللنظر إلى سيرة العظماء ولنرى كيف أنهم تغلبوا على ظروف بيئتهم ولنرى كيف أنهم جعلوا من المستحيل ممكنا فقط لأنهم آمنوا بهذا وعرفوا أن الإيمان بالشيء هو أول قطرة في غيث تحقيقه.. من هؤلاء استدعي سيرة الرئيس الأمريكي أبراهام لينكون، هل تعلمون أصدقائي أن هذا الشخص ظل طوال 30 سنة من عمه وهو يطارد المجد والمجد يهرب عنه، فمن سن ال12 إلى سن 52 وهو يحاول بلوغ المجد دون جدوى، إلى أن تمكن أخيرا من تحقيق حلمه ببلوغ مجد أمريكا.. غير بعيد عن ذلك، ألم يتعلم الكاتب المغربي الكبير محمد شكري الكتابة والقراءة في سن العشرين؟، ليتحول بعد فترة وجيزة إلى واحد من أعظم الكتاب المغاربة في التاريخ، ولو آمن الكثير من شبابنا بهذا المعطى لرأينا عددا كبيرا من الكتاب المغاربة في العصر الحالي، فشخصيا التقيت بعدد من الزملاء في الدراسة ممن كان يتقنون الكتابة الروائية أو الشعرية لكنهم حادوا عن الطريق لمجرد أنهم سمعوا أن الأدب لا يعطي خبزا في المغرب، لكنهم لم يسمعوا أن الكتابة وإن لم تعطيك مالا فتعطيك مكانا منقوشا بالذهب في تاريخ الأدب العربي.. إن الكلام الذي نسمعه من الآخرين يؤثر فعلا في سلوكياتنا وأفعالنا، لأن الإنسان بطبعه كائن اجتماعي يبحث دائما عن مساعدة من ذلك الآخر، والمشكل أن المساعدة المعنوية بما فيها طلب النصيحة غالبا ما تتحكم فيها التجارب الشخصية، لذلك فكثير منا عندما ينصح شخصا ما فإنه ينطلق من تجاربه الخاصة وينسى أن لكل منا ظروفه واحتياجاته، المشكل أننا نقع في المقارنة، في حين أنها لا تصدق بين بني البشر، لأننا نختلف عن بعضنا البعض ولو اختلافات جزئية مهما بلغ حجمها إلا أنها تؤثر في وظيفة كل منا وفي طريقة تحديده لطموحاته وأمانيه.. لذلك أصدقائي، أعتقد أن كل واحد منا خلق لدور محدد في الحياة، فهناك من خلق ليكون طبيبا وهناك من خلق ليكون كاتبا وهكذا دواليك، ولا يجب أن نعتمد على كلام الآخرين في تحديد أهدافنا في الحياة بل علينا أن ننطلق من أعماق تفكيرنا، فمثلا الفريد اينشتاين صاحب نظرية النسبية كان ضعيفا جدا في الرياضيات بل كان لا يفقه شيئا حتى في عمليات الحساب البسيطة، لكنه آمن بأن لديه شيئا مختلفا، وهذا الإيمان هو الذي جعله يحتل مكانا مرموقا في عالم أسياد العالم, وأيضا لا ننسى أن خالد بن الوليد الصحابي الجليل كان يخطئ في حفظ حتى قصار السور، لكنه عرف أن لديه نقطة قوة ألا وهي القيادة، فكان واحدا من أعظم من قاد المسلمين على مدار التاريخ.. فلا شيء مستحيل مع الأمل، فقط يلزم هذا العمل إرادة حقيقة وكما تقول أغلب كتب التنمية البشرية أن النجاح في الحياة ينطلق من معادلة أساسية وهي : هدف محدد + قلب يحب الهدف + مهارات لتحقيق الهدف= النجاح في الحياة. فهل أنت على استعداد لتنجح في حياتك؟؟ أم أنك ستعيش أبد الدهر مع الدجاج؟؟ للتواصل مع الكاتب: [email protected]