- الأرقام الرسميّة الأمريكية - تقديرات المصادر الأجنبيّة المستقلّة - أرقام الجماعات الجهادية في العراق - أرقام المواقع الإخبارية العربية - أين الحقيقة في كل هذه الأرقام؟ - العدد التقريبي للقتلى الأمريكيين في العراق لطالما أثارت مسألة الأعداد المتعلقّة بعدد القتلى في العراق سواء من الأمريكيين أو العراقيين أو من قوات التحالف لغطا وجدلا واسعا وكبيرا، نظرا لارتباطها بالسياسة والرأي العام من جهة، وبمعنويات وجهوزية الجنود الأمريكيين في العراق من جهة أخرى, بالإضافة للتأثير الذي من الممكن أن يحدثه حجم هذه الأرقام على الداخل الأمريكي، وانعكاساته على السياسة الأمريكية وتوجهات الإدارة. يتناول هذا التقرير موضوع القتلى الأمريكيين في العراق, ونحاول من خلاله أن نقف على حقيقة عددهم، وذلك عبر رصد وتحليل عدد من الأرقام المختلفة والمتنوعة. * الأرقام الرسمية الأمريكية: سجّل شهر أيلول/سبتمبر 2006 أعلى معدل إصابات بين جنود الاحتلال الأمريكي في العراق منذ عامين, فقد بلغ عدد القتلى آنذاك وفقا لإحصاء وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون 70 قتيلا وعدد الجرحى 776 جنديا, فيما قدّر موقع "جلوبال سيكيوريتي" عدد الجرحى في ذلك الشهر بحوالي 900 جنديا. ووفقا للبيانات التي نشرها البنتاغون, فإن هذا المعدل في الإصابات لم تشهده قوات الاحتلال الأمريكي منذ الهجوم الذي شنته للسيطرة على مدينة الفلوجة في شهر تشرين ثاني/نوفمبر 2004، حيث وصل عدد الجرحى الأمريكيين في ذلك الشهر إلى 1429 جنديا، فيما بلغ عدد القتلى 140 جنديا. لكنّ المفاجأة، أن شهر تشرين الأول/أكتوبر حمي فيه الوطيس. فكان هذا من أكثر الأشهر دموية وسوءا بالنسبة للقوّات الأمريكية الموجودة في العراق منذ العام 2003. وقد بلغ عد القتلى فيه منذ بدايته وحتى تاريخ 23-1-2006، وفقا للأرقام الرسمية الأمريكية 86 قتيلاً، ليبلغ إجمالي عدد القتلى 620 قتيلا أمريكيا منذ بداية العام 2006، و2790 منذ بدء الاحتلال في العام 2003، ودائما حسب الأرقام الرسميّة الأمريكية. هذه الأرقام، وعلى الرغم من أنّها مرتفعة، إلا أنها لا تعكس الحقيقة، وفقا للكثير من المراقبين العرب والأجانب، وحسب مراكز الرصد والدراسات الغربيّة أو حتى المواقع الإخبارية. وجاء في دراسة "لانست" أن 655000. من المدنيين العراقيين قتلوا منذ الاحتلال الأمريكي في العام 2003. هذا الرقم أكبر بحوالي ثلاث إلى خمس مرات من التقديرات المحافظة، وهو أكبر بحوالي 13 مرّة من تقديرات برنامج "اراك بودي كاونت"، وبالتأكيد أكبر بكثير من التقديرات الرسميّة الأمريكية (أكبر بحوالي 23 مرّة)، التي قالت إن عدد الوفيات من العراقيين يقارب 30000.. ومن هذا المنطلق, فليس من المستغرب أن تكون الأرقام الرسمية بشأن القتلى الأمريكيين أيضا غير حقيقية أو واقعية. * تقديرات المصادر الأجنبيّة المستقلة: وفقا لموقع "تي بي آر الاخباري", وهو موقع يتابع أعداد القتلى والجرحى من الجنود الأمريكيين في العراق من خلال مقالة يعمل على نشرها وتحديثها بشكل دوري، وتكون بارزة بشكل لافت في الموقع, فإن عدد القتلى من الجنود الأمريكيين فاق ال 15000. جندي أمريكي، وزاد عدد الجرحى عن 27000 جنديا أمريكيا، إذ نشر الموقع مقالة في 23-1-2006 بعنوان: "حرب الجمهوريين: شكرا لك جورج!"، لتغطي عدد القتلى الأمريكيين حتى 19-1-2006، جاء فيها: "الرقم الحقيقي لعدد القتلى من الجنود الأمريكيين حاليا هو 15000 ويستمر بالارتفاع، أمّا عدد الجرحى فقد بلغ 27000 وهو بارتفاع متواصل أيضا". وقد أشار المقال أيضا إلى أن عملية الجيش الإسلامي، وبعض الفصائل التي أدّت إلى تفجير قاعدة الصقر الأمريكية جنوبي بغداد بشكل هائل في 1/11-1-2006، أوقعت وفق التقارير الأولية أكثر من 300 إصابة رسميّة بين قتيل وجريح لم يتم تسجيلها، مع العلم أن القاعدة التي يوجد فيها حوالي 5000 جنديا أمريكيا، نفت التقارير الأمريكية وجود أكثر من 100 جنديا فيها!! واستنادا إلى مقالة براينج هارينج المنشورة في نفس الموقع, فإن هناك مبررا قويا للاعتقاد بأن وزارة الدفاع الأمريكية تتعمد عدم الإبلاغ عن عدد كبير من قتلاها في العراق. ويشير هارينج فيما بعد إلى أنه تمكن من استلام نسخ عن قوائم الشحن الخاصة بوحدة النقل العسكري الجوي للجنود الأمريكيين الذين تم نقلهم إلى قاعدة "دوفر" الجوية, وهي تظهر أن أعداد الجنود الذين تمّ شحنهم أكبر بكثير عن الأرقام الرسمية المعلنة. كما يؤكّد الكاتب, وهو محلل ومراسل في المجال العسكري والاستخباري, أنّه يمتلك وثيقة رسمية نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية ثمّ أعادت سحبها مباشرة، وهي تشير إلى عدد القتلى الأمريكيين في العراق قد بلغ 10000. قتيل في الفترة الممتدة من آذار/ مارس العام 2003 إلى تموز/يوليو2005. ويستنتج هارينج أنّه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار اعتراف المصادر الرسميّة الحكومية بوجود 15000. إصابة بالغة وخطيرة، إضافة إلى 25000. جنديا جريحا, فإن عدد القتلى الأمريكيين الذي لا يتعدى وفق الإحصاءات الرسمية ال 3 آلاف قتيل يصبح غير واقعي على الإطلاق نظرا لنسبته القليلة. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يتعداه وفق التقرير إلى هروب ما لا يقل عن 5500 جنديا أمريكيا إلى أيرلندا وكندا ودول أوروبية أخرى. ويقول "تريبور تشارم" في مقال نشر له في 11-1-2006 بعنوان "كم عدد الأمريكيين الذين ماتوا حقيقة في العراق؟"، إن الإدارة الأمريكية تكذب بدون أدنى شك فيما يتعلّق بالأرقام المتدنيّة التي ينشرها البنتاغون. ويضيف بأنه قرأ بعض التقارير التي نشرت: "إن عدد القتلى في صفوف الأمريكيين في العراق يزيد عن عشرة آلاف"، وإن هذه الأرقام ذات مصداقية عالية بالنسبة له أيضا, لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار الوثيقة الرسميّة التي كشفت جمعية المحاربين الأمريكيين القدامى الغطاء عنها مؤخرا، والتي تفيد بأن العدد الحقيقي للقتلى الأمريكيين في حرب فيتنام يزيد بحوالي 20000. عن الأرقام الرسمية التي كانت تنشر للجمهور آنذاك، إذ أوردت الأرقام الرسمية الأمريكية سقوط 58.182 أمريكيا فيما العدد الحقيقي وفق تلك الوثيقة يبلغ أكثر من 78000.. * أرقام الجماعات الجهادية في العراق: من المعروف أن جماعات المقاومة والجهاد في العراق لديها قدرة أكبر على رصد العمليات على أرض الوقائع والخسائر التي تصيب المحتل الأمريكي في الأرواح والعتاد، لكنّ المشكلة التي تتعلّق بالأرقام هنا، هي كثرة الجماعات والبيانات، فهناك العديد من الجماعات التي تقوم بالعمليات بشكل منفصل، وهو الأمر الذي يصعب جمع الإحصاءات المتفرقة الناجمة عن العمليات الخاصّة بهم. ومع ذلك، فإنه يمكن تقدير الخسائر التي تسجلها هذه المجموعات في صفوف العدو من خلال تصريحات أو أرقام كل فصيل لوحده، أو تخميناته عن الإحصائيات الإجمالية لمختلف الفصائل. يعدّ الجيش الإسلامي في العراق واحدا من هذه أبرز هذه الجماعات الجهادية المقاومة، وهو فصيل منظّم ودقيق في عملياته وإحصائياته وانضباطه وتشكيلاته. وقد دأب على المحافظة على وتيرة عملياته بشكل متناسق تقريبا، ويعمل كغيره من الجماعات على إصدار أفلام مصوّرة عن أبرز العمليات الضخمة التي يقوم بها بشكل دوري أيضا، ففي مقابلة مع مجلة الفرسان الكترونية، تصدر عن هيئة الإعلام المركزي في الجيش الإسلامي في العراق, قال قائد الجيش الإسلامي في شهر أيلول 2006: "قتلنا الآلاف من الجنود والمراتب، بالإضافة إلى الآلاف من الجرحى، وحسب إحصائياتنا الخاصة فإن مجمل قتلى العدو الأمريكي منذ بداية الحرب وإلى الآن، زادت على 25000 قتيلا وعشرات آلاف الجرحى". ويعدّ هذا الرقم (أي 25000.) قريبا من تقديرات أحد الخبراء العسكريين الروس، الذي أشار في مقابلة معه إلى أن الأرقام الحقيقية دائما لعدد قتلى الأمريكيين في العراق يساوي الأرقام الرسمية الصادرة عن البنتاجون مضروبة في عشرة. * أرقام المواقع الإخبارية العربية: في الحقيقة قد يكون موقع "المختصر الإخباري" هو الموقع العربي الوحيد "على الأرجح, حسب متابعاتنا، الذي يضع عدادا خاصا بعدد القتلى من الأمريكيين في العراق منذ بدء الاحتلال. ويتم تحديث هذا العدّاد يوميا، بما يرد من أعداد القتلى اعتمادا على المصادر الإخبارية، وما تتناقله حول الخسائر الأمريكية البشرية في العراق. ويحتوي هذا العدّاد على شقين, شق خاص بأعداد القتلى من الأمريكيين التي تقع يوميا وتسجل في الخانة العلوية, والشق الثاني خاص بالمجموع الكلي لعدد القتلى الأمريكيين/ منذ إعلان بوش نهاية العمليات القتالية في العراق في آذار من العام 2003. وقد أشار عداد الموقع إلى أن مجموع قتلى الأمريكيين قد بلغ يوم الاثنين في يوم 23-1-2006، ما مجموعه 33.693 أمريكيا، وهو ما يعني حوالي 12 ضعفا مقارنة بالعدد الذي أشارت إليه الجهات الرسمية الأمريكية في نفس اليوم والبالغ 2790. وقد استفسرنا في رسالة إلى الموقع عن المصادر التي يعتمدها في حساب الأرقام المذكورة, فجاء رد الموقع أن اعتماد الأرقام يتم استنادا إلى توليفة من المصادر الإخبارية، يأتي على رأسها موقع "مفكرة الإسلام", يليه وكالات الأنباء والمواقع العراقية، ثم موقع الجزيرة الإخباري. وقد أفاد الموقع أيضا أنه تم تشغيل العداد بعد فترة ثلاث أشهر من بدء الاحتلال, وتم تدارك هذه الفترة من خلال مراجعة عدد القتلى خلال هذه المدّة وإضافتهم إلى العدّاد. * أين الحقيقة في كل هذه الأرقام؟ تجدر الإشارة إلى أن هذا الفارق الكبير في الأعداد، دفع بعض القراء إلى التشكيك في هذه الأرقام لحجمها الكبير مقارنة بما يتم الإعلان عنه وفق الجهات الرسمية الأمريكية. لكن، ولنقف على العدد التقديري والتقريبي للقتلى الأمريكيين في العراق، يجب أن نضع في ذهنا بعض القواعد الثابتة حول هذا الموضوع، وهي: أولا: إن الأعداد الرسمية الصادرة عن الحكومة الأمريكية أو البنتاغون لا يمكن أن تكون حقيقية، أو حتى قريبة من الحقيقة، لعدد من الأسباب منها: 1- أن التقرير اليومي لعدد القتلى الذي يصدره البنتاغون يعتريه خلل فني, فقد تقع إصابات لا يتم تسجيلها، وذلك في الفترة التي تمتد من الانتهاء من كتابة التقرير وإلى حين نشره, وبالتالي لا ترد ضمن التقرير اليومي ولا يتم نشرها. 2- أن العدد الرسمي لو كان صحيحا، لما وُجدت ضرورة لكي تصدر وزارة الدفاع أمرا بعدم تصوير أو نقل مراسم أي قتيل أمريكي، سواء أثناء نقلهم إلى ألمانيا في المرحلة الأولى، أو عند نقلهم إلى الولاياتالمتحدة مباشرة. 3- أن الأعداد الحقيقية، والتي هي أعلى من ثلاثة آلاف قتيلا بالتأكيد، لا بد وأن تؤثّر سلبا على توجهات الرأي العام الأمريكي وتخلق مناخا مناهضا للحرب بقوة، وتؤثر على الطبقة السياسية الأمريكية وقرارها المتعلق بالانسحاب أو البقاء في العراق, لذلك يتم حجبها. ثانيا: إن المشكلة في الأرقام الرسميّة الأمريكية لا تكمن فقط في أن عدد القتلى من الجنود الأمريكيين والمصرح به رسميا أقل بكثير من الواقع, بل إن هذا العدد لا يشمل أيضا الجنود الذين يموتون خلال عمليات إسعافهم، أو عند نقلهم إلى مستشفيات ألمانيا أو البلدان المجاورة, كما أن هذه الأرقام لا تشمل الموظفين الأمريكي في سلك الخارجية أو المخابرات أو المتعاقدين الأمريكيين أو المرتزقة الأمريكيين، أو حتى الجنود الذين يقاتلون في الجيش الأمريكي دون حصولهم على الجنسية، والذين يموتون في العراق نتيجة عمليات المقاومة العراقية. إذ يقدّر تقرير "لرويترز" نشر في 1-1-2006، عدد المتعاقدين المدنيين الموجودين في العراق بحوالي 100000.، يشمل المتعاقدين الذين يعملون بشكل منفصل وشخصي، بالإضافة إلى السائقين, المترجمين, أخصائيي الكهرباء, الطهاة, المنظّفين وما يمكن إدراجه ضمن فئات أخرى، لدعم الجنود سواء من خلال العمل المكتبي أو عمليا. ووفقا لوزارة العمل الأمريكية، فقد بلغ عدد القتلى من هؤلاء حتى تشرين الثاني من العام 2005، ما مقداره 428 قتيلا و3.963 جريحا، ليرتفع عدد القتلى وفق نفس المصدر أيضا، واستنادا إلى تقرير "رويترز السابق" إلى 647 قتيلا. وطبعا هؤلاء لا يحسبون في عدّاد القتلى الأمريكيين الذي تصدره الولاياتالمتحدة يوميا. ثالثا: عند الحديث عن عدد القتلى الأمريكيين, يجب أن نأخذ بعين الاعتبار حجم العمليات التي يتعرضون لها يوميا في العراق. فاستنادا إلى أقوال الصحفي الأميركي الشهير بوب ودوورد، والذي يعمل بصحيفة واشنطن بوست, هناك ما بين 800 إلى 900 هجوم وعملية تحصل أسبوعيا ضدّ القوات الأمريكية, وهذا يعني أكثر من 100 هجوم يوميا, أي بمعدل أربع هجمات بالساعة. وإذا ما قارنا هذا التقدير بتصريحات فصيل واحد على سبيل المثال من بين فصائل المقاومة العراقية، سنجد أنه قريب جدا من الصحّة. فقد أفاد الجيش الإسلامي في بيان له في شهر أيلول/سبتمبر، أن عدد العمليات التي نفذها خلال الأربع أشهر الأخيرة، بلغ 2600 عملية عسكرية متنوعة, ما يعني حوالي 22 عملية يوميا. لذلك فإن قيام فصيل واحد بحوالي 22 عملية يوميا, يعني إمكانية تنفيذ المقاومة ل 100 عملية يوميا، خاصة في ظل وجود فصائل أخرى فاعلة كجيش المجاهدين, جيش الراشدين, أنصار السنّة, مجلس شورى المجاهدين, كتائب ثورة العشرين, جيش الفاتحين وغيرهم من فصائل المقاومة العراقية. رابعا: لو اعتمدنا الرقم الأعلى في هذا التقرير من حيث عدد القتلى الأمريكيين، وهو رقم موقع "المختصر الإخباري" البالغ 33.693 قتيلا أمريكيا، لما اعتبر ذلك رقما كبيرا مقارنة بعدد الأمريكيين الموجودين في العراق، وبعدد المقاومين والهجمات العسكرية. فعدد الأمريكيين في العراق يساوي عدد الجنود المعترف به(144000.)، يضاف إليه غير المعترف بهم، والذين إذا قتلوا لا يدرجون ضمن قوائم القتلى لدى البنتاجون (100000.). فوفقا للتقرير الذي أصدره مركز بروكينجز الشهير في 19 تشرين الأول 2006، ويقع في 57 صفحة، ويرصد عددا من المتغيرات والأرقام فيما يتعلّق بالمقاومة العراقية، وأعداد المقاومين من داخل العراق والمتطوعين من خارجه وأحوال الوضع الاقتصادي والصحي والأمني في العراق, فإنه يوجد في العراق في شهر أيلول 162000 جنديا من قوات التحالف، بينهم 144000. جنديا أمريكيا. واستنادا لتقرير رويترز, فإن هناك حوالي 100000. من المتعاقدين وتوابعهم من الأمريكيين، وهذا يعني أن عدد القتلى وفق موقع "المختصر" يساوي نسبة 13.8% من المجموع الكلّي للأمريكيين في العراق، والبالغ 244. أمريكيا, وهي نسبة معقولة وممكنة، عكس النسبة التي تروج لها التصريحات الرسمية، وتشكّل 1.9% تقريبا من حجم الجيش الأمريكي في العراق فقط، و1.1% فقط من المجموع الكلّي للأمريكيين في العراق!! خامسا: للشرائط المصورة عن عمليات المجاهدين في العراق، تأثير كبير في تكذيب الأرقام الرسمية الأمريكية. فهي عدا عن تأثيرها النفسي والإعلامي الذي يفوق في كثير من الحالات العملية التي تمّ تصويرها بحد ذاتها, يمكن القول إنها تشكل مرآة تعكس وضع العدو المهتز عددا وعدة. فشريط صغير كشرائط "قناص بغداد" الصادرة عن الجيش الإسلامي، يمكن أن يقدم صورة للمتابع عن زيف دقة الأرقام الأمريكية. ف كتيبة القنص في الجيش الإسلامي أردت حوالي 666 جنديا أمريكيا قتيلا (عدد كبير منها مصور) , فهل يعقل أن عمليات القنص الخاصة بهذا الفصيل وحده تشكّل حوالي ربع عدد القتلى الرسمي! بالتأكيد من غير المعقول, وهذا ما يفترض أن عدد القتلى الأمريكيين أكبر من ذلك بكثير، خاصة أن وسائل الإعلام أو حتى الإدارة الأمريكية لم ترد أبدا إخبارا عن سقوط قتلى أمريكيين بواسطة القنص, وبالتالي لم تحسبهم أصلا على أغلب الظن, ولولا مثل هذه الشرائط، لما عرفنا أن هناك جنودا أمريكيين سقطوا قنصا بهذا العدد والكم. سادسا: لو افترضنا أن الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية الأمريكية صحيحة, فهذا يعني أن الجيش الأمريكي لا يعاني أي مشكلات، لأن عدد الخسائر في صفوفه قليلة، وهي تشكّل نسبة 1.9% تقريبا من حجم الجيش الامريكي الكلي الموجود في العراق والبالغ تعداده حاليا 144000. جنديا، لكن هل المعطيات الرسمية تشير حقيقة إلى عدم وجود مشاكل، أم أن العكس هو الصحيح؟ 1 فبماذا يتم تفسير ما يعانيه من قصور في التجنيد رغم ما يقدّمه البنتاغون من مغريات؟ إذ يقدّم البنتاغون مكافآت مالية تصل إلى 20000$، كمكافأة مالية للمنضمين الجدد، ويغطي مصاريف التعليم بما قد يصل إلى 60000$، بالإضافة إلى تقديمه ما قد يصل إلى0000 15,$ كحوافز لبعض المنضمين لوحدات العمليات الخاصة الذين يتمتعون بمؤهلات غير عادية. بالإضافة إلى ذلك, تمنح الإدارة الأمريكية الجنسية لمن يخدم في الجيش الأمريكي من الأجانب. فقد وقّع بوش قانوناً في تشرين ثاني/نوفمبر من العام 2003، يخفض معاملات الحصول علي الجنسية الأمريكية من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة بعد فشل الإغراءات السابقة. وفي العام 2004، حصل 7.500 جنديا على الجنسية بفضل هذه السياسة، وهي النسبة الأعلى منذ حرب فييتنام. لكن لماذا يعاني الجيش الأمريكي من قصور إذا كانت كل هذه المغريات متوفرة لمن يرغب بأن يخدم بالجيش الأمريكي؟! ولماذا يعزف المتطوعون عن الدخول؟! أليس لأن عدد الخسائر البشرية كبير، ويخشون بأن يكونوا من بينها لاحقا؟ ولماذا يضطر البنتاغون إلى تقديم كل هذا لمن يريد الالتحاق، طالما أنّ جيشه لا يعاني خسائر كبيرة وجسيمة أو استنزافا دائما ومستمرا، أليس لسد الثغرة الناجمة عن العدد الكبير لقتلاه في العراق والتعويض عن هذا العدد الضخم؟ 2- واستنادا إلى تقرير سابق لنا بعنوان "معالم انهيار الجيش الأمريكي في العراق"، فالقصور في التجنيد ليس المشكلة الوحيدة فحسب, حيث إن القوات المسلحة تواجه أيضا مشكلات في الاحتفاظ بجنودها. إذ إن نحو 30% من المجندين الجدد يتركون الخدمة خلال ستة أشهر، وبعض هؤلاء يتركون الخدمة على الأقل بسبب الهوة الواسعة بين الخبرات اليومية للشباب قبل الانخراط وحياة المجند أثناء التدريب, الأمر الذي دفع الجيش إلى أن يخفض معاييره لأداء الجندي، وأن يصدر مذكرة عسكرية توجه القادة إلى "عدم تسريح جنود بسبب ضعف لياقتهم البدنية أو أدائهم غير المرضي، أو بسبب الحمل أو الإدمان الكحولي أو تعاطي المخدرات", وذلك للحصول على أكبر عدد من المجندين ليقوموا بتغطية الفراغ الذي تركه عدد القتلى الكبير في صفوف زملائهم في العراق. 3- وإذا كانت الخسائر قليلة، فبماذا يتم تفسير مشكلات الهروب من الخدمة؟! فقد اعترف البنتاغون بأن أكثر من 5500 جندي فروا من الخدمة منذ بداية حرب العراق, وقد نقل عن خط هاتفي أقيم لمساعدة الجنود الذين يريدون ترك القوات المسلحة، أن عدد المكالمات التي يتلقاها الآن هي ضعف عددها عام 2001، وقد رد هذا الخط الهاتفي الساخن على 33 ألف مكالمة في العام الماضي!! 4- وإذا كانت الأمور تسير بشكل جيد بالنسبة للجيش الأمريكي, وأعداد قتلاه محدودة, فلماذا تصدر الإدارة الأمريكية قرارات منع مغادرة للجنود الذين انتهت خدمتهم في العراق؟! فوفقا لتقرير نشره "معهد دراسات السياسة الأمريكي" في 31-8-2005, فإن قرارات منع مغادرة العراق أثّرت على أكثر من 14 ألف جندي (نحو10% من مجموع الجنود الذين يخدمون في العراق بدون تاريخ محدد لانتهاء خدمتهم)، وهم يستعدون لتعبئة طلبات بهذا الخصوص لمغادرة العراق. * العدد التقريبي للقتلى الأمريكيين في العراق: آخذين بعين الاعتبار ما ورد أعلاه من معطيات، وكخلاصة للموضوع, نلاحظ أنّ هناك أربع أرقام رئيسية فيما يتعلق بعدد القتلى الأمريكيين في العراق، هي: 1- 2790 قتيلا وفقا للأرقام الرسمية الأمريكية. 2- أكثر من 15.ألف قتيل، وفقا لتقديرات المصادر الأجنبية المستقلة. 3- أكثر من 25 ألف قتيل، وفقا لتقديرات الجماعات الجهادية في العراق (الجيش الإسلامي). 4- 33.693 قتيل وفقا لتقديرات المواقع الإخبارية العربية (المختصر للأخبار). وأستطيع القول إن معدّل هذه الأرقام الثلاث الأخيرة مجتمعة يساوي أكثر من 24 ألف قتيل أمريكي, وهو رقم منطقي ومقبول لعدد قتلى الأمريكيين في العراق، والذي يتوافق مع عدد من الحقائق والوثائق والتي تمّ ذكرها سابقا، وهو يشكّل نسبة حوالي 9.8% من حجم الأمريكيين الكلي الموجود في العراق.