باستثناء الشريحة المجتمعية الميسورة المغربية بفضل سخاء السياسات الاقتصادية والاجتماعية وما هي إلا نمط توزيع غير موضوعي وغير عقلاني للثروات المتعددة والمختلفة للمغرب، إضافة إلى مستغلي مختلف سيارات الدولة طيلة أيام الأسبوع ليلا ونهارا بما فيها أيام السبت والأحد، ثمة تدمر واسع بين الشريحة المجتمعية المتبقية من الزيادة المرتجلة في ثمن المحروقات. لم أصنفها بالمرتجلة؟ لكون النقاشات التي كانت من المفروض أن تتم قبل اتخاذها، للأسف جاءت بعدها وهذا في حد ذاته لا صلة له بأي نمط من أنماط السياسة الاقتصادية والاجتماعية. لم يتم اتخاذ هذا القرار في عهد عبد الرحمان اليوسفي ولم يتخذ في عهد ادريس جطو إلا بعد نقاش جاد وبنسبة محتشمة بالمقارنة مع ما صنفه ابن كيران والخلفي بالشجاع والجريء وبالضرورة الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للأزمي للحفاظ على مصداقية الأهلية للإقتصاد الوطني اتجاه الهيأة المالية العالمية. عجبا أن فعاليات حزب المصباح لا زالوا يتحدثون عن الشجاعة والجرأة وكل المبادرات التي اتخذتها حكومتكم وخصوصا وزراء العدالة والتنمية تم التراجع عنها ليس لكونها سلبية فقط بل لكون التشهير بها عبثا كان لمجرد إثبات الوجود ولكن كما يقال بالعامية "سرعان ما ينقلب السحر على الساحر". عجبا أنه أصبحت بين الأمس واليوم كل الملفات التي وعد بالاستقالة وزراء العدالة والتنمية إذا لم يفلحوا في تحديها، باتت صعبة المعالجة دون أي تعليل. لا سياسيا ولا اقتصاديا، لا يحق لحزب أو لتجمع حزبي يحض بالأغلبية في الجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي أن يدعي أو أن يوهم المواطن المغربي وخصوصا من وثق بخطابه وكفاءة أطره، بوجود صعوبات أو إكراهات لكون هذا المنحى سيمكن من تزكية أحد الأمرين: -إما أن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي الذي صاغه الحزب لم يكن ذا مصداقية وتم إعداده قصدا على هذا النحو لتمويه المواطن المغربي؛ أو أن هذا المنحى يزكي صبغة نهج عدم الحنكة التي باتت تنعت بها فعاليات حزب العدالة والتنمية وبالتالي فلا يمكن الحديث على القدرة عن ابتداع نهج اقتصادي واجتماعي متميز أولا يرقى للاستجابة لمتطلبات المواطن المغربي والذي لا يزال في شتى المناطق وشتى القطاعات في احتقان اجتماعي دائم وثانيا منسجما والخطاب الذي وعد به. -وإما أن حكومة ابن كيران قد تعذر عن أطرها تدبير الشأن العمومي وبالتالي اكتفت بتتبع المشاريع المهيكلة التي يرعاها عاهل البلاد وبالتالي فقد بات من الأكيد أن المواطن المغربي الذي استهواه الخطاب السياسي لحزب المصباح لن يشهد لمسات إيجابية خاصة بالحزب على السياسة الاقتصادية والاجتماعية للمغرب بدليل أن الصرخات والتهديدات التي نهجتها فعاليات هذا الحزب قد ولت وفضلت هذه الفعاليات الانطواء لوعيها بكون المواطن المغربي قد يقض من غفلته وأن "فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه". اعتبر ابن كيران والخلفي الزيادة في ثمن المحروقات بالمبادرة الشجاعة والجريئة كما لو أن فعاليات الأغلبية في حلبة صراع ولكن مع من هو قائم هذا الصراع ولفائدة من؟ ربما قد تكون ردة فعل على الاضراب الذي دعت إليه بعض النقابات الأكثر تمثيلية قبل أسبوع لإبراز أن الحكومة الحالية لا تولي للفعاليات النقابية أيتها وزن، كما قد تكون ردة فعل على عدم رغبة مسايرة بعض النقابات لحوار اجتماعي لم يتبق منه إلا التسمية. ليست النقابات وحدها بل حتى حزب الاستقلال قد عبر على إضافة إلى أحزاب المعارضة لم تكن راضية على نهج هذا السبيل تحت دريعة إصلاح صندوق المقاصة. كيف ما كانت حيثيات هذا الاجراء، فوجب التأكيد بكونه، كباقي الاجراءات التي تم التسرع في اتخاذها ثم التراجع عنها، فهي كذلك إلا أنها في الوقت الراهن فهي تحد مباشر للقدرة الشرائية للمواطن المغربي الذي من تم تجاهله