بعد الهزيمة التي ألحقها حزب الله بالجيش"الاسرائيلي" في الجنوب اللبناني، وظهور انقسام في حكومة الكيان الصهيوني، ظهرت فضائح قمة الهرم المنهك إثر الفشل الذي أصاب الجنود والقيادة... فطفحت على الساحة الاعلامية "الاسرائيلية" قضية التحرش الجنسي لرئيسهم كتساف الذي استغل سلطته ، فهدد موظفتين لديه للخضوع لرغبته. وفضيحة شكوى مجندة ضد وزير العدل السابق رامون بالتهمة ذاتها. ومن المفترض أنه رجل عدل وليس حاكماً يستغل مهنته من أجل شهوانيته...وتتوالى الفضائح المالية بالأروقة السياسية، باستفادة رئيس الوزراء من حسم حوالي نصف مليون دولار عند شرائه شقة بالقدس مقابل خدمات لمقاول، ومن المتعارف عليه أنه كان محافظ مدينة القدسالمحتلة، قبل توليه منصبه الحالي، بل إن جاز التعبير كان مقاولا وتاجر أراضي، وعقليته التجارية دفعته ليقامر بجنود وأسلحة متطورة دون تحقيق أي هدف فعلي. ويضاف إلى ذلك فضيحة رئيس الأركان "دان حالوتس" الذي سارع الى بيع محفظة أسهمه في البورصة قبل ساعات من شن العدوان على لبنان متوقعاً تراجع بورصة تل أبيب بسبب الحرب. يعتبر حالوتس المسؤول المباشر عن إدارة الجيش، لكنه كان منشغلا بالمال والأعمال!. وبهذا ينقلب السحر على الساحر، فطالما عاث هؤلاء بالأرض فساداً بالعهر والدعارة، وإفساداً بالمال والسلطة!. الكثير من المحللين السياسيين يعتقدون أن الإعلان عن تلك الفضائح جاء لتغطية الهزيمة، ولكن الحقيقة أن الحكومة "الاسرائلية"بدأت تتفشى فيها آفات أصابت معظم الأنظمة العربية، وهذا مؤشر هام على وهن وعجز حكومة ضعيفة وغير مؤهلة وعلى حالة فوضى على مستويات عليا.تلك الحالة المتردية يمكن أن تستفيد منها جبهة الصمود والتصدي ، خاصة أن حزب الله أثبت انتهاء صلاحية آلة عسكرية، وانهزام جيش يفوق كل الجيوش العربية قاطبة بالتدريب والتجهيز، وحكومة أفشل متورطة في قضايا أخلاقية ومالية!. ولعل المثل الشعبي "كمل النقل بالزعرور" أصدق تعبير عما يعاني منه الكيان برمته، وأن الفضائح أضافت إلى مشاعر الغضب على ممارسات الجنود الهمجية غير المؤهلة للقيام بمهمة القضاء على مقاومة تسعى لتحرير الجنوب بالكامل، مزيداً من الإحباط وخيبة الامل. ولهذا فإن استمرار العملية التحريرية حاجة ملحة، للاستفادة من انقسام واضح بين وزراء الصهاينة من جهة، وقيادات جيشه من جهة أخرى.ومن الجائز اعتبار حالة الهدوء النسبي بعد التدمير الذي لحق بالجنوب، استراحة مجاهد، خاصة أن نشر القوات الدولية على الحدود يحتاج إلى أشهر ليكتمل، وعنان ما زال يشرح نص قرار خائب من أساسه!، والجميع يتخبط في اعتماد سياسة للتهدئة.وهذا ما سيمنح الوقت الكافي للمقاومة الاسلامية اللبنانية، للتفكير الصحيح بالرد في الوقت الملائم على جملة ما يُنتهك، سواء على صعيد تسفيه النصر من الجبهة الداخلية أو من المؤامرات المحاكة لنزع سلاحه عالمياً، وليكتمل النصر العسكري بتحرير كامل، وإفشال مخطط بدأ منذ اغتيال الحريري، فلن ينتهِ إلا بالكي لجميع من يحاول النيل من لبنان واحد موحد بكل طوائفه وأحزابه وشرائحه الاجتماعية. في الجهة المقابلة من الصراع، ينتظر العالم جولة ايران معتمدة عنصر المفأجاة ، قد تكون سلمية تفوت فرصة التلويح بالعقوبات من مجلس الأمن، أو تصعيد المواجهة إقليمياً، لتستعيد سوريا الجولان المحتل، ويستعيد لبنان جنوبه تماما، وفلسطين تستعيد القدرة على الاستمرار في نضال مشروع ضد مستوطن محتل لا يملك أي حق في تأسيس مستنقع عفن من الدماء العربية يجر المصائب بذيول الخيبة العربية!. لعل الأيام القادمة تكشف لنا تغيير في قواعد اللعبة الدولية والاقليمية، في ظل ما يشهده المجتمع "الاسرائيلي" من إحباط وانكسار وانقسام. ويجب على الأنظمة العربية أن تعلن دورها، وتكف عن التآمر وراء الكواليس بمحاصرة لبنان، وتدويله واستبعاده كطرف أساسي في قضية الصراع العربي- "الاسرائيلي". إن المبادرة العربية ليست سوى صك استسلام ومبايعة ثانية للصهاينة في "شرق أوسط" ليس له هوية ولا كيان عربي.أما التاريخ فسوف يسجل تصهينا عربيا علنيا، رغم أن التطبيع قطع شوطاً لا يُستهان به على جميع الأصعدة، وسيتهاوى النظام العربي الرسمي إلى القاع، وستعم فوضى تؤدي في نهاية المطاف إلى تطرف وعصيان مدني ضد الانظمة العربية القمعية. الشارع العربي هو الرهان الوحيد لتنشيط وتفعيل حركة شعبية واعية تؤكد ضرورة الاستمرار في استرداد الحق الضائع بين أنظمة الحكم العربي وبين المحتل لتنقلب الخارطة المبتدعة والمقدمة من آوامر الأسياد على رؤوسهم جميعاً.