بعد أن فشلت جولة وزير خارجيته، رمطان العمامرة، في إنقاذ القمة العربية من التأجيل إلى أجل غير مسمى، إثر جولة عربية ماراثونية قادته إلى السعودية والإمارات ومصر وقطر، أخذ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون زمام المبادرة بإعلان رئاسة الجمهورية توجهه إلى القاهرة ابتداء من اليوم الاثنين في زيارة تستمر ليومين يلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في محاولة أخيرة لإيجاد حل للملفات العالقة، وعلى رأسها موضوع الخريطة الكاملة للمغرب وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. ووفق المعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة"، فإن الجزائر تحاول جني نقاط دبلوماسية من خلال استضافتها للقمة العربية، من خلال طرح عدة ملفات شائكة على غرار الوضع في ليبيا وشرعية قرار الرئيس التونسي قيس سعيد، لكن أكثر ملفين واجهت فيهما معارضة قوية هما المتعلقان بخريطة المغرب التي تضم أقاليم الصحراء كما هي معترفٌ بها رسميا من قبل الجامعة العربية، ثم رغبة تبون الشخصية في حضور الرئيس السوري إلى القمة لإعلان الاعتراف العربي بنظامه. وقالت مصادر دبلوماسية ل"الصحيفة" إن شرط اعتماد الخريطة الرسمية للمملكة المغربية يمثل شرطا أساسيا ل7 دول عربية ذات ثقل كبير من أجل موافقة قادتها على السفر إلى الجزائر، ويتعلق الأمر بدول الخليج الست، السعودية والإماراتوقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان، إلى جانب الأردن، وهو الأمر الذي لم ينجح العمامرة في إيجاد "حل وسط" له خلال جولته الأخيرة، حتى بعد لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط. وفي الوقت الذي لا تنوي فيه الجزائر إصلاح علاقتها مع الرباط وإنهاء قرارها قطع العلاقات الدبلوماسية معها المستمر منذ غشت الماضي، سيكون عليها مواجهة موضوع الخريطة مرة أخرى في مارس المقبل، خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الذي ستحتضنه القاهرة والذي سيُناقش "الالتزامات البروتوكولية" التي عليها احترامها من أجل عقد القمة، وفي حال ما لم تُوافق على تلك الالتزامات فسيكون مصيرها التأجيل مرة أخرى، وهي المؤجلة أساسا منذ سنة 2020. أما الملف الثاني الذي لم تنجح الجزائر في إيجاد مخرج له، فهو إعلان رئيسها رغبته في عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ابتداء من قمة 2022، ففي نونبر الماضي ربط استضافة بلاده للحدث ب"لم شمل العالم العربي الممزق"، موردا، في حوار مع قنوات جزائرية، أنه "يُفترض أن تكون سوريا حاضرة في القمة"، وهو الأمر الذي لا زال يجد معارضة قوية خاصة من طرف السعودية وقطر. وكان تبون يُعول على دعم تونسي بعد أن التقى بسعيد في قصر قرطاج شهر دجنبر الماضي، إلى جانب دعم ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، لكنه اصطدم باستمرار "الفيتو" السعودي والقطري الذي لا زال يرفض الاعتراف بنظام الأسد، ويُصر على استمرار قرار تجميد عضوية سوريا المستمر منذ سنة 2011، وهو الأمر الذي يرغب الرئيس الجزائري في الحصول على دعم مصر بخصوصه لكون السيسي أبدى انفتاحا على نظيره السوري مؤخرا. وكان وزير الخارجية الجزائر قد شرع في جولته العربية منذ 12 يناير الجاري، والتي وجه خلالها رسائل خطية من تبون إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ورئيس الإمارات العربية المتحدة، خليفة بن زايد آل نهيان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، كما اجتمع بوزراء خارجية الدول التي زارها، ثم عند عودته إلى الجزائر هاتف نظيريه التونسي والموريتاني واجتمع بسفراء الدول العربية المعتمدين لدى بلاده، لكن كل ذلك لم يحل دون تأجيل القمة إلى ما بعد شهر رمضان على الأقل.