قررت الجزائر إنشاء خط بحري مباشر مع موريتانيا "في أقرب الآجال"، المشروع الذي صدرت بخصوصه أوامر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لمجلس الوزراء الذي اجتمع يوم أمس الأحد، وهو ما يعني أن الجزائر سيُصبح لها لأول مرة رابط مباشر مع المحيط الأطلسي، "الحلم" الذي على أساسه قام صراعها مع المغرب حول الصحراء، ويأتي بعد عام ونيف من إغلاق الجيش المغربي لآخر منفذ نحو الواجهة الأطلسية أمام جبهة "البوليساريو". وقالت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية وجريدة "النهار" المُقربة من الجيش، إن تبون "أمر بفتح خط بحري مع الجمهورية الإسلامية الموريتانية" في أقرب الآجال، رابطة الأمر بزيارة الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، للبلاد الأسبوع الماضي والتي امتدت لثلاثة أيام، وتخللتها محادثات مُغلقة مع تبون كما انتهت بتوقيع العديد من الاتفاقيات، من بينها الطريق البري المباشر بين البلدين. وتاريخيا، كانت رغبة الجزائر في الحصول على إطلالة على المحيط الأطلسي في مقدمة الأسباب التي دفعتها لاحتضان جبهة "البوليساريو"، وهو الأمر الذي تكشفه وثيقة محفوظة في خزانة الكونغرس الأمريكي، عبارة عن تقرير حول اجتماع دار بين الملك الحسن الثاني ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، في الرباط بتاريخ 15 أكتوبر 1974، وخلاله قال هذا الأخير إن تلك كانت رغبة الرئيس الجزائري الراحل هوري بومدين. وفي الوثيقة يقول كيسنجر إنه جالس بومدين الذي أخبره بأنه يساند "تقرير المصير في الصحراء"، وأمام اندهاش وزير الخارجية الأمريكي من تبني هذا الخيار ل"30 أو 40 ألف شخص لا يعرفون حتى أين يعيشون" على حد تعبيره، قال "أعتقد أن الرئيس الجزائري يريد منفذا على المحيط الأطلسي"، في حين كان جواب الحسن الثاني هو أنه يريد أن يكون لديه ميناء في الصحراء لكون شحنات الحديد الخام تمر عبر الأراضي المغربية. وكانت الجزائر قد أكدت بشكل صريح أن هدفها الرئيس من الصراع هي الإطلالة الأطلسية سنة 2002، حين قدمت للأمم المتحدة مقترحا ب"تقسيم الصحراء" بين المغرب وجبهة "البوليساريو" بحيث تحصل الرباط على الثلثين الشماليين من المنطقة، أي إقليم الساقية الحمراء، في حين تحصل الجبهة الانفصالية على الإقليم الجنوبي أي وادي الذهب، وهو الأمر الذي عرضه أمام مجلس الأمن السفير الممثل الدائم للجزائر حينها، عبد الله أبا علي، واصفا إياه ب"الحل المنصف"، لكنه لقي رفضا من طرف المملكة. وتأتي الخطوة الجزائرية مع موريتانيا في وقتٍ تعتبر فيه الرباط أن ملف الصحراء قد حُسم للأبد، حيث أعلن الملك محمد السادس في خطاب المسيرة الخضراء يوم 6 نونبر الماضي أن المغرب "لا يتفاوض على صحرائه"، مبرزا أن المفاوضات تهدف فقط إلى "إيجاد حل سلمي للنزاع المفتعل"، وهو أمر تستند فيه الرباط إلى مكاسبها الديبلوماسية في العامين الأخيرين، على غرار سلسلة التمثيليات الدبلوماسية الموجودة في العيون والداخلة، ثم الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على المنطقة. وكانت القوات المسلحة الملكية قد أغلقت آخر منفذ ظل عناصر "البوليساريو" يستغلونه للوصول إلى المحيط الأطلسي، أواخر سنة 2020، وذلك بعد تدخلها الميداني في الكركارات والذي أعقبته تعديلات في الجدار الأمني أدت إلى إخراج شبه جزيرة الكويرة ومحيطها من المنطقة العازلة وضمها إلى الأراضي الخاضعة للسيادة المغربية.