يبدو أن وزيرة الخارجية الإسبانية المُبعدة عن الحكومة مؤخرا، أرانتشا غونزاليس لايا، لن تكون الوحيدة التي ستتحمل عواقب الأزمة الدبلوماسية مع المغرب الناتجة عن إدخال زعيم جبهة "البوليساريو"، إبراهيم غالي، إلى إسبانيا بشكل سري لتجنيبه المتابعة القضائية، حيث كانت إحدى أولى الخطوات التي أقدم عليها خلفها خوسي مانويل ألباريس هي إقالة مسؤول رفيع في الوزارة كان مصدر الأوامر الموجَّهة للمطار العسكري في سرقسطة بعدم مراقبة جواز سفر غالي. ومن ضمن جملة من الخطوات التي أقدم عليها ألباريس منذ توليه حقيبة الخارجية رسميا، الاثنين، الماضي، كشفت صحيفة "إلموندو" أن وزير الخارجية الجديد أعفى كاميلو بيارينو، مدير ديوان الوزيرة السابقة، والذي كان الشخص الذي تواصل مع هيئة الأركان الجوية الإسبانية لتبليغ المطار العسكري في سرقسطة أوامر بعدم طلب هويات الأشخاص القادمين على متن طائرة جزائرية مساء يوم 18 أبريل 2021، وهي الطائرة التي كانت تحمل على متنها زعيم "البوليساريو" القادم لتلقي العلاج. ولمنصب مدير ديوان وزير الخارجية في إسبانيا قيمة كبيرة داخل الوزارة، إذ لا يتعلق الأمر بصندوق أسرار المسؤول الحكومي أو مصدر ثقته، بل إن من يشغلون هذا الموقع يصبحون مرشحين ليصبحوا وزراء للخارجية مستقبلا، كما كان الحال مع ألفونسو داستيس، وزير الخارجية الإسباني ما بين 2016 و2018 في عهد رئيس الوزراء المحافظ مريانو راخوي، وجوسيب بوريل الذي سبق لايا في هذا المنصب كأول وزير خارجية في عهد بيدرو سانشيز، وهو الآن الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية. ويتزامن هذا الإعفاء مع انتهاء المهلة التي أعطتها محكمة التعليمات السابعة في مدينة سرقسطة لوزارة الخارجية الإسبانية لتسليمها الملف الإداري الكامل لقضية دخول غالي إلى إسبانيا وقائمة أسماء المسؤولين المتدخلين في هذا الموضوع، في إطار التحقيق الذي فتحته بخصوص إمكانية دخول زعيم "البوليساريو" بهوية مزورة تحت اسم "محمد بن بطوش" وبجواز سفر جزائري، من أجل تجنيبه المتابعة القضائية بخصوص ملاحقته من طرف صحراويين حاملين للجنسية الإسبانية، والذين يتهمونه بالاختطاف والتعذيب والاغتصاب والإخفاء القسري والتصفية الجسدية. وكان الجنرال خوسي لويس أورتيز كانيافاتي، قائد المطار العسكري لسرقسطة، قد كشف، في جوابه للمحكمة، أنه تلقى تعليمات بعدم التحقق من جوازات سفر القادمين على متن الطائرة المذكورة، وأكد أن الأمر يتعلق بأوامر صدرت عن وزارة الخارجية الإسبانية ووصلته عبر قيادة أركان القوات الجوية في الجيش الإسباني، ويمكن أن يجد مدير ديوان لايا نفسه مجبرا على المثول أمام القضاء بعد إعفائه إذا ما تضمنت القوائم المُسَلمة للمحكمة اسمه.