يبدو أن المواطنين المغاربة ليسوا وحدهم من عليهم تحمل تبعات ارتفاع أسعار زيت الطبخ بسبب ما تصفه الشركات المصنعة ب"ارتفاع أسعار المواد الأولية"، فجيرانهم الجزائريون يعيشون وضعا مشابها تزيد من حدته أزمة العملة المحلية، الأمر الذي أدى إلى زيادات صاروخية في أثمنة هذه المادة الأساسية والتي يحتكر نسبة كبيرة من سوقها مُجمع "سيفيتال" المملوك لرجل الأعمال يسعد ربراب، أغنى أغنياء البلاد. وأصبح الحد الأدنى لبيع زيد المائدة في الجزائر هو 600 دينار أي 4,5 دولارات أمريكية بعدما لم يكن يتجاوز 520 دينارا أي 3,9 دولارات، الأمر الذي ضاعف معاناة الجزائريين الذين يكابدون جراء ارتفاع مواد أساسية أخرى مثل الحليب ومشتقاته والمعجنات بمختلف أنواعها، لكن المشكلة لا تقف عند هذا الحد، إذ من المرجح أن تواصل الأسعار ارتفاعها بسبب الانخفاض المستمر لقيمة الدينار أمام الدولار واليورو، العملتان الرئيسيتان المستعملتان في استيراد المواد الأولية. وأول أمس الأربعاء أصدر مجمع "سيفيتال" بلاغا نشرته وسائل الإعلام الرئيسية في الجزائر مثل صحيفتي "الخبر" و"الشروق"، قال فيه إن "ارتفاع أسعار زيوت المائدة بالسوق الوطنية مؤخرا راجع إلى عوامل خارجية لا يمكن التحكم فيها"، وأضاف أن "الالتهاب غير المسبوق الذي شهدته أسعار المواد الأولية في السوق العالمية، الذي تزامن مع انخفاض قيمة الدينار أمام الدولار كان أهم العوامل المساهمة في ارتفاع الأسعار وطنيا، إضافة إلى ارتفاع التكاليف اللوجستية والنقل والتعبئة والتغليف". ووفق البيان فإن "تداعيات هذه الظاهرة لم تقتصر على الزيوت فحسب، بل مست عدة مواد أخرى، من بينها العجائن الغذائية والحليب"، موردا أن المجمع "يبذل قصارى جهده من أجل إبقاء أسعار منتجه عند مستوى معقول رغم "الخسائر المعتبرة" التي يتكبدها"، كما أشار إلى أن المجموعة "اتخذت كل التدابير اللازمة لتفادي أي تذبذب في تزويد السوق الوطنية خاصة مع اقتراب شهر رمضان". وفي المقابل توجه أصابع الاتهام للمجموعة المملوكة لسيعد ربراب بالتسبب في هذا الارتفاع نتيجة ممارسات احتكارية تهدف للتحكم في الأسعار، وهو ما نبه إليه مصطفى زبدي، رئيس المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك في تصريحات نقلتها صحيفة "لشروق"، إذ أورد أن مجمع سيفيتال يواجه ارتفاعا في سعر تكلفة إنتاج الزيت وقد طلب من وزارة التجارة إعادة النظر في تسقيف السعر، مبرزا أن المجمع "لجأ إلى تخزين المنتج واشتراط العمل بالفوترة مع تجار الجملة لإنقاص الكمية الموزعة في الأسواق". ويعد ربراب، وفق التصنيف السنوي لمجلة "فوربس" الصادر في دجنبر الماضي، ثاني أغنى أغنياء العرب وأثرى شخص في الجزائر على الإطلاق، بثروة تبلغ 7,5 ملايير دولار، والمثير أن رجل الأعمال الذي يستثمر في مجالات الصناعة الغذائية والفلاحة وصناعة الصلب وغيرها، رفع أرقام ثروته بشكل كبير في سنة 2020 التي تسببت خلالها جائحة كورونا في أزمة اقتصادية عالمية، إذ زادت بقيمة 3,3 مليارات دولار.