تشهد أسعار المواد الاستهلاكية بالجزائر على مستوى سوقي الجملة والتجزئة ارتفاعا غير مسبوق، قدره الخبراء بنسبة 20 بالمائة، وذلك قبل 40 يوما من دخول الإجراءات الجديدة، التي تضمنها قانون المالية لسنة 2017 حيز التنفيذ، والخاصة بالدرجة الأولى، برفع رسم القيمة المضافة لعدة مواد. وأرجع الخبراء هذا الارتفاع إلى العوامل النفسية التي تسبق تطبيق أية قوانين جديدة، وتشمل هذه الزيادات المواد الكهرومنزلية والمواد الغذائية وكذا السيارات إضافة إلى الخضر والفواكه وحتى المواد المدعمة والتي يجرّم المتورطون في رفع أسعارها، في وقت لاتزال قرارات الحكومة، ممثلة في إلزامية التعامل بالصك والفوترة والتصريح بالممتلكات مجرد حبر على ورق، ولم تر طريقها للتطبيق. وفي هذا السياق، ارتفعت أسعار السيارات بنسبة (+30%)، فيما عرفت اسعار المواد والأثاث المنزللية زيادة ب (+30%)، أما اتصالات الجزائر فشهدت زيادة بنسبة 12 في المائة. من جهتها عرفت أسعار المحروقات زيادة بنسبة 4 دولارات، كما ارتفعت أسعار الهواتف بنسبة 7 في المائة. ويؤكد رئيس الكونفدرالية الوطنية للمنتجين والصناعيين الجزائريين، عبد العزيز مهني في تصريح ل"الشروق" أن ما يسجل من زيادات في أسعار بعض المواد الصناعية والمنتجات، يدخل في إطار الفوضى ويبتعد كل البعد عن التشريعات الجديدة التي لم تدخل حيز التنفيذ بعد، مؤكدا أن الأمر ظرفي، فارتفاع أسعار المواد الفلاحية على سبيل المثال، يرتبط بتغيرات الطقس والمناخ، متوقعا الاستقرار خلال المرحلة المقبلة، كما ربط بين ارتفاع أسعار السيارات وانخفاض قيمة الدينار أمام الدولار الأمريكي والعملة الأوروبية الأورو، وهي التي قال أنها الأسباب المباشرة التي تؤدي في كل مرة إلى التهاب الأسعار. من جهته الخبير الاقتصادي كمال ديب، قال في تصريح ل"الشروق" بأن العامل النفسي، لعب دورا هاما في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بالسوق، والتي بلغت مستويات قياسية، في ظل ما أسماه باكتساح المضاربين وسيطرة السوق الموازية، واستمرار غياب الفوترة التي تعد العامل الرئيسي للتحكم في الأسعار رغم القرارات المتخذة في العديد من المرات من طرف الحكومة والمعلن عنها عبر وزارة التجارة، وغياب الرقابة. وتوقع ديب زيادات جديدة في أسعار المواد واسعة الاستهلاك بعد دخول قانون المالية الجديد حيز التنفيذ، في ظل ما أسماه بغياب الرقابة وعدم تطبيق التشريعات، وكثرة الطلب، مشددا على أن المنتجين يبحثون عن موارد جديدة لادخار حجم الرسوم التي سيدفعونها بداية من السنة المقبلة، في وقت تلجأ وزارة التجارة إلى معاقبة صغار التجار، بدل مداهمة أسواق الجملة، مؤكدا أنها تخبئ أكبر الرؤوس المتلاعبة بقوت الجزائريين. وبالمقابل، وصف الخبير الاقتصادي فارس مسدور، الارتفاع الذي تشهده أسعار بعض المواد المدعمة على مستوى أسواق التجزئة على غرار السكر والحليب، بالتجاوزات الخطيرة التي تتطلب ضرورة تدخل الحكومة لوضع حد لها، مؤكدا أن الأمر عندما يتعلق بالسكر والزيت والحليب والخبز، يصبح خطا أحمر، بحكم أن الحكومة تدفع الملايير سنويا 10 آلاف مليار لضمان استقرار هذه المواد في السوق الوطنية، وهو ما يطلق عليه بتكلفة شراء السلم الاجتماعي.