سيؤدي قرار وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الصادر يوم أمس الاثنين، بخصوص قطع كل أشكال التواصل والتعاون مع سفارة ألمانيا بالمغرب، إلى إغلاق أبواب العمل المشترك بين البلدين في عدة مجالات، لكن المجال الأمني قد يكون الأكثر تضررا بالنظر للدور الذي تلعبه الرباط في مد ألمانيا بالمعطيات الاستخباراتية الحساسية منذ توقيع اتفاق التعاون الأمني سنة 2016. ويشكل تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية بين برلينوالرباط إحدى أهم دعامات العلاقات الثنائية بينهما، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وهو ما بدا جليا من خلال المعلومات التي وفرتها المملكة للحكومة الألمانية بخصوص استهدافها من طرف مجموعات متطرفة وتحديدا في سنتي 2016 و2018، الأمر الذي أسهم في تجنيب هذا البلد الأوروبي أنهارا من الدماء. ويتجاوز التعاون الأمني المغربي الألماني تبادل المعلومات إلى العمل الميداني، ففي دجنبر من سنة 2018 زارت عناصر من الأجهزة الأمنية المغربية ألمانيا للمشاركة في تحقيقات حول تخطيط 4 متطرفين لتنفيذ عمليات إرهابية في شتوتغارت، وذلك بعد أن فتحت النيابة العامة هناك تحقيقا في هذه القضية استنادا إلى معطيات وفرتها سلطات الرباط انطلاقا من معطيات حصلت عليها من خلال تتبع محادثات جرت بين شخص سوري وشابة مغربية، وفق ما أورده موقع صحيفة "شبيغل" الألمانية. وجنبت هذه المغطيات ألمانيا مأساة كبيرة، كون أن المجموعة المتطرفة كانت تخطط للقيام بهجمات على مواقع حساسة في شتوتغارت من بينها مطار المدينة، وذلك تزامنا مع الاحتفالات بأعياد الميلاد، وهو ما يفسر تعامل السلطات الأمنية الألمانية مع هذه المعلومات بسرعة وجدية عكس ما حدث سنة 2016 حين تباطأت في التعامل مع تحذيرات مغربية بخصوص إمكانية وقوع هجمات وسط العاصمة برلين. ففي مارس من سنة 2019 كشفت وكالة الأنباء الألمانية أن أجهزة المخابرات المغربية أخطرت نظيرتها الألمانية في 2016 بوجود احتمال لتنفيذ هجمات من طرف 3 أشخاص يدينون بالولاء لتنظيم "داعش"، اثنان منهما يحملان الجنسية المغربية والثالث تونسي، والذي لن يكون إلا أنيس عمري، الذي نفذ يوم 19 دجنبر 2016 عملية دهس بواسطة شاحنة داخل سوق لاحتفالات رأس السنة في برلين ما أدى إلى 12 شخصا، وهو ما كان من الممكن تفاديه لو لم تفضل المخابرات الداخلية الألمانية التثبت من المعلومات المغربية عبر وكالة الاستخبارات الأمريكية والتي لم ترد إلا بعد وقوع المأساة. وتشكل السفارة الألمانية في الرباط إحدى همزات الوصل في تنزيل الاتفاق الموقع في أواخر فبراير من سنة 2016 بين وزيري داخلية المغرب وألمانيا حينها، محمد حصاد وتوماس دي ميتسيير، والذي يغطي كل مجالات التعاون الأمني في مجالات محاربة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة والاتجار في البشر وتهريب البضائع والهجرة السرية، ما يطرح علامات استفهام حول مستقبل هذا التعاون في ظل الاستياء الدبلوماسي المغربي من برلين.