أطلق برلمانيون في الجزائر، حملة شعبية لجمع مليون توقيع من أجل الضغط لسن قانون محلي لتجريم الاستعمار الفرنسي. وفي حديثه للأناضول، قال بلعربي كمال النائب بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) إنه أطلق المبادرة بالتنسيق مع عدد من النواب. وتأتي الحملة بعد أيام من صدور تقرير فرنسي حول استعمار باريس للجزائر (1830-1962)، وسط انتقادات واسعة وجهت له من طرف الجزائريين، جراء تجاهله "جرائم الاستعمار". والتقرير المقصود صدر في 20 يناير الماضي، وهو للمؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، والذي سلمه للرئيس إيمانويل ماكرون. وبالتزامن مع تسلم التقرير، نقلت وسائل إعلام فرنسية عن قصر الإليزيه، قوله إن هذا التقرير لا يعني وجود خطوة نحو "الاعتذار للجزائر". وقال النائب بلعربي كمال، إنّه ومجموعة من النواب قدّموا منذ 28 يناير 2020 بالمجلس الشعبي الوطني مشروع قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي. وأضاف أنّ "المشروع بقي حبيس الأدراج سنة كاملة، لم ينظر إليه لأسباب مجهولة". واستطرد: "بعد عام أي في 28 يناير 2021، أطلقنا حملة شعبية لجمع التوقيعات لمطالبة البرلمان بغرفتيه سنّ قانون يُجرّم أفعال فرنسا الاستعمارية". ووفق بلعربي: "جاءت المبادرة بسبب التماطل الذي طال المشروع وطال حق الشهداء والمجاهدين (قدماء المحاربين)". وأشار إلى أنّ "الدعوة جاءت أيضا بناء على تصريحات مستشار الرئاسة عبد المجيد شيخي المكلف بملف الذاكرة (ملف الاستعمار)"، والذي قال قبل أسابيع، إن الجزائريين جرموا الاستعمار منذ عقود في قلوبهم ولا يحتاج ذلك لنص قانوني. وأوضح البرلماني أنّ "مسألة اعتراف فرنسا بجرائمها شأنها، وما يعنينا هو استرجاع حقوق الجزائريين التي ضاعت مثل الأرشيف والتعويضات المادية". وأكدّ المتحدث أنّ "الحملة انطلقت بمختلف محافظات البلاد، وستأخذ وقتها الكامل لجمع التوقيعات من خلال استمارة ورقية وليست إلكترونية". ووفق بلعربي "يكفي جمع مليون توقيع لإيصال رسالة الشعب إلى الحكومة والسلطة التشريعية". ولم يصدر في الجزائر أي تعليق رسمي عن التقرير الفرنسي، واقتصر الأمر على تعليقات في الإعلام، وأخرى من شخصيات غير رسمية. وسابقا، اتفق الرئيسان الفرنسي ماكرون والجزائري عبد المجيد تبون، على تعيين مؤرخين اثنين ممثلين عن كل منهما لبحث ملف الذاكرة، إذ عُين عن الجانب الفرنسي ستورا وعن الجزائري عبد المجيد شيخي. ودام الاستعمار الفرنسي للجزائر بين 1830 و1962، حيث تقول السلطات الجزائرية ومؤرخون إن هذه الفترة شهدت جرائم قتل بحق قرابة 5 ملايين شخص، إلى جانب حملات تهجير ونهب الثروات، وسرقة آلاف الوثائق وقطع تاريخية وأثرية منها ما يعود إلى الحقبة العثمانية (1515-1830). ويردد المسؤولون الفرنسيون في عدة مناسبات بضرورة طي الجزائر لصفحة الماضي الاستعماري وفتح صفحة جديدة، لكن الجزائر طالبت مرارا باعتراف رسمي من باريس بجرائم الاستعمار.