يسود ترقب للموقف الرسمي الجزائري من تقرير فرنسي جديد حول الحقبة الاستعمارية، يستبعد استجابة باريس لمطلب الجزائريين باعتذار رسمي عن جرائم هذه الفترة (1830-1962). والأربعاء، سلم المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، الرئيس إيمانويل ماكرون تقريره حول الاستعمار وحرب الجزائر (1954-1962).
ويحتوي التقرير، المكون من 150 صفحة، على مقترحات ترمي لإخراج العلاقة بين باريسوالجزائر من الشلل الذي تسببه قضايا الذاكرة العالقة بين الجانبين.
وأوصى التقرير، وفق ما نشرت وكالة الأناضول، بتشكيل لجنة تسمى "الذاكرة والحقيقة"، تطلق مفاوضات حول ملفات عالقة مثل الأرشيف، إلى جانب تنظيم أنشطة تذكارية للتعريف بهذا التاريخ المشترك بين البلدين.
وبالتزامن مع تسلم التقرير، نقلت وسائل إعلام فرنسية عن الرئاسة هناك، قولها إن هذا التقرير لا يعني وجود خطوة نحو "الاعتذار للجزائر".
وقبل أسابيع، أعلن الرئيسين الفرنسي ماكرون والجزائري عبدالمجيد تبون، تعيين مؤرخين اثنين ممثلين عن كل منهما لبحث ملف الذاكرة، إذ عُين عن الجانب الفرنسي ستورا وعن الجزائري عبد المجيد شيخي.
ولم يصدر في الجزائر أي تعليق رسمي عن التقرير الفرنسي، واقتصر الأمر على تعليقات في الإعلام، وأخرى من شخصيات غير رسمية.
واعتبرت غالبية تلك التعليقات أن هذه الخطوة من باريس محاولة "للقفز على مطلب رئيس للجزائريين وهو تقديم اعتذار رسمي عن جرائم الاستعمار بدل الخوض في مسائل هامشية".
أحد هذه التعليقات صدر الأحد، عن عبد العزيز رحابي، وزير الإعلام الجزائري الأسبق، قائلا إن التقرير "لا يراعي المطلب التاريخي الرئيسي للجزائريين، أي اعتراف فرنسا بجرائم الاستعمار الغاشم".
وذكر في بيان، نشره على حسابه عبر "تويتر": "يقع على كل دولة أن تتحمل مسؤولية ماضيها، ويتعين على الدولتين تهيئة الظروف اللازمة لإقامة علاقة هادئة موجهة صوب المستقبل".
وقبل أيام، قال المؤرخ شيخي، حول موقفه من تقرير ستورا (قبل صدوره)، إن عمل هذا المؤرخ يخص "فرنسا وحدها ولا يهمنا ما يقوم به".
وأضاف خلال مؤتمر صحفي بمقر الإذاعة الرسمية: "نحن كجزائريين أمورنا واضحة وموقفنا، ولن ننسى أو نطوي صفحة الماضي".
فيما انتقد كمال بلعربي، البرلماني الجزائري، الذي كان وراء طرح مشروع قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي (في يناير 2020) تقرير ستورا ورفض فرنسا الاعتذار عن جرائمها.
واعتبر السياسي الجزائري، في بيان، أن التقرير "أطلق رصاصة الرحمة على فكرة حسن النوايا والصداقة الحقيقية"، داعيا الرئيس تبون للرد على هذه الخطوة الفرنسية.