بعد نحو 6 أسابيع من العملية العسكرية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية لإخلاء منطقة الكركارات من عناصر جبهة "البوليساريو" يوم 13 نونبر الماضي، بث التلفزيون الجزائري لأول مرة صورا لما أسماها "المعارك" التي يشهدها "قطاع المحبس" المنطقة الموجودة بالقرب من ولاية تندوف حيث مقر قيادات الجبهة الانفصالية، إذ زعمت القناة الرسمية الجزائرية أنها أول وسيلة إعلام أجنبية "تتوغل إلى ساحة الحرب"، ناقلة مشاهد لما أسمته "قصف الجيش المغربي لبيوت المدنيين الصحراويين". وقال التلفزيون الجزائري إن "الجيش الصحراوي قصف القواعد 21 و22 و23 من الفيلق 40 مشاة القطاع"، وذلك بعدما "استهدف الجيش الملكي المغربي بيوتا لعائلات صحراوية دون أن يسفر عن ضحايا"، ليظهر "مراسل" القناة في تقرير قال إنه من عين المكان، متحدثا عن "قصف عشوائي" نفذته القوات المغربية على "بيوت العائلات التي جرى ترحيلها بسبب الحرب". وحسب التقرير فإن "كتائب الجيش الصحراوي ردت بقوة وعنف في معركة متواصلة دامت لساعتين وكبدت العمليات خسائر كبيرة للجيش المغربي" وذلك نقلا عن أحد مسلحي الجبهة، ليخلص إلى أن "القصف لم يتوقف طيلة يومين بين الطرفين عبر قذائف الهاون والقذائف العنقودية ومختلف الصواريخ"، مضيفا أن "الحرب مفتوحة على مصراعيها من المحبس إلى الكركارات بعد أن أطلق الجيش المغربي 60 صاروخا والعديد من قذائف الهاون". ولم ينقل التقرير "الميداني" أي مشاهد للصواريخ المغربية ال60 التي قال إنها نزلت على المنطقة، لكنه في المقابل أظهر العشرات من المسلحين الانفصاليين وهم ينفذون ما وصفها أحد قاداتهم ب"الأقصاف"، كما أظهر صورا لحطام أكواخ من الطوب زعم أنها منازل كانت تؤوي "مواطنين صحراويين" دُمرت جراء القصف المغربي "العشوائي". ولم يصدر عن القوات المسلحة الملكية أي رد لحدود اللحظة عن هذه الصور، التي تعني، في حال ما كانت صحيحة، أن مسلحي جبهة "البوليساريو" وطاقم التلفزيون الجزائري يوجدون داخل المنطقة العازلة الموجودة خلف الجدار العازل في منطقة "المحبس" البعيدة بأقل من 100 كيلومتر عن مخيمات تندوف داخل الحدود الجزائرية. غير أن الرد على ما نشره التلفزيون الجزائري الرسمي جاء من طرد مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، الذي كان أحد أبرز القياديين الأمنيين في الجبهة قبل الانفصال عنها في 2010 إثر إعلان دعمه لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو أيضا أكد العارفين بالتفاصيل الجغرافية للمنطقة التي عاش فيها لعقود، إذ أورد أن الأمر ليس سوى "تلفيق". وحسب ولد سيدي مولود فإن المقر الذي ظهر في الصور والذي قالت القناة الجزائرية إنه "آثار قصف مغربي لبيوت مدنيين، هو مقر عسكري بامتياز"، مضيفا أن الأمر يتعلق بمقر للناحية العسكرية السادسة قرب منطقة "الرينكون" على بعد 50 كيلومترا من الرابوني مقابل قطاع المحبس، لافتا الانتباه إلى أن إشارة "قف" الحمراء الموجودة بالمكان المدمر والتي "لا محل لها في عالم المدنيين". ورد القيادي السابق في الجبهة الانفصالية بشكل مباشر أيضا على تدوينة وصور نشرها مراسل التلفزيون الجزائري عبر الفيسبوك، موردا أن الأمر يتعلق ب"مقر الناحية السادسة بعد أن أُخرجت من الرابوني منذ أزيد من سنتين"، مبرزا أن المقر لا زال قيد الإنشاء استنادا إلى الدعامات الحديدية التي تظهر في الصور.