يتحدث أنصار جبهة "البوليساريو"، كثيرا، عبر وسائل الإعلام وحسابات منصات التواصل الاجتماعي الداعمة للطرح الانفصالي، عن أن المغرب عليه العمل على "استعادة" سبتة ومليلية باعتبارهما أراض مغربية محتلة عوض المطالبة بأقاليم الصحراء، غير أن قيادات الجبهة تُناقض هذه الدعوات في تصريحاتها الرسمية، مثلما صدر عن ممثلها في مدريد، عبد الله العرابي، الذي "حذر" الإسبان من رغبة الرباط في استعادة السيادة على المدينتين. وفي تصريحات لإذاعة "كادينا كوبي" الإسبانية، نقلتها أيضا "وكالة الأنباء الصحراوية" المنبر الإعلامي الرسمي للجبهة اليوم الجمعة، أورد العرابي أن "الصحراويين حذروا لسنوات الحكومات الإسبانية المتعاقبة من مغبة "الاستسلام للمغرب" ولسياسة التوسعية على حساب بلدان الجوار، كما حدث مؤخرًا في تصريح رئيس الحكومة المغربية حول سبتة ومليلية، وقبل ذلك التحرش بالمياه الإقليمية المتاخمة لجزر الكناري"، على حد تعبيره. وتأتي هذه التصريحات في محاولة من الجبهة لصب الزيت على النار في موضوع تصريحات رئيس الحكومة سعد الدين العثماني حول موضوع المدينتين الموجودتين في شمال المغرب، وذلك عندما قال في حوار أجراه مؤخرا مع قناة "الشرق" الإماراتية إن المغرب يعتبر أن سبتة ومليلية أراض مغربية مثلها مثل الصحراء، مبرزا نية الرباط فتح ملف المطالبة بالمدينتين الخاضعتين للسيادة الإسبانية منذ ما يزيد عن 5 قرون، لكنه أكد أن الأولوية حاليا لملف الأقاليم الصحراوية. وكانت هذه التصريحات قد تسببت في مشكلة دبلوماسية بين الرباطومدريد وذلك بعدما نجحت حملة سياسية قادها الحزب الشعبي اليميني في دفع وزارة الخارجية الإسبانية إلى استدعاء السفيرة المغربية كريمة بن يعيش لاستفسارها حول تصريحات العثماني، وإعلامها بأن إسبانيا "تتوقع من جميع شركائها احترام سيادة ووحدة أراضيها"، وهو ما ردت عليه الدبلوماسية المغربية بالقول إن كلام رئيس الحكومة غير جديد وإن لا شيء تغير في الموقف الرسمي للملكة التي تعتبر أن المدينتان خاضعتان للاحتلال الإسباني. وتعمل جبهة "البوليساريو" على استمالة إسبانيا للوقوف إلى جانب الأطروحة الانفصالية بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف بلاده رسميا بالسيادة المغربية على كامل تراب الأقاليم الصحراوية، وقرار واشنطن فتح قنصلية لها بمدينة الدخلة تزامنا مع بدء سلسلة استثمارات في المنطقة، وهو الأمر الذي تستغل فيه تخوف مدريد من انتقال الرباط للمطالبة بسبتة ومليلية، الشيء الذي يرى مراقبون أنه دفع وزيرة الخارجية الإسبانية أرانتشا غونزاليس لايا إلى إبداء موقف سلبي من قرار ترامب. ورغم ذلك لا يبدو الموقف الرسمي الإسباني مؤيدا لمطالب البوليساريو بإجراء استفتاء تقرير المصير، وهو ما يتضح من خلال تصريحات ممثل الجبهة في مدريد نفسه الذي تحدث عن أن "إسبانيا على إرضاء النظام المغربي بأي ثمن، ولو كان على حساب تطلعات الشعب الصحراوي"، على حد توصيفه، كما يتضح جليا من خلال تبرؤ غونزاليس لايا من دعوة بابلو إغليسياس، نائب رئيس الوزراء الإسباني وزعيم حزب "بوديموس" اليساري الراديكالي، إلى إجراء الاستفتاء، حيث شددت على أن الأمر يتعلق برأي شخصي لا بموقف حكومي رسمي.