يشهد الاقتصاد العالمي حالة من الترقب والقلق مع اقتراب نهاية العام خاصة وأنه بالنظر الى بيانات الاقتصاد العالمي وأسواق الأسهم التي ترسم صورا مختلفة تماما عن توقعات الخبراء. وفي حين أن الأسواق المالية قد شجعت المستثمرين في الفترة الاخيرة من خلال الإشارات القوية للتعافي والتحسن في الإنفاق الاستهلاكي والإنتاج الصناعي، إلا أن كلاهما لا يزال أقل بكثير من المستويات السابقة ومن توقعات خبراء المال والاقتصاد. ومع ظهور لقاح جديد لفيروس كورونا المستجد ظهرت بارقة أمل جديدة، ولكن يصاحبها حالة من القلق من احتمالية أن يخرج الانتعاش عن مساره بسبب موجة جديدة من الإغلاق. وبالنظر إلى معدلات البطالة على المستوى العالمي، فقد انخفضت البطالة في الولاياتالمتحدة بشكل أبطأ مما كان متوقعا وقد تتفاقم في أوروبا حيث تقلصت إجراءات حماية الوظائف خلال الصيف. ويرى الكثير من الخبراء أنه مع تطور الانتعاش الاقتصادي على مدى العامين المقبلين، تظل مخاطر الهبوط مرتفعة، بما في ذلك التوترات التجارية وحالة القلق بشأن السياسات والضغوط الجيوسياسية ونتائج الانتخابات الاميركية، بجانب نقاط الضعف المالية، التي تحاول الكثير من الدول التغلب عليها نتيجة تأثير جائحة كورونا. كل هذا انعكس بالطبع على أسواق المال العالمية وحركة التداول بأسواق الفوركس، مع ترقب المستثمرين للأخبار والقرارات، التي باتت كلها تنعكس سريعا على الأسواق المالية، مثل خبر إصابة ترامب بفيروس كورنا والذي صعد بأسعار الذهب من جديد بعد أسابيع من الهبوط من القمة التاريخية التي تخطت حاجز ال 2000 دولار للأوقية، ثم عادت لتهدأ من جديد وترتد بعد تعافي الرئيس الأمريكي وعودته للبيت الأبيض. كذلك الأزمات التي تواجهها بريطانيا اقتصاديا وصحيا انعكست على الجنيه الاسترليني بشكل واضح، خاصة مع توالي التعثرات في خطة البريكسيت. أما الليرة التركية فقد واصلت هبوطها الحاد مع توالي المشكلات في تركيا في ظل أزمة العلاقات التركية اليونانية بخصوص التنقيب عن غاز المتوسط، وتورط تركيا في الحرب بين أرمينيا وأذربيجان، بخلاف التعثر الاقتصادي التي تشهده تركيا في الفترة الاخيرة. جائحة كورونا واتجاه العالم للخدمات الرقمية ومن المعروف أن الاقتصاد يتغير دائما، والتحول نحو الأصول والخدمات الرقمية مستمر منذ عقود، وقد أدى جائحة فيروس كورونا إلى تسريع الاتجاه الحالي طويل المدى نحو الرقمنة والاعتماد على التسوق عبر الإنترنت وخدمات الترفيه الرقمية والعمل عن بُعد بشكل أسرع مما كان مخططًا له في الأصل. ويشهد العالم حاليا التحول الرقمي المتسارع، ويتأكد المستثمرين الأذكياء من تحقيق أقصى استفادة من هذا التغيير الكبير خلال المستقبل القريب، فهناك العديد من الطرق للتعامل مع الاقتصاد الرقمي كمستثمر. لقد تأثر سوق الفوركس مثل باقي الأسواق العالمية خلال عام 2020 ومع ظهور أنباء عن لقاح جديد لفيروس كورونا في الفترات الأخيرة، فقد شهد الفوركس انتعاشا ملحوظا، وبالنظر إلى آخر مستجدات التداول في سوق الفوركس نجد أن الدولار تعرض لضغوط بيع قوي، حيث أنهى الأسبوع بخسائر حادة مقابل معظم العملات الرئيسية. التداول في سوق الفوركس وخلال الأسبوع الأخير استقر الدولار الأمريكي دون تغيير تقريبا عند 93.57 وتقدم الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الموالي للدورة الاقتصادية للدولار، وارتفع اليوان الصيني ل مستوى 6.7500 بمقدار ضعف الدولار الأمريكي المتواضع خلال الأسبوع الماضي، فبالرغم من ارتفاع آمال التحفيز المالي الأمريكي، إلا أن الأداء المتفوق للتعافي الاقتصادي الصيني على جميع الجبهات. مستقبل الأسواق الناشئة يرى الكثير من الخبراء أن الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية سوف تعاني من الرياح الاقتصادية المعاكسة من عدة جهات: الضغط على أنظمة الرعاية الصحية الضعيفة ، وخسارة التجارة والسياحة، وتضاؤل التحويلات المالية ، وتراجع تدفقات رأس المال، والظروف المالية المشددة وسط تصاعد الديون خلال السنوات المقبلة، ويتضرر مصدر الطاقة أو السلع الصناعية بشكل خاص. وأكد المحللين أن الوباء والجهود المبذولة لاحتوائه تسببوا في انهيار غير مسبوق في الطلب على النفط وانهيار أسعار النفط. كما انخفض الطلب على المعادن والسلع المرتبطة بالنقل مثل المطاط والبلاتين المستخدم في قطع غيار المركبات، في حين أن الأسواق الزراعية يتم إمدادها جيدًا على مستوى العالم، إلا أن القيود التجارية واضطرابات سلسلة التوريد يمكن أن تثير مشكلات الأمن الغذائي في بعض الأماكن. ووفقا لبعض التوقعات الاقتصادية فمن المرجح أن توفر أسعار النفط المنخفضة، دعم أولي مؤقت للنمو بمجرد رفع القيود المفروضة على النشاط الاقتصادي، حتى بعد تعافي الطلب، قد تفوق الآثار السلبية على مصدري الطاقة أي فوائد للنشاط في مستوردي الطاقة. و يوفر انخفاض أسعار النفط فرصة لمنتجي النفط لتنويع اقتصاداتها، بالإضافة إلى ذلك، قد يوفر الانخفاض الأخير في أسعار النفط مزيدا من الحرية لإجراء إصلاحات دعم الطاقة وتعميقها بمجرد انحسار الأزمة الصحية الفورية. وعلى مستوى الاقتصاد العالمي بشكل عام يرى الخبراء أن الدول عليها أن تتبع سياسات إعادة البناء على المدى القصير والطويل، وتعزيز الخدمات الصحية ووضع تدابير تحفيزية هادفة للمساعدة في إنعاش النمو، بما في ذلك دعم القطاع الخاص، والتركيز على استدامة النشاط الاقتصادي مع دعم الأسر والشركات والخدمات الأساسية. وتكثيف التنسيق والتعاون العالمي للتدابير اللازمة لإبطاء انتشار الوباء في الفترة المقبلة، والالتزام بالإجراءات الاقتصادية اللازمة للتخفيف من الضرر الاقتصادي، بما في ذلك الدعم الدولي، والذي يوفر أكبر فرصة لتحقيق أهداف الصحة العامة وتمكين الانتعاش العالمي القوي.