كثيرة هي الحكايا المأساوية التي خلفها قرار إغلاق الحدود البرية بين المغرب ومدينة سبتةالمحتلة بسبب جائحة كورونا منذ 13 مارس الماضي، لكن حكاية الزوجين الشابين محسن وسكينة قد تكون أكثرها غرابة، وذلك بعدما قرر الزوج أن يكسر حاجز الفراق مع زوجته وابنته الرضيعة التي لم يسبق له أن حملها بين ذراعيه، عن طريق السباحة نحو الجانب الإسباني من الحدود وهو ما أدخله وأسرته في دوامة من المشاكل لا حصر لها. ويوم الأربعاء الماضي قرر محسن المتحدر من مدينة الفنيدق والبالغ من العمر 26 عاما، ألا ينتظر أكثر بعد نحو 7 أشهر من إغلاق الحدود، وأن يقطع السياج الحدودي من مدينته إلى سبتة حيث توجد زوجته التي ولدت هناك، والتي عادت إلى المدينةالمحتلة في زيارة خاطفة قبل أن تفاجأ بإغلاق المعبر الحدودي في الوقت الذي كانت فيه في المراحل الأخيرة من الحمل، ما اضطرها إلى ولادة ابنتها هناك. ومنذ يوم الأربعاء لم تعرف أسرة محسن في الفنيدق ولا زوجته في سبتة ما حدث له بعد انقطاع أخباره، لتنطلق حملة بحث مضنية رجحت فيها العائلة أن يكون الشاب قد دفع حياته ثمانا لمغامرته المدفوعة بشوقه لزوجته وابنته، ورغم أن سكينة زارت أقسام الشرطة ومستشفى الصليب الأحمر ومستودع الأموات إلا أنها لم تعثر على أي طرف خيط. ولجأت الزوجة الشابة إلى صحيفة محلية بمدينة سبتة لعرض قصتها وصور زوجها لعلها تصل إلى نتيجة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى اكتشاف مفاجأة أخرى، فبعد نشر المعلومات عبر موقع الصحيفة سيعلن جهاز الحرس المدني يوم أمس الأحد أن عناصر البحرية التابعين له ألقوا القبض على الشاب فور وصوله إلى المدينةالمحتلة. هذا الخبر، بقدر ما أراح الزوجة بقدر ما أغضبها أيضا، "فكيف تصمت السلطات الإسبانية على أمر كهذا تاركة عائلة المعني بالأمر في حيرة من أمرها؟"، كان هذا هو السؤال الذي طرحته سكينة التي لم تُخف، خلال حديثها لصحيفة "إلفارو" المحلية، أنها تشعر بأن عناصر الحرس المدني تعامل معها ك"دمية"، كونها سبق أن ذهبت إليهم وأعطتهم صورة واسم زوجها وكل معلوماته دون جدوى. لكن المفاجآت لن تقف هنا، فالشابة ستكتشف أن زوجها سيحال على المحاكمة ليس فقط بتهمة الهجرة غير النظامية، بل أيضا بسبب العثور على مخدرات بحوزته، وهو الأمر الذي تقول الزوجة إنه ملفق، مستغربة كيف أن زوجها الذي لا يتكلم الإسبانية جرى استنطاقه ووقع محضرا بأقواله بل وحُدد له موعد للجلسة والمحامي الذي يدافع عنه فيها، في الوقت الذي فيه كانت أسرته لا تزال تبحث عنه معتقدة أنه قد مات، لتعلن أنها بدورها ستدخل معركة قانونية ضد السلطات الإسبانية.